كانت السياسة من أقسام الفلسفة العملية ، حيث كانت الفلسفة عند القدماء تنقسم الى النظرية وتشمل ( الطبيعيات والحساب والميتافيزقيا ) والعملية وتشمل ( الاخلاق وتدبير المنزل وتدبير المجتمع ) .. وتدبير المجتمع هي السياسة ..
والفلسفة لا تتعامل مع العلوم الاعتبارية وإنما مع القضايا الحقيقية ، فالقانون الاعتباري هو ناتج من جعل الجاعل ، أما الحقيقي فهو قانون له واقع خارجي ، فهو يُكتشف ولا يتم إنشاءه وصياغته ..
وعليه .. نفهم أن السياسة لها قوانينها الحقيقية والعقلية التي لا يمكن أن تتخلف او تختلف ، وما دام كذلك فإننا لا ننتظر من أي جهة تشريعية ، وضعية كانت أو سماوية أن تضع وتجعل وتعتبر لنا قوانين السياسة - الأساسية - بقدر ما تقوم بالتبيين والهداية والإرشاد نحو طرقها ومسالكها الصحيحة وتهذيب الغريب منها وتشذيب زوائدها الطارئة .. الخ
ثم أنها ما دامت كذلك فهي اذن تكليف اجتماعي عقلي قبل أن تكون تكليفاً شرعياً أو وضعيا ، فهي من واجبات الشعوب وتكاليف المجتمعات بما هي مجتمعات ، فالتجمعات البشرية لا بد لها من إدارة وتدبير وتنظيم للأمر ..
نعم .. هذا الواجب العقلي العام يحتاج الى من ينهض بحمله ويقوم بأدائه ، لأن إدارة أمور المجتمع بالتالي تقوم بجماعة وثلة من المجتمع ..
والإسلام هو دين العقلانية ودين الحقائق الكونية ، فأحكامه المجعولة والمعتبرة لا تخالف القوانين العقلية والحقيقية والكونية بحال ، وإن كانت هناك مخالفة فلا بد من طرح ذلك الحكم لأنه يعارض بالتالي قطعاً تشريعياً وتكوينيا .. بل أكثر من ذلك ، كل احكام الأسلام جعلت على أساس مجتمع منظم وله إدارة وسياسة صحيحة ومحكمة ، فأحكامه الاجتماعية والعامة أكثر من الفردية .. ولا نتوقع إسلاماً كاملاً بلا دولة ..!
يبقى السؤال : من هي الجماعة التي تتولى هذه المهمة ، وهل للإسلام دخل في تعيينها .. ربما يأتي
|