لا ريب في ان البكاء على الإمام الحُسين (عليه السلام) أمر قرأني وروائي، وفي ذلك الصدد نركز البيان من القرآن الكريم والمصادر السنية لنلقم حجرًا في فم المخالف.
البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام)
قص لنا القران الكريم قصة النبي يعقوب واولاده وحزنه وبكاءه على يوسف الى حد العمى بل ان اهله واولاده قد اشكلوا عليه وقالوا انك تلقي بنفسك الى الهلاك فاجابهم انما حزنه وبكاءه على يوسف شكوى الى الله عز وجلّ.
(قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ) {سورة يوسف، الآية ٨٥}
فالبكاء بحد ذاته امر مشروع بل اعتبره النبي يعقوب قربة وشكوى الى الله وابداء للمظلومية
فقولهم ان البكاء والحزن على فراق او فقدان شخص امر محرم وغير جائز فنده القران الكريم بل دحضه واقر بحليته.
إن من جملة مظاهر التقوى، ما تناولته الآية الكريمة المشار اليها: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) {سورة الحج، الآية ٣٢}، فالذي يعظم شعائر الله، يكون بالضرورة حاملاً لملكة التقوى في نفسه، كون شعائر الله - تعالى- تمثل علائم وطرقاً تهدي الانسان الى الله - تعالى- كما هي الشعائر المذكورة في القرآن الكريم، بخصوص مناسك الحج، وكما هي ايضاً؛ المسجد، فهي شعيرة من شعائر الله، فاذا كان المسجد او الصفا والمروة، وهي من الجمادات، لها هذه القدسية والمنزلة حتى باتت من شعائر الله - تعالى- فان الامام الحسين، عليه السلام، وهو سبط رسول الله، خاتم الأنبياء، وكان في يوم عاشوراء، آخر ابن بنت نبي في الارض، لهو جديرٌ بأن يكون خير الشعائر الإلهية، لما يمتاز به من تجسيد للقيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، وكل ما جاء به الأنبياء وما دعت اليه السماء.
لنذكر مثال حول حلية البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) من الروايات السنية صحيحة السند :
أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة بسند صحيح (قال حدثنا أحمد بن إسرائيل قال رأيت في كتاب أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله بخط يده نا اسود بن عامر أبو عبد الرحمن قثنا الربيع بن منذر عن أبيه قال كان الحسين بن علي يقول من دمعتا عيناه فينا دمعة أو قطرت عيناه فينا قطرة اثواه الله عز وجل الجنة). المصادر : ( فضائل الصحابة للإمام أحمد - الجزء : ( ٣ ) - رقم الصفحة : ( ١٣٢ ) ، ذخائر العقبى - رقم الصفحة : ( ١٩ ).
مع ما تقدم نذكر خاطرة بليغة لأحد القسّيسين المسيحين يقول : لو كان الحسين لنا، لَرفَعْنا له في كلّ بلدٍ بَيْرقاً، ولنصَبْنا له في كلّ قريةٍ مِنْبراً، ولَدَعْونا الناس إلى المسيحيّة باسم الحسين.
ومن مصادر السنة أيضًا بكاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، كما في (المستدرك على الصحيحين)، أورده الحاكم النيسابوري بإسناده عن أُمّ الفضل بنت الحارث: (أنّها دخلت على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم), فقالت: يا رسول الله! إنّي رأيتُ حلماً منكراً الليلة.
قال: وما هو؟
قالت: إنّه شديد.
قال: وما هو؟
قالت: رأيت كأنّ قطعة من جسدك قُطعت, ووُضعت في حجري.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): رأيت خيراً، تلد فاطمة - إن شاء الله - غلاماً, فيكون في حجرك.
فولدت فاطمةُ الحسينَ، فكان في حجري, كما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فدخلت يوماً إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم), فوضعتُه في حجره، ثمّ حانت منّي التفاتة، فإذا عينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يا نبيّ الله, بأبي أنت وأمّي, ما لك؟
قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخبرني أنّ أُمّتي ستقتل ابني هذا. فقلت: هذا؟
فقال: نعم, وأتاني بتربة من تربته حمراء).
قال النيسابوري عقيب الخبر: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) المستدرك على الصحيحين ٣: ١٧٦ فضائل الحسين بن عليّ.
وللقارئ يمكنه متابعة بقية علماء أهل السنة بهذه المقام، وبضم هذه الأقوال مع ما تقدم يظهر الصبح لذي عينين.