• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : وجع التواريخ .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

وجع التواريخ

قراءة النهضة الحسينية عند عالم بمنزلة السيد هبة الدين الشهرستاني، رغم قدم الدراسة عام 1925 م ترينا أن الخلافة لا يمكن أن تقوم إلا لوحي، كونها أخت النبوة وشريكتها في التبعة والعهد والرياسة العامة، على اشتراط العدالة، وأما أن يشرع لنا وعاظ السلاطين بأن الخليفة هو خليفة الله وليس شرطا أن يكون صالحا عابدا، وليس المهم نجابته أو عدالته مهما كان ظالما جائرا، تلك هي محنة التواريخ. 
أبعاد شرط العدالة والاستقامة بقانون قبلي مقابل القانون الإلهي، ثار المهاجرون والأنصار ومسلمو مصر والأمصار على عثمان بن عفان، حتى كان أمر المحنة واستفحالها على يد مروان، وابتكار أحداث تخالف الكتاب والسنة، محنة التواريخ الحقيقية هي أن الناس قبلت بأمرة من لا يؤتمن على دين، كي يسير فيهم على الهدى والصلاح، فهل من الأمة مسلم حقيقي يقنع أن يزيد بن معاوية ممكن أن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هنا أصبح الأمر يسير على منحنين. 
 المنحى الأول... استحقاق الخلافة خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا تتم إلا بقبول الوحي الإلهي. 
المنحى الثاني... حفظ الدين  
هل من المعقول يقبل الحسين ع أن يكون يزيد ممثلا عن جده الأمين وخليفته في المسلمين. 
شيء لا يستطيع حمله صدر الحسين، وصبر الحسين طال أربعين عاما من إمارة معاوية  
يرى المؤرخين أن يزيد بن معاوية قد أوغر صدره على الحسين حسدا على قوة شخصيته وحزمه وحلمه ومحبة الناس له، بينما هو المرفوض من قبل أهل الحكمة، يروي التأريخ أن معاوية تذاكر يوما مع الناس في بيعة يزيد والأحنف بن قيس جالسا لا يتكلم، فقال مالك ألا تقول يا أبا بحر؟ 
- قال أخافك أن صدقت وأخاف الله أن كذبت. 
 يقول الحسن البصري موضحا الأمر، فقال أن محنة هذه الأمة اثنان عمرو بن العاص في التحكيم والمغيرة بن شعبة. 
فلنقف عند قضية المغيرة بن شعبة، كان الرجل عامل معاوية على الكوفة، عزله، فأبطأ عنه لما ورد عليه قال يحاسبه ما أبطأ بك؟  
- قال أمر كنت تهيؤه،  
- قال ما هو؟  
- قال البيعة ليزيد من بعدك. 
- قال أرجع إلى عملك فلما خرج سألوه من وراؤك،  
- قال وضعت رجل معاوية في غرز لا يزال فيه إلى يوم القيامة. 
أربع نقاط جوهرية من محور النهضة الحسينية  
أولا... أهلية يزيد بن معاوية للمخالفة وعدم أهليته لها، فقد امتلأت بطون التواريخ عن سوء سيرته وسريرته واجرامه، ولم ينل عهد ملكه بوصاية أو دراية ممن استحقها من قبل، فقد ابتز أبوه الإمارة.  
ثانيا... إن الحسين عليه السلام إمام المسلمين دون سواه. 
ثالثا... إنه مسبوق العلم بالقتل أن بايع أو لم يبايع. 
رابعا... تواتر الكتب من أهل العراق. 
وعدت نهضة الحسين عليه السلام بأنها قصة حجج بالغة تجاوزت عند أعداء الحسين مرحلة الحرب إلى حالة التشفي والانتقام وأخذ ثارات بدر وحنين 
إصلاح الأمة يتوقف على صلاح إمامها فمن أسوء الخيانات والجنايات ترشيح غير الأكفاء للرئاسة 
أي أمة اتخذت فاجرها إماما، وخونتها حكاما سرعان ما انقرضت ولا بد أن تنقرض، أفرط معاوية بن أبي سفيان بدس السم إلى صلحاء الصحابة فقد دس السم للإمام الحسن عليه السلام ولسعد بن أبي وقاص ومالك الأشتر، وحركة الحسين عليه السلام أولدت بركة في حركات الإصلاح. 
كحركة أبناء الزبير والمختار الثقفي وإبراهيم بن الاشتر وجماعة التوابين وزيد الشهيد والحسين بن علي شهيد فخ، كاد الشعور الإسلامي أن يموت 
نبه معاوية الناس إلى حب الجاه والمال والعائلات، حدوث نهضة تحمل عزة النفوس، وتحفز الضمائر للإخلاص، ضيقوا على الحسين سبل النجاة، ومنعوه من ورد الفرات، وقطعوا الرؤوس وداروا بها فوق الرماح، وسبوا صبيته ونساؤه في مشهد صعب أن يوصف 
لدراسة التأثيرات الروحية للحسين عليه السلام، أثر مجريات التاريخ فيما حدث مع أخيه الحسين عليه السلام، وتمنع بدسيسة مروانية جنازة أخيه من زيارة جده، وهما ريحانتاه، ويسمع سب أبيه وأخيه في العابر والمنابر ويرى سعيهم تحويل الإسلام من روح دينية عالمية إلى روح قومية ملكية، يزيد يعلم أنه أوغر صدر الحسين، حتى صار بركانا من الغيض وفوق ذلك يريد منه أن يبايع وأن يعترف به خليفة لمنبر جده وهذا من المستحيلات 
 اعتراف الحسين ع بخلافة يزيد يعني اعترافه بتساوي الفضيلة والرذيلة، استواء العدل والظلم، اتجاه الحق والباطل، البعض يقول ماذا لو استعمل التقية وصافح يزيد ليتقي شره، لاتقى ببيعته شر أمية، ونجا من مكرها 
بيعة الحسين عليه السلام لمثل يزيد غير جائزة، تظاهر الشريعة ولذلك تخلف عن بيعته سعد بن أبي وقاص، عبد الرحمن بن أبي بكر، عبد الله بن عمر، عبد الله بن الزبير، انكروا على معاوية استخلاف يزيد وامتنعوا عن البيعة 
 وأما الاحداث التي جرت بكربلاء ماهي إلا عملية ثأر مبيتة ضد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضد الإمام علي عليه السلام وهم صرحوا بأننا نقاتلك بغضا بابيك، وتلك هي محنة التواريخ.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=203363
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 05 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 24