• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سودان معاصر بعقلية الغنيمة لصالح من؟ .
                          • الكاتب : محمد الرصافي المقداد .

سودان معاصر بعقلية الغنيمة لصالح من؟

فيما تبدو الأوضاع في السودان ذاهبة إلى التفاقم والتقسيم، لأسباب عديدة غير خافية، منها ما هو متعلق بأوضاع السودانيين أنفسهم ومنها ما هو خارج عن نطاقهم، تعود المواجهات بين العدوّين اللدودين الجيش برئاسة (عبد الفتاح البرهان)، وقوات الدعم السريع، برئاسة (محمد دحمان دقلو) المعروف ب(حمديتي)، جناحيْ العسكر اللذين كانوا في خدمة السعودية والإمارات، خلال حرب التحالف العربي الموجّهة ضدّ حكومة صنعاء، وهي الحكومة اليمنية الشرعية، التي قامت بعد ثورة شعبية، على حكم علي عبد الله صالح، وبرهنت منذ سنوات على استجابتها لمطالب الشعب اليمني الثورية، وأكّدت منذ طوفان الأقصى، أنّها حاملة مسؤولية الانخراط الفعلي في مناصرة القضية الفلسطينية عسكريا وبقيت صامدة، شامخة شموخ الجبال الرواسي، لم تنثني حتى أمام الغارات الجوية الامريكية والبريطانية على مدن اليمن مواقع وموانئ.

تشكلت القوات العسكرية السودانية قبلها من القسمين المذكورين، الذين تحالفا من أجل اسقاط حكم الدكتور حمدوك المنتخب شعبيا، في أكتوبر سنة2021، وهي نفس القوات التي شاركت في العدوان على اليمن سنة 2015 من جانب الحدود السعودية، وقد صرح بذلك البرهان وحمديتي، ففيما أصدر الجيش السوداني بيانا يؤكد ذلك التورّط، أعلن حمديتي بأن السودان شارك في تلك الحرب الظالمة ب30 ألف جندي(1) وكانت تهدف اسقاط حكومة صنعاء بالقوّة، فلم تفلح في ذلك وقتل من الجانب السوداني ما قُتل، في صفقة بيع رخيصة، أبرمها كلا الرجلين على حساب الشعبين السوداني واليمني.

وفيما كان العالم يتابع انتصارات الجيش السوداني على قوات الدّعم السريع، بعد فكّ ارتباط التحالف الذي كان قائما بين الفريقين، عادت قوات الدعم من جديد لتفنّد مزاعم هزيمتها في العاصمة الخرطوم وتظهر من جديد منتصرة في إقليم دارفور المتنازع عليه، بما يؤشّر أنّ جولة جديدة من الصراع قد قامت بين الطرفين المتنازعين، وأنّ تدخلا خارجيا أسعف حمديتي وقواته، ليمنحهم فرصة جديدة في مواجهتهم، لقلب ميزان القوى لصالحهم، صراع يبدو أنّه سيطول حتما، بصيغة لا غالب ولا مغلوب، ما يفتح بابا جديدا لتقسيم اقليم دارفور فيكون لحمديتي وقواته، جزاء ما قدّموه للتحالف العربي في حربه على أحرار اليمن.

ومن المرجّح أن يكون لإسرائيل دور في هذا الصراع، على الأرجح أن تصطف إلى جانب أحد الطرفين حمديتي أو البرهان، ذلك أن السودان استجاب للرغبة الأمريكية في التطبيع مع الكيان، لعلّه طمعا فيما قد تخصصه من مساعدات، ولم يكن هذا من طبع الشعب السوداني الطّيب الوفيّ لمبادئه، خصوصا بشأن القضية الفلسطينية، لكنّ البلد ابتلي بحكام سيئين، غلبوا مصالحهم الشخصية المريضة على مصالح السودان، وماذا ينتظر السودانيون من حكام، ضحّوا بآلاف من أبناء الشعب في حرب (عاصفة الحزم)، من أجل حفنات من الدولارات؟

لم يتعظ السودانيون من اخطائهم القديمة التي أفرزت تصدعا في التركيبة الديمغرافية بين سكانه الجنوبيين الذين عاملهم الشماليون معاملة العبيد استغلها الغرب لنفصل الجنوب منه بما فيه من امكانات ومقدرات، فهذا اقليم دارفور الاقل حظا تتفاعل احداثه لتسفر عن تصدع جديد وانفصال اخر غربا، وبين هذا وذاك استجاب حكام السودان من العسكر - وعادة من يحكم السودان العسكر - فأبرموا تفاهمات عسكرية سرية، بموجبها أرسلوا عشرات آلاف من العساكر السودانيين، للقتال ضد ارادة الشعب اليمني، بعد ثورته التي نجح فيها، واقتلع بها جرثومة حكم عميل، تسبب في امتهانه وإذلاله، وهو شعب عزيز في دينه وتاريخه، يرفض البقاء تحت أيّ مسوّغ يدعوه للعيش فاقدا لكرامته وحرّيته.

صفقة ذهب ضحيتها آلاف السودانيين، الذين بقيت جثثهم حيث تركها السعوديون نهشة للذئاب والضباع، جريمة بحق أحرار اليمن، لا يمكن أن تنسى نظرا لمستواها المنحط في الغدر وقلة المعروف، وما كان ذلك من أخلاق ولا من تقاليد السودانيين في التعامل مع أشقائه فمالّذي دهاهم حتى يسقطوا كل تلك السقطة بين احضان المؤامرة على شعب يمني، لم يسئ الى السودان طوال تاريخه المعاصر في شيء ابدا؟

فهل تخلى السودانيون إلى هذا الحد من السقوط الاخلاقي والقيمي، عن طيب ما عرفوا به من رفعة أخلاق، لينخرطوا مع حكامهم العسكر في معترك الغنيمة؟

أبدافع مكر أم بدافع حاجة ذهبوا الى اقتراف ما اقترفوه من عدوان على شعب قرر ان يتخلص من عمالة وتبعية مقيتة؟

إن كان بدافع حاجة فالحرة تجوع ولا تأكل بثدييها وهذا من أضعف الإيمان، وإن كان بدافع مكر أريد للسودانيين أن يقعوا في مستنقعه، فالعتب ليس على من دفعهم إليه، لأن هؤلاء أرذل الخلق أصلا وعقلية وسلوكا، أسستهم بريطانيا ليتآمروا على بني دينهم وجلدتهم، إنّما من هم أحقّ باللوم السودانيون أنفسهم، لأنّه يبقوا أوّلا وأخيرا أصحاب الإرادة والقرار أيّا كان ذلك مستجيبا لأخلاقياتهم وأساليبهم لا يدفعهم إليها سوى مبدئيّاتهم التي يعيشون عليها.

ما يحصل هذه الأيام في السودان ينبئ بشر مستطير سيلحق مكونه العرقي، عدو السودان الأول قبل الغرب وعملائه في المنطقة، ليزيدوا من تفتيت أرضه وقبائله، ليسهل عليهم اختراقها كما تحلو لهم مصالحهم، والسودان مقبل على أوضاع متقلبة بين غريمين استبعدا مصلحته، فلم يعد يهمّ كل طرف منهم شيء من ذلك، سوى ما سيغنمونه من كسب عسكري على الميدان، فالسودان ذاهب الى تفتيت آخر، سيحوّله إلى ثلاث كانتونات متناحرة ( جنوب السدوان/ دارفور/ السودان الشمالي)، بعدما كان وحدة واحدة اسمها السودان

المصادر

1 –7 سنوات على مشاركة السودان في حرب اليمن .. الجنرالات الرابح الوحيد

https://www.noonpost.com/43659/




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=202659
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 05 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 05 / 5