منهج تعود عليه أعداء أهل البيت عليهم السلام، الصاق التهم بالناس بدل أن يكافح الفكر الفلسفي الوافد، وراحوا يغرفون الأساس على أساس طائفي مذهبي عنصري، الذي نريد أن نعرفه ما هو شعار الزندقة الذي ظهر إلى الوجود في هذه الفترة الزمنية التي عاشها الإمام الصادق عليه السلام، فما هو شعار الزندقة؟ وماهية انتمائهم؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ اتخذت السياسة العباسية شعار الزندقة لمحاربة خصومها والغاية اشغال الأمة بهذه الفلسفة المستحدثة والصقوا بالمعارضين السياسيين الكثير من التهم الباطلة
ورد في كتاب مروج الذهب للمسعودي، إن المهدي العباسي قد أنشا ديوانا خاصا للبحث عن الزنادقة والتفتيش عنهم وعهد به إلى رجل أطلق عليه اسم صاحب الزنادقة، أسلوب التهديد والوعيد والقسوة يزيدهم عنادا ويجعلهم يتمسكون بآرائهم، واجههم الإمام الصادق عليه السلام بحوار هادئ جاد.
يقول الأستاذ محمد جواد فضل: ـ الأسلوب الذي اعتمده الإمام الصادق عليه السلام المناظرة الهادئة والحوار الموضوعي الذي يعتمد البساطة في تقريب الفكرة والسعي للرجوع بالإنسان إلى الفطرة، كان ابن أبي العوجاء هو من يحاور الإمام الصادق عليه السلام والمعروف عنه سلاطة لسانه وسوء أدبه وفساد عقيدته ومحاوراته موثقة، فكان يعتمد على عنصر الإثارة وكان يخاصم من أجل الخصام
ونقل الكليني في الكافي محاوراته عليه السلام، انطلق الإمام عليه السلام بالتوكيد على الرؤية القلبية لله من خلال ذات الانسان، غزا الضمير الداخلي الخصم وسيطر على مكنوناته الفكرية، ويذكر الكليني نهاية حواره بعد عام حين تتجدد الحوار دون أن ينتفع الخصم من علم الإمام نفض ردائه الإمام عنه وقال لا جدال في الحج، إن يكن الأمر كما تقول وليس كما نقول لقد نجوت ونجونا وإن يكن الأمر كما نقول وهو كما نقول فقد نجونا وهلكت.
صدى الروضتين:
ـ وما شأن المذاهب الكلامية التي ظهرت في عصر الإمام الصادق عليه السلام؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ كان عصر الانفجار الثقافي، اتسعت مدرسة الكلام تطورت مناهجها ونهضت الطوائف الإسلامية بمهمات الاحتجاج والمناظرة، الصراعات العقلية هي من أفعال السياسة كونها تصب لصالح الأنظمة الحاكمة، ذكر المسعودي نموذجا لهذه الظاهرة، نحن الشيعة لا نتفق مع هذه المصطلحات، المهم يذكر المسعودي كان اليمان بن الرباب من علية علماء الخوارج، أخوه علي بن رباب من علية علماء الشيعة الرافضة، يجتمعان في كل سنة ثلاثة أيام يتناظران ثم يفترقان ولا يسلم أحد على آخر ولا يخاطبه، وكذلك جعفر بن البشر من علماء المعتزلة وأخوه حنش من علماء أصحاب الحديث حشوي وكانت بين عبد الله بن يزيد الأباضي وهشام بن الحكم علاقة عمل وهو المقدم في القول بالإمامة، رحب السلاطين بهذا الانشقاق الكلامي ورحبوا وشجعوا على استثماره في هيكل الأمة.
صدى الروضتين:
ـ هل يمكن معرفة الأسلوب الفكري الذي يشتغل عليه الإمام الصادق ونجح أن يجمع الأمة، رغم اختلاف الرؤى؟
الدكتور محمد حسين الصغير:
ـ أولا علينا أن نعرف أن اعتبار الإمام الصادق عليه السلام الأستاذ الأكبر لعالم الحوار العقائدي، فما أخذ من أحد قط وأفاد منه كل أحد، وهو وأن حرم من موقعه السياسي لكنه لم يحرم من موقعه القيادي للأمة، وكان لا بد أن يجمع هذه الأمة تحت راية القران الكريم والأطراف السياسية والكلامية والاجتماعية، تدرك هذه الريادة والإصابة لسد تلك الثغرات المستجدة، وكان الإمام الصادق بطل هذا الالتفاف، أما الخط العام في العمل لدى الإمام هو التجرد الفكري لا يرد سائلا ولا يتعصب لشيء سوى الحق لكونه حقا، وهو يعالج بوعي متكامل شتى مسائل التوحيد والايمان والعقائد والرؤى التشريع بأسلوب متميز يحقق وضوح الرؤية، وسلامة البيان، ومرونة العرض، صار مرجعا يستند إلى أطروحته في دلائل التوحيد وفلسفه الأحكام وعلل الشرائع ومسائل الاعتقاد، لا يجرح أحدا ولا يدفع السائل إلا إذا كان متعنتا لا ينفع الحوار معه
يقول الاستاذ عبد الرحمن الشرقاوي كان الإمام الصادق عليه السلام يرى أن واجب المسلم أن يؤمن عن اقتناع وتدبر وتفكر واهتم بعلوم الطبيعة والكيمياء والفلك والطب والنبات والأدوية، وآمن بالتجربة والنظر الفعلي والجدل طريقا إلى الإيمان، ولا يقيم مناظرة من أجل العناد وطبيعة الجدل، ويذكر التأريخ لنا محاورة عمر بن ابن عبيد وهو من رؤساء المعتزلة، سأل سؤالا باحثا، قرأ للإمام عليه السلام قوله تعالى ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ النساء 31 فقال أنا أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله سبحانه وتعالى؟
قال الإمام عليه السلام، أولا.. الشرك بالله (﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾
ثانيا.. الياس من روح الله( ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ﴾ [ يوسف: 87
*
ثالثا.. عقوق الوالدين لان العاق جبار شقي(وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا)مريم 32
*
رابعا ..وقتل النفس (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾النساء: 93
*
خامسا.. قذف المحصنات (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذابا)النور23
*
سادسا..وأكل مال اليتيم( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا )النساء10
*
سابعا....ـ والفرار من الزحف (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)الانفال16
*
ثامنا ...وآكل الربا (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) البقرة 275
*
تاسعا ..السحر ( وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشتراه مَا لَهُ في الاخرة مِنْ خلاق)بقرة 102
*
عاشرا ...الزنى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا)الاسراء 32
*
احدى عشر ..اليمين الغموس(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .)آل عمرن 77
*
اثنى عشر....والغلول( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة )آل عمران:
161
*
الثالث عشر... منع الزكاة (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)، (التوبة: 34، 35)
*
الرابع عشر ... شهاده الزور (والذين لا يشهدون الزور) الفرقان 72
*
الخامس عشر... كتمان الشهادة ( ومن يكتمها فانه آثم قلبه ) البقره 283
*
السادس عشر .. شرب الخمر لقوله عليه السلام( شارب الخمر كعابد وثن)
*
السابع عشر .. تارك الصلاة لقوله عليه السلام من ترك الصلاة متعمدا فقد برء من ذمه الله وذمه رسوله
*
الثامن عشر ..التاسع عشر ( الذين ينقضون العهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض اولئك هم الخاسرون ) البقره 27
*
العشرون ...قول الزور(واجتنبوا قول الزور ) الحج 30
*
الحادي والعشرين.... والجرأة على الله( فامنوا مكر الله فلا يؤمن مكر الله الا القوم الخاسرون) الاعراف 99
*
الثاني والعشرين... كفران النعمة( ولئن كفرتم ان عذابي لشديد ) ابراهيم 7
*
الثالث والعشرين.. وبخس الكيل والوزن( ويل للمطففين ( المطففين 1
*
الرابع والعشرين.. اللواط (والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش) الشورى 37
*
الخامس والعشرين .. البدعة لقوله عليه السلام من تبسم في وجه مبتدع فقد اعان على هدم دينه
قال فخرج عمر بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول هلك من سلب تراثكم ونازعكم في الفضل والعلم
|