• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حجية السنة النبوية وحفظها من القرآن الكريم .
                          • الكاتب : يقين محمد .

حجية السنة النبوية وحفظها من القرآن الكريم

للسنة النبوية مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي ، فهي الأصل الثاني بعد القرآن الكريم ، والتطبيق العملي لما جاء فيه ، وهي الكاشفة لغوامضه ، المجلية لمعانيه ، الشارحة لألفاظه ومبانيه ، وإذا كان القرآن قد وضع القواعد والأسس العامة للتشريع والأحكام ، فإن السنة قد عنيت بتفصيل هذه القواعد ، وبيان تلك الأسس ، وتفريع الجزئيات على الكليات ، ولذا فإنه لا يمكن للدين أن يكتمل ولا للشريعة أن تتم إلا بأخذ السنة جنبا إلى جنب مع القرآن ، وقد جاءت الآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة آمرة بطاعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، والاحتجاج بسنته والعمل بها ، إضافة إلى ما ورد من إجماع الأمة وأقوال أهل البيت (عليهم السلام) في إثبات حجيتها ووجوب الأخذ بها. 

وبكل بساطة تكمن حجيتها لأن القرآن الكريم نفسه يقول : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) {سورة الحشر، الآية ٧} 

ويقول تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)..

{سورة النساء، الآية ٥٩} 

ويقول تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا)..

{سورة الأحزاب، الآية ٣٦} 

وقال تعالى : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)..

{سورة النجم، الآية ٣} 

فالقران امرنا بالاخذ بسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والكثير من الآيات.

 *تعذر العمل بالقرآن وحده* 

ومما يدل على حجية السنة - من حيث النظر - أنه لا يمكن الاستقلال بفهم الشريعة وتفاصيلها وأحكامها من القرآن وحده ، لاشتماله على نصوص مجملة تحتاج إلى بيان ، وأخرى مشكلة تحتاج إلى توضيح وتفسير ، فكان لا بد من بيان آخر لفهم مراد الله ، واستنباط تفاصيل أحكام القرآن ، ولا سبيل إلى ذلك إلا عن طريق السنة ، ولولاها لتعطلت أحكام القرآن ، وبطلت التكاليف .

قد وَكَلَ الله تعالى إلى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) مهمة البيان للقرآن ، فقال عز وجل : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) {سورة النحل، الآية ٤٤} 

وقال: ( وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) {سورة النحل، الآية ٦٤} 

فقامَ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك خير قيام : يُفَصِّلُ مُجْمَلَهُ ، ويُقَيِّدُ مطلقه ، ويشرح ألفاظه ، ويُوَضِّحُ أحكامه ومعانيه ، فكان هذا البيان منه (صلى الله عليه وآله وسلم) هو سُنَّتَه التي بين أيدينا .

ولما كان هذا البيان منه (صلى الله عليه وآله وسلم) بياناً لكتاب الله ، فإنه كان مؤيداً في ذلك من الله عز وجل ، وكانت سُنَّتُه وحياً من عند الله ، كما قال سبحانه وتعالى : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى) {سورة النجم، الآية ٣} 

فإن الدليل على حفظ السنة النبوية يكمن في حاجة القرآن الكريم الماسة لبيان السنة النبوية، وعدم القدرة على تمام فهم كتاب الله العزيز فهمَه الضرورى والواجبَ إلا بها، مما يُوجِبُ حِفْظَ السُّنة؛ لكى يتمَّ بها فَهْمُ القرآن الكريم.

إذ من المعلوم أن القرآن إنما أنزله ربنا عز وجل لنفهم معانيه ولنتدبره، كما قال تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ) {سورة ص ، الآية ٢٩} 

 وقال سبحانه (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ) 

{سورة النساء ، الآية ٨٢} والمقصود من التدبر هو: فهمه بعمق كبير، لاستخراج حِكَمِه وشرائعه، للعمل بأحكامه، والاهتداء بنوره، وعبادةِ الله تعالى وَفقَ مراده سبحانه.

والوصول إلى الفهم الصحيح والعمق المطلوب فى إدراك معانى كتاب الله تعالى لا يمكن الوصول إليه بغير السنة، ويدل على ذلك أمور، تدل على الحاجة الماسة على السنة من أجل بيان القرآن وفهمه، وهى أمور ثلاثة :

الأول: القرآن الكريم نفسه: 

فقد بيّنَ لنا ربنا عز وجل أن بيان القرآن وتفسيره موكولٌ إلى النبى صلى الله عليه وسلم ، وأن ذلك التفسير والبيان هو أعظم وظيفة للنبى صلى الله عليه وسلم ، ولأجل ذلك أنزل الله تعالى عليه القرآن ليبلغه حروفًا ومعانى ويبين للناس حدودَ ما أنزل الله. وذلك كله فى قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) {سورة النحل ، الآية ٤٤} . وفى قوله سبحانه (إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِى اخْتَلَفُوا فِيهِ) {سورة النحل ، الآية ٦٤} 

فهذه الآيات تبين أن فَهم القرآن لا يمكن بغير بيان النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأن معرفة مراد الله عز وجل من كتابه العظيم لا يتمّ إلا بالتفسير النبوى لها، فدل ذلك على وجوب حفظ السنة؛ لأن فهم القرآن لا يحصل بغير حفظ السنة.

فعلى كل من آمن بالقرآن أن يؤمن أن بيانه محفوظ؛ لأن القرآن نفسه بيّنَ أن بيانه موكولٌ إلى السنة، فضياع هذا البيان سيعنى العجز عن فهم القرآن، والعجز عن فهمه يعنى ذهاب أثره وغياب هدايته.

بل منطوق هذه الآية الكريمة (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) {سورة النحل ، الآية ٤٤} يقول: لقد أنزلنا القرآن عليك يا رسولنا لكى تُبيِّـنَـهُ للناس، وهذا الترتيب قد يُلقى فى الأوهام (قبل التأمُّل ) أنّ بيانَ السنة هو الأصل الذى نُزِّلَ القرآنُ لأجله !! إذ لو أراد البشر أن يُعبِّروا عن العلاقة التفسيرية للسنة بالقرآن، لجاء تعبيرهم المباشر الصريح بنحو قولهم: «إنما جاءت السنة لكي تُفَسِّرَ القرآنَ وتُبيِّنَهُ», فيكون بَيِّنًا بهذا الترتيبِ البشرى والتعبيرِ الصحيح للمخلوقين أن الأصل هو القرآن، وأن السنة ما هى إلا الفَرْع والتَّبَع التالي للقرآن فى القَدْرِ والأهمية. لكنّ إعجازَ كلامِ الله تعالى اكتفى لتقرير هذا الأمر الذى لا يحتاج إلى بيان (وهو أن القرآن هو الأصل) بإشارة دلالتين: الأُولى: تخصيصُ الذِّكْر (وهو القرآن) فى هذا السياق بكونه هو المُـنزَّل، والثانية: بأنه هو المبـيَّنُ المفسَّر ، والمبيَّـنُ فى العادة هو الأصل، وأما الشَّرْحُ فهو في العادة حاشيةُ الأصل وفَرْعُه. 

الثاني: ضرورة الرسالة توجب حاجة القرآن لبيان النبى صلى الله عليه وسلم .

لا يشك أحد، ولا يختلف اثنان: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذى أُنزل القرآنُ عليه هو أعلم الناس بمعانيه، فهذا لازم كونه رسولَ الله ، والمبلِّغَ عن الله ، والهادى إلى رضوان الله عز وجلّ.

فإذا كان (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم الناس بالقرآن ، وأدراهم بمراد الله فيه، فلا بد أن يفسره لأصحابه ولأمته من بعدهم، ولا بد أن يكون تفسيره هذا من أعظم مهامّ نبوته، ومن أجلِّ وظائف رسالته. واعتقاد ضياع هذا البيان أو عدم تمييز صحيحه من ضعيفه يعنى أننا فقدنا ثمرةً من أعظم ثمار النبوة، وأضعنا وسيلة أصيلة لا يُستغنى عنها من وسائل فهم القرآن الكريم.

الثالث: جمع القرآن للمعانى الكثيرة فى الألفاظ اليسيرة، وشموله لكل هداية، وصلاحُه بهذا الاختصار الشديد لكل زمان ومكان، كل ذلك يدل على حاجته الماسة للبيان.

إن دستورَ أمةٍ فى كل شئونها، كبيرها وصغيرها، ثم يكون فى كتاب واحد، كالقرآن الكريم - سيكون من الضرورى بيانه، أو بيان مفاصل الحكم فيه وقواعد شرائعه فى أقل تقدير. 

وما اختلاف الناس فى تفسير القرآن الكريم وتعدُّد أقوالهم فى فهمه، وتباينهم فى إدراك معانيه؛ إلا أحد ما يدل على أن القرآن الكريم لا يستغنى عن التفسير.

ومع هذه الحاجة للبيان لا يمكن أن لا يكون النبى (صلى الله عليه وآله  وسلم) قد فَسَّرَه وَبَيَّنَه؛ لأن بقاءه (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاثةً وعشرين عامًا فى بيان حقيقة الإسلام وتوضيح معالم أحكامه ستكون أحسنَ شرحٍ للقرآن، وأقطعَ قولٍ لمواضع النزاع فيه. 

فهذه الأدلة اليقينية الثلاثة الدالّة على ضرورة تفسير السنة للقرآن تُوجب ضرورةً حِفْظَ هذه السُّنة؛ ليصحَّ بلاغُ القرآن إلى البشر، ويتمَّ قيام الحجة عليهم به، إلى قيام الساعة؛ إذ بغير حفظ السنة: أنَّى لمؤمنٍ بالقرآن أن يدّعى أنه عاملٌ به مصدِّقٌ بخبره، وهو مضيِّعٌ لمعانيه، مسيءٌ فَهْمَ مراميه؟!!

ولذلك قلنا فى فاتحة هذا الدليل: حاجة القرآن الكريم الماسة لبيان السنة النبوية، وعدم القدرة على تمام فهم كتاب الله العزيز فهمَه الضرورى والواجبَ إلا بها. مما يُوجب حِفظَ السنة؛ لكي يتم بها فَهْمُ القرآن الكريم.

ولنختصر أدلة حفظ القرآن بستة نقاط كالآتي : 

١- أن حفظ السنة من لوازم شهادة أن محمدًا رسولُ الله.

٢- أن أركان الإسلام (بعد الشهادتين)، وعلى رأسها ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وغيرها من أصول الأحكام: لا يمكن التعرُّف عليها، ولا أداء واجب الله تعالى فيها؛ إلا بالسنة. مما يُوجب اعتقادَ حِفْظِ قَدْرٍ من السنة (في أقل تقدير)، وهو هذا القَدْرُ الذى يُبيِّنُ كيف نُقيمُ المباني العِظامَ من ديننا وأصول أحكامه.

٣- حاجة القرآن الكريم الماسة لبيان السنة النبوية، وعدم القدرة على تمام فهم كتاب الله العزيز فهمَه الضروري والواجبَ إلا بها. مما يُوجِبُ حِفْظَ السُّنة؛ لكي يتمَّ بها فَهْمُ القرآن الكريم.

٤- تَعَـهُّدُ الله تعالى بحفظ القرآن الكريم فى كتابه بقوله سبحانه (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) {سورة الحجر ، الآية ٩} ، هو تَعَـهُّدٌ بحفظ السنة؛ وحفظ معانى القرآن لا يتمُّ إلا بالسنة (كما سبق)، وحفظ القرآن لا يتحقَّقُ إلا بحفظ ألفاظه ومراد الله منها معًا.

٥- أمْرُ الله تعالى بطاعة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتحذيره عز وجل من معصية رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإيجابه تعالى الرجوعَ إلى سنته، وحثُّه سبحانه على التأسّى به، وثناؤه جلّ ذِكرُه عليها ووصفها بالحكمة - كل ذلك مما يُوجب حفظَ السنة؛ لأن ضياع السنة لو تمَّ، لكانت تلك الأوامر الإلهية والنصوص القرآنية متعذِرةَ العمل، والتكليفُ بها تكليفًا بما لا يُستطاع، وستكون من قبيل اللغو الذى يُقرأ ولا علاقة لنا بمعناه ولا نلتزم شيئًا من هداه !! وهذا طعنٌ فى القرآن يُوجب الكفر به، واعتقادٌ ينافي الإيمانَ به.

٦- كانت السنة النبوية مصدرًا للتشريع فى زمنه (صلى الله عليه وآله وسلم) 

لو انك فهمت ان السنة النبوية واجب اتباعها بدليل القرآن الكريم وان هي محفوظة من الله تعالى فلك إن تكمل تتمة المقال لتعرف ان ليس فقط كلام الرسول واجب اتباعه بل حتى كلام أهل البيت (عليهم السلام) وان كلامهم أيضًا محفوظ من الله سبحانه وتعالى.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=196093
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 09 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15