الحبّ ليس دائمًا حكاية تُروى أو ذكرى تُسرد. أحيانًا، هو وطن، هو يقينٌ يسكن القلب فلا يغادر، وهو نبض لا يعرف السكون. أكتب عن الحسين، لا لأنّ الكتابة هواية، بل لأنّها شهادة. قلمي ليس أداة، بل شاهد صدق، كلّما خطّ حرفًا، نزف يقينًا، ونطق ولاءً، وسَكَب من قلبي ما لا يُقال، بل يُعاش.
حبّ الحسين ليس عاطفة عابرة، بل عقيدة تنبض، وشوقٌ لا يخبو، وجرحٌ لا يئنّ، بل يصبر. في حضرته، تسقطُ الحروف عاجزةً عن الوصف، وتبهت الكلمات أمام هيبة هذا الحبّ، الذي لا يُحدّ، ولا يُفسّر. هو شعور يسكنك، يوقظك من غفلتك، ويمدّك بطاقة لا يفهمها إلّا من ذاق حلاوة الانتماء.
كلّ نبضة في صدري تردّد: "لن أنسى"، وكلّ خفقة تهمس: "لن أميل". كيف أنسى من وهب دمه ليحيا الحق، ومن أضاء بموته درب الحياة؟ إنّه الحبّ الذي لا يُكتب بالحبر، بل بالنبض، بالحضور، بالتجلّي في كلّ موقف صدق.
حين أكتب عن الحسين، لا أُعبّر، بل أتطهّر. أحسّ أن حروفي تنبع من عمقٍ آخر، كأنّها لا تصدر عن قلمي، بل من نورٍ يسري في وريدي. إنّها ليست كلمات على ورق، بل ارتعاشة وجد، وارتقاء روح. وكلّما نطقت اسمه، شعرت أن في قلبي نورًا يزهر، وعطرًا من الطمأنينة يسري في أعماقي.
الحسين ليس ذكرى، بل حضور دائم في الوجدان. هو الطهارة حين تتجلّى، والثبات حين يزلّ الكثيرون. هو القوّة التي تُلهم قلمي، والدافع الذي يجعل من كلّ ألم قصيدة صدق. قلمي لا يُساوم، لأنّه عرف وجهته، وعرف لمن ينتمي.
يا حسين، ما أكرم حنين هذه العقيدة التي لا تعرف الاكتفاء،
وما أطهر هذا الحبّ الذي علّمني أنّ الكتابة، حين تتعلّق بك، تتحوّل من حروف إلى عبادة، ومن نصّ إلى دعاء.
|