إن لم تتعرق الورقة لهيبة ما نكتب ، فلا داعي أن نكتب ، وكل شيء في عالم الإبداع له مكانته حتى الصخرة ، عليها أن تعرف معناها الحقيقي ،ومن الصخر ما يحمل مراسم القوة التي لا ندرك مغزاها ،كنت أسأل نفسي دائماً من يا ترى هو الذي أكتشف القوة في الحجارة ليصوغ منها الفلسطينيون راجمات أرعبت اليهود ؟ وكيف للحجر أن يحمل تاريخاً بعمق أمة؟ وكنت دائماً أعود كئيبة لأني أعجز عن الأجوبة التي تحيرني حد الذهول ،إلى أن إلتقيته ، ليقول لي :ـ هذا الصخر الذي أرادواه أن يحجر حريتي و يبقيني تحت نير عبوديتي ، يستصرخني للنهوض،
:ـانهض بلال ..انهض احمل جرحك فيك وأطلق صرختك من لهيب الصخر.. أحد ــ أحد... انهض بلال وإذا بي يا ابنتي أصير هوية ... تعلم الناس كيف يصبروا و يصابروا و يصوغوا من حنجرتي ذاك المدد الإلهي أحد أحد.... سأهبك يا ابنتي حكمتي زوادة لطريقك البعيد ، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يمتاز برأفة لا مثيل لها ومن شدة حرصه علينا منحنا الرخصة أن ننكر هذا الإنتماء الإلهي ، لنتخلص من التعذيب ،كنت أدرك لحظة التعذيب تلك الرحمة التي تحمل أساي و جراحي ، لكنها ليست حرب جسد، مولاي يا رسول الله صلى الله عليك وعلى أهل بيتك و معناك ، أنا حملتها في داخلي حرب أمان ، والنصر فيها إن أخرج من تلك المآسي، أحمل عذاباتي هوية انتماء ، :ـ أنا هاي بلال المؤمن الذي دحر العبودية ولا عبودية إلا لله، لم أرتد عن ديني حتى لو عبر كلمة لسان لا تمس قلب المؤمن، والفارق أني خرجت من وجع الصخرة ، أمتلك يقين حريتي التي كانت أكبر من أحلامي نفسها ،علمني الإسلام أن القوة في القلب وليس في الجسد ،وهذا هو اليقين يا ابنتي... لا أستطيع أن أفسر لك الأمور كلها ... طريق الموت هو الذي أخذني إلى سبل الحرية ، هذا هو اليقين يا ابنتي ....كانوا يريدون إهانة صوتي الجميل ، ليكون نديم عبوديتي ،يجلل ليلهم بالمتعة فصار صوتي دليلاً ليقظة أمة ، هذا هو الفرق بين الإسلام والكفر.. إن كنت أسوداً ليكن صوتي أبيض ، ليكون الطهر لوني
:ـ سيدي يا رسول الله لا أريد الهجرة الى الحبشة، مهما امتلكت الأمان ، لأنها تبعدني عن المواجهة ، عن لذة التحدي، عن الصرخة ، أريد أن أبقى هنا لتردد حنجرتي أغنى مفردات العالم ، أتعرفين ؟... إنني كنت أشعر بقوة حريتي بانسانيتي، بمعناي، وأنا أنادي الله أكبر_ الله أكبر هي التي أنصفتني في حياتي بدعوة نبي كريم ،الله أكبر عوضت حرماني وسنوات السلب واليتم والقهر، حين استحكمت الهجرة إلى المدينة، حملت معي روحي ونداء الله أكبر ، خرجت أحمل في القلب دين الله ومحبة رسول كريم ، شعرت بأن رحلتي إلى الله سبحانه تعالى ، استل من حنجرتي صرختي المدوية
( أشهد أن لا إله إلا الله) تستجيب الصخرة للنداء وتردد معي (أشهد أن محمداً رسول الله) وقلوب قريش تخاف و ترتجف من ( الله أكبر)
:ـ أنا بلال... بلال الحبشي الذي جعلتموه عبداً ، هو اليوم الدليل إلى الصلاة ، امتلكت انسانيتي صار هذا النداء لي الوطن والحلم وجائزة عظيمة ووجدان أمة تنقاد عند مرابع وجدي ،حين يعانق صوتي نداوة الكون ورحمة رب كريم تباركني ، كل شيء في ينادي( الله أكبر) كنت أشعر لحظتها أن الأرض لا تتسع لطموحي وإنما أريد أن يحلق النداء إلى السماء ليفترش الجنة بعبير الصلوات، أعتقد أنك فهمتي الآن يا ابنتي... كيف نصوغ من الصخرة الصرخة لنصل بهذا النداء إلى اليقين.
|