يتمتع الأستاذ عبد الرزاق الحكيم بموهبة التأثير على ذهنية المخاطب، بشكل يجعلني أتذكر أغلب المواضيع التي كان يديرها في حواره، رغم أن تلك الحوارات مر عليها زمان طويل فهي منذ عام 1978م
كربلاء مدينة التاريخ والتراث والآثار والوقائع والمزارات والمقامات، سألته يوما عن مقام السبايا في عين التمر، لأتأكد من حقيقة المقام التاريخية، وهو العاشق المخضرم لتلك المقامات فأجابني:
ـ المقام يتحدث عن استراحة السبايا في تلك الأرض وهم يدخلون أو ربما يخرجون من كربلاء، فالموقع له مميزات الاتصال بالشام وبالمدينة، نزلوا في منطقة تسمى اليوم (خسيف) وهي قرب قرية (المالح) وللمقام حضور تاريخي وشهادات تدل على وجود هذا المقام منذ تاريخ واقعة الطف العظيمة.
لم يكن عمله التربوي يتضمن متابعة منهجية لمثل هذه المقامات لكن العشق بتاريخ المدينة، بتاريخ أهل البيت عليهم السلام، بكربلاء العظيمة، جعل له اهتماما واسعا بمتابعة كل شيء يخص كربلاء.
قال الأستاذ أن مدينة عين التمر فيها الكثير من المقامات، مثل مقام الحسن بن علي بن أبي طالب، ومقام دوسة الإمام علي، ومقام حوض الإمام علي، ومقام علي بن الحسين زين العابدين، مقام السبايا ومزارات أخرى، أغلب تلك المقامات كان عمرانها قديما، عبارة عن حجرات وعليها قباب صغيرة خضراء ورايات فوق المقام، وعند المداخل تعلق صورة لزيارة المقام، منها ما يخص زيارة الإمام زين العابدين عليه السلام، ومنها ما يخص السيدة زينب عليها السلام، وتنشر رايات السود عند مقدمة كل ذكرى، مقامات جذبت اهتمام الموالي الحسيني، والمواكب الحسينية إلى اهميتها، لذلك أجد بعض المواضيع تنشر اليوم لأكاديميين يشككون في وجود هذا المقام الحقيقي، مما شجع بعض المنحرفين عن الولاء الحسيني أن ينكر أساسا سير السبايا، أو قضية السبايا برمتها، قد يكون للأكاديمي حق في البحث عن المصادر التاريخية، أما في موضوع المقامات هناك أمر آخر.
كان الأستاذ عبد الرزاق الحكيم يشخصه بالإرث المنقول والذاكرة الشعبية، أهل عين التمر يعرفون المقام وتوارثوا حكاياته من جيل إلى جيل، قد يكون لأثر السلطة الرسمي الحكومي دور في إهمال هذه المقامات خوفا على تهديمها، لذلك ظهرت بعد 2003م بقوة وأصبحت شعيرة من الشعائر الحسينية، وتحضر الكثير من المواكب الحسينية، حتى يبلغ عدد الزوار بعشرات الآلاف من جميع محافظات العراق.
يقع مكان مقام زين العابدين عليه السلام عند مدخل مدينة عين التمر والطريق الذي سلكته سبايا الإمام الحسين عليه السلام بعد مقتله.
منطقة خسيف هي منطقة صحراوية على مسافه 5 كيلو عن مركز القضاء ويؤكد الكثير من رجال المنابر على وجود آثار أقدام أطفال وحوافر الخيل التي بقت إلى يومنا موسمة على صخرة تلك المنطقة، تروي الأهالي أن أجدادهم كانوا يرون حكايات عجيبة، فهم كانوا يسمعون أنين الأطفال وصهيل الخيول، والشيء الذي نريد تسليط الضوء عليه، إن هناك إعلام مكثف لزيارة المقام كشعيرة حسينية، لكن لا يوجد إعلام حول المقام نفسه متى أنجز بناء المقام، تاريخ عمرانه، مراحل التطوير، وذلك يعني أننا نوجه الأنظار من خلال استذكارنا للأستاذ عبد الرزاق الحكيم إلى البحث في تاريخ المقام لتكون الناس على بينة.
|