أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أول من أقامت مجلساً على سيد الشهداء قبل عودة الركب الحسيني الى المدينة، بعدما رأت تحوّل تراب القارورة التي أودعها عندها رسول الله الى دم عبيط.
كما أقامت السيدة زينب وسائر نساء الطف مجلساً بعد زيارة قبر الإمام في الأربعين، حيث لبثوا لثلاثة أيام يقيمون المآتم، وكذلك المجالس التي أقامتها بعد عودتها الى المدينة.
وأم لقمان بنت عقيل بن أبي طالب بعد وصول خبر شهادة الإمام الى المدينة، ومعها أخواتها: أم هانئ، وأسماء، ورملة، وزينب، بنات عقيل بن أبي طالب، وقد أقمن مجلساً للبكاء.
أما أم البنين فكانت تقيم مجلسها في بقيع الغرقد، تندب فيه بنيها وسيد الشهداء بأشجى ندبة وأحرقها، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها، ويبكون لبكائها.
إضافة الى أسماء بنت عقيل بن أبي طالب مع نساء المدينة، يقمن مجلسهن عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله يبكين ويشهقن ويندبن الإمام.
أما مجلس السيدة الرباب زوجة الإمام فكان لعامٍ كامل حتى جفّ ماء عينيها وعيون الهاشميات كما تذكر الرواية، وقيل أنها ماتت بعد هذه السنة!
المجلس الحسيني مدرسة لا ينفع معها التعلّم عن بُعد، وهو سماء تهطل روحانية لا توجد خلف الشاشات، وإرثٌ نسلّمه الى أطفالنا كي يدوم.
هذا الزخم والانتشار في المجالس يصنع هويتنا التي ينظر منها العالم إلينا ليتعرف على الإمام الحسين (عليه السّلام).
هذا الحضور ابتدأ به الإمام الرضا حديثه: «من جلس مجلساً يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.» [بحار الأنوار، ج١، ص٢٠٠]
المجالس هي إعلام النهضة الحسينية، وهكذا نوصلها للأجيال كما أوصلتها لنا تلك النساء العظيمات، لذا علينا إيصالها بأفضل ما يكون، بمظهرنا اللائق بالعزاء، بأخلاقنا مع الآخرين، بصدق حديثنا وآدابنا في المجلس.
|