• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : السيد الخوئي وقيادة الصبر الحسني .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

السيد الخوئي وقيادة الصبر الحسني

 
      يستوقف الباحث في السير المرجعية بعض الأمور التي قد تمر على المتلقي دون أن تثير انتباهه ،وعند قراءتي في سيرة آية الله السيد أبو القاسم الخوئي (طاب ثراه) وجدت جرحًا غائرًا في قلبه ، صاحبه إلى القبر ، الرجل الذي حمل الصبر والمعاناة أثرا يذكر التواريخ بشجاعته ومواجهته لأشرس الطغاة ، جرحته رسالة، وصلت إليه من عابث ، وقد احتفظ بها في جيب سترته الداخلية يحملها معه أينما ذهب و أوصى أن تدفن معه الرسالة حيث كانت الرسالة تشكك في نسبه الشريف، وتتهمه بأنه ليس من  عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد آلمته كثيرًا إلى درجة كان يردد معها إنه يريد أن تدفن الرسالة معه ليريها إلى جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وجدته فاطمة الزهراء عليها السلام ليشتكي عندهما عظيم هذا الجرح ،التأمل في هذا الحدث يأخذنا أولًا إلى اعتزاز السيد الخوئي بنسبه الهاشمي ثانيًا يبين الأساليب المؤذية التي استخدمها البعث ورموزه  الهزيلة ، من أفضل منجزات السيد الخوئي هو المحافظة على استقلالية الحوزة واستمرار الدور التاريخي الذي سعت السلطة إلى سلبه و الحصول على تأييد المرجعية لمواقفها و حروبها ورفض إصدار فتوى ضد إيران وتأييد حرب صدام ضد إيران وغزو الكويت ؛ لذلك واجهته السلطة بعنف ، له ولأهل بيته ، أنجاه الله سبحانه بأعجوبة من عدة محاولات ومنها تفجير سيارته ، فنجا ولده السيد جمال الدين من محاولة قتل حيث اقتحم رجال الأمن داره ،غادر أثرها الى سوريا وإيران ، اعتقلت السلطة مجموعة كبيرة من رجال الدين ومن تلاميذه، واعتقلت الحكومة عدد كبير من أتباعه .
 ومن سيرته  الذاتية، ولد الإمام الخوئي عام 1899م في مدينة خوي من إقليم أذربيجان ،والتحق بوالده آيه الله السيد علي أكبر الموسوي إلى النجف الأشرف وانضم إلى المعهد العلمي الحوزوي وهو ابن 13 سنة، بدأ بدراسة علوم العربية والمنطق والاصول والفقه ،كان منهجه العلمي مناقشة جميع الأدلة ثم يستنبط النتيجة ، درس في علم الرجال (الجرح والتعديل) واستنباط المسائل الإسلامية جميعها في كتابه معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواد ،وله جهد كبير في التفسير وعلوم القرآن وضعها في مقدمة تفسير (البيان في تفسير القران) وجمع من حوله طلبة العلوم الدينية و الأساتذة اللامعين ، ينتمون إلى بلدان العالم المختلفة و أسس مدرسة فكرية خاصة ذات معالم واضحة من علوم الفقه والتفسير والفلسفة الإسلامية والبلاغة واصول الفقه والحديث ونال درجة الإجتهاد في فترة مبكرة من عمره الشريف، شغل منبر الدرس لفترة تمتد إلى  أكثر من 70 عامًا ،ولقب بأستاذ العلماء و المجتهدين ، ألف عشرات الكتب في شتى الحقول العلمية، وتوسع إهتمام السيد الخوئي ليشمل الحوزات العلمية في كل المدن العراقية و الإيرانية وباكستان والهند وتايلند وبنغلاديش ثم أفريقيا ثم أوروبا و أمريكا ، أمر بأنشاء عشرات المدارس العلمية التي أصبحت مراكز للتعليم والتعلم في بلاد كثيرة ،بلاد الهند وبنغلاديش مدرسة صاحب الزمان في بنغلاديش مدرسة  أهل البيت في بنغال الغربية مدرسة أمير المؤمنين التي تعد نموذجًا للحوزات العلمية مدرسة الإمام الباقر عليه السلام والمدرسة الإيمانية و الحوزة العلمية في حيدر أباد بالإضافة إلى كثير من المدارس المنتشرة في أنحاء البلاد الهندية التي أنشأت بأمره ، وفي أمريكا الشمالية ، و أنشأت أكبر مدرسة علمية في العالم الشيعي أجمع مركز الحوزة في الوقت الحاضر وفي لبنان كان له مشروع كبير مبرة الإمام الخوئي دار الأيتام تضم أكثر من الف ومائتين يتيم يعيشون منعمين بوسائل الراحة والرعاية وكان سباقًا لإغاثة المنكوبين في أي بقعة من بقاع الأرض ،ويسكنها أتباع أهل البيت و يتوطن فيها التشيع،  كان السيد طودًا شامخًا أمام الظالم الطاغية الذي حاول بكل وسائل الضغط و الايذاء أن ينتزع منه ولو كلمة واحدة لصالح نظامه، فلم يفلح و انتصر الصبر الحسني الراسخ للإمام رضوان الله عليه تعالى، وكان جهاده كبيرًا في لبنان وفلسطين يجذب باستمرار أعمال أعداء الإسلام وفي أثناء غزو الكويت عام 1990م أمر وكلائه في قائمة كافة البلدان احتضان أبناء الكويت ورعاية شؤونهم وعوائلهم مصدر فتواه الشهيرة الغزو الغاشم بحرمة الإستفادة والبيع والشراء من مسروقات الكويت توفى سماحة السيد وشيع لمأواه الأخير بعد منتصف الليل وغسله وكفنه السيد محمد مهدي الخرسان وصلى عليه تلميذه البار السيد علي السيستاني مع مجموعة من محبيه و واروه  الثرى قبل طلوع الشمس ، ولم يكتف نظام الطاغوت بموته ، فكانت آخر الأعمال الإجرامية بحق الإمام الخوئي بعد وفاته غلق أبواب مسجده جامع الخضراء و مقبرته أمام المصلين والزائرين واغتيال نجله العلامة الشهيد محمد تقي بحادث سير مدبر على طريق كربلاء ،و كأن كل ما عمله الحزب في حياته من أذى لم يكن كافيًا ليطفئ غل الطاغية و أعوانه فذهب إلى الله سبحانه وتعالى يشكي جور الطغاة وترك لنا درسًا من أهم دروس الصبر
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=202052
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 04 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 20