الوصول للعالمية في وقتنا الحاضر له أساليب خاصة وشروط معينة وقوانين قد وضعتها بعض المنظمات الدولية - بحسب تخصصها - إضافةً الى إمكان الاستفادة من بعض التجارب الناجحة في كل مجال .. فلم تعد العالمية صفة ارتجالية يطلقها من يشاء على ما يشاء ، وإنما متى ما انطبقت على ذلك الشيء بعض المعايير استطاعت أن تحصل على هذه السمة ، ومن ثم تترتب عليها امتيازات واستحققات ..
فللتراث معايير عالمية وضعتها منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة .. وهناك تصنيف عالمي خاص باللغات وبالجامعات والأعمال الأدبية ومجالات الصحة والرياضة والماركات التجارية .. الخ
وكذا وضعوا أياماً وأعياداً عالمية لبعض المناسبات وبعض الموضوعات ، فهناك يوم عالمي للأم ويوم عالمي للمهندس وعيد للحب ..
وتتسابق بعض الدول الى هكذا تصنيفات عالمية في أمور لا قيمة لها ، كأعلى بناية وأكبر كعكة وأكبر سندويج .. وهكذا من أجل أن يكون لها قدم في الساحة العالمية تعود عليها فيما بعد بفوائد اقتصادية أو سياسية .. الخ
ولكن بالمقابل توجد تصنيفات جيدة يُحسن أن نضع لنا فيها رقماً إسلامياً معيّناً خاصة بعض الشخصيات والشعائر والمناسبات المحصورة ضمن نطاق ضيّق لم يطلع عليها العالم وإن اطلع عليها فبصورتها المشوّهة ، كالقضية الحسينية موضوع البحث .. فما دامت هذه التصنيفات تكون محلّ اهتمام عالمي ونافذة تطل على جميع الشعوب .. فلماذا لا نسعى الى تسجيل الزيارة الأربعينية مثلاً بشكل رسمي ضمن قائمة أكبر تجمّع بشري ، وأكبر عمل طوعي فيها ..!! وهل استطعنا أن نقدّم الإمام الحسين عليه السلام ضمن قائمة أكثر الشخصيات تأثيراً عبر التاريخ ..
هل استطعنا أن نقدّم واقعة الطف كرواية عالمية تنافس رواية ( البؤساء ) و ( مائة عام من العزلة ) ..!!
أذكر دائماً جواب المستبصر الشهير محمد التيجاني السماوي عندما زار مدينة السماوة قبل أعوام حين سألته عن نظرة الآخر لنا كمذهب فأجابني : [ الشيعة لا تجيد تصدير الحسين للآخرين ] ، وجوابه بصراحة يلامس الحقيقة كثيراً لأننا لا نطلّ على الآخرين من النوافذ التي يوجهون أنظارهم إليها ..
وثمة كلمة مشهورة وكانت متداولة كثيراً وهي للسيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره كما أظن يقول فيها : [ لا ينتشر الهدى إلا من حيث انتشر الضلال ] ، فلكل شيء معادله الموضوعي ، فعندما ننتقد كتب الضلال مثلاً علينا أن نقدم كتب هداية بوزن كتب الضلال ، وعندما ننتقد مسلسلاً تلفزيونياً معيّناً قد لاقى نجاحاً باهراً فالمفروض أن نقدم عملاً درامياً بنفس القيمة الفنية .. وهكذا ..
فمتى ما استطعنا تقديم القضية الحسينية كقضية عالمية في مجالات متعددة ( أدبية وتاريخية واجتماعية وكتراث عالمي وفي مجال حقوق الإنسان وكأعمال تلفزيونية ومسرحية عالمية .. الخ ) وكذا ( يوم عاشوراء كيوم عالمي للمظلوم مثلا ) نكون قد حققنا جانباً مهمّاً من شعار ( كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء ) أو ( لكل عصرٍ عاشوراء ولكل مصرٍ كربلاء ) ..
ختامها مسك
|