تضارب أقوال المسؤولين الأمريكيين والصهاينة، حول الضربة المهزلة التي حاولت توجيهها القوات الصهيونية إلى إيران، حفظا لماء وجه حكومتهم، التي لم يبقى لها في الحقيقة ماء وجه يحفظ، بعد جرائم الإبادة التي ترتكبها قواتهم، المدججة بأحدث وأعتى الأسلحة الأمريكية، الشريكة الفعلية في كل الجرائم المرتكبة في غزة، فآخر ما تفتقت به ذهنيّة الأمريكيين، أن (الصواريخ الروسية، عجزت عن صدّ الهجوم الصهيوني على إيران)، وكأنّه هجوم حقيقي ترك أثرا دالا على فعالية الرّدّ الصهيوني المهزلة، ولسان حال ما وقع هو مجرّد إيحاء باهت بأنّه وقع ردّ من الجانب الصهيوني، ولكي يكون العمل مؤيّدا بالتصريحات الأمريكية، وموثّقا بدلائلها الوهميّة أثارت مسالة الصواريخ الدفاعية الروسية، متجاهلة الوسائل الدفاعية الإيرانية ومنظومتها (باور 373 Bavar)(1) المتفوّقة على المنظومة الروسية اس اس300، وحتى على الباتريوت الأمريكية، ومن الغباء العسكري والسياسي الأمريكي، أن يتصدّى بعضهم للتعليق على ما روّجوا له، بأنّه هجوم صهيوني على الداخل الإيراني أصفهان وناطنز تحديدا، ردّا على إيران في هجومها على القاعدتين الصهيونيتين.
يبدو أن الملياردير صاحب منصّة التواصل الاجتماعي إكس، (إيلون ماسك) ذو النزعة الصهيونية المتاصّلة فيه، أخذه التعاطف مع الكيان الغاصب، فقام بزيارة إلى فلسطين المحتلة، متضامنا مع حكومته، في القضاء على حركات المقاومة في غزّة وعلى راس قائمتها حركة (حماس) ولا تبدو حركة الجهاد الإسلامي مستثناة من الاستهداف الأمريكي الصهيوني الغربي، ولو على حساب المدنيين الغزّاويين، والمجازر التي ترتكب هناك يوميا، من طرف القوات الصهيونية، ليست ضمن اهتماماته، لكنّه في المقابل، غرّد بلين ودهاء سياسي، على الصواريخ المتبادلة بين إيران و(إسرائيل)، فكتب إن الصواريخ يجب أن توجّه للفضاء، وليس لقصف الدول بعضها لبعض (2) ليخجل ماسك وغيره من ادعياء الإنسانية من مواقف غير مشرّفة تصدر منهم مخالفة لأقوالهم، ويعجزون عن تبريرها.
ولا يعسُرُ على قارئ ما وراء المعاني والمقاصد، أن يفهم بسهولة، الفشل الذريع الذي منيت به عملة الرّدّ على حقّ الردّ الإيراني، على استهداف قنصليتها في دمشق، كما قال معلقون على الهجوم الصهيوني المترقّب على ايران: ( تمخّض الجبل فولد فأرا)، كتب وزير الأمن القومي الصهيوني (ايتمار بن غفير)، في تغريدة له على (اكس) كلمة واحدة، أن الهجوم على إيران كان(مهزلة)، مما اثار غضب وسخط الحكومة الصهيونية على تعبيره، الذي أثار من ناحية أخرى سخرية واسعة النطاق، من طهران إلى واشنطن.
حسبما نقل موقع (واينت) الصهيوني عن الوزراء الحكومة الصهيونية، اعتبروا أن (بن غفير) تسبب في أضرار كبيرة لإسرائيل، وأن سلوكه صبياني وغير مسؤول، وأضافوا أنّ الرجل يهلوس. وكتب زعيم المعارضة في الكنيست الإسرائيلي (يائير لابيد) عبر منصة (إكس): لم يحدث من قبل، أن يتسبب وزير في المجلس الوزاري الأمني المصغر، بمثل هذا الضرر الجسيم لأمن البلاد وصورتها ومكانتها الدولية (3).
هذا الفشل وهذا الإضطراب والكبير الذي داهم الحكومة الصهيونية بجميع أجهزتها، وانتقل هذا الخلل إلى الناطقين باسمي الحكومتين الأمريكية والصهيونية، ومنه سقط على صهاينة العالم في الغرب سقوط الصاعقة، حيث أدرك منهم من أدرك، أنّ حقيقة ضعف الكيان الصهيوني وعجزه عن مجاراة المواجهة بينه وبين إيران، أعطى انطباعا بدأ يترسّخ في النفس أن أنفاسه أصبحت معدودة، بعد فضيحة الردّ التي لم يكن أحد من جانب الكيان وانصاره يتوقع، أن يكون بهذا المستوى من الفشل الذريع، خصوصا وقد جاء في بيان الجانب الإيراني، أنه لم يستعمل في هجومه الذي قامت به قواته يوم سوى أسلحة معروفة ومستهلكة، في اثبات منه بأنّه اكتفى بذلك النوع من الرّدّ، كأنّه اختبار أيضا للمنظومات الدفاعية الصهيونية والغربية، الملتزمة بالدفاع عن أجواء فلسطين المحتلة، وهذه رسالة مفتوحة المقصد استوعبها جيدا الكيان ومن معه.
من جانب آخر فقد قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الجمعة، تعليقا على "ضربة أصفهان"ما حدث الليلة الماضية لم يكن ضربة.. لقد كان أشبه بالألعاب التي يلعب بها أطفالنا - وليس طائرات بدون طيار". وذكر أمير عبد اللهيان، في مقابلة أجرتها معه شبكة (إن.بي.سينيوز NBC News): "إذا أرادت إسرائيل القيام بمغامرة أخرى، وعملت ضد مصالح إيران، فإن ردنا التالي سيكون فوريا، وعلى أقصى مستوى".(4)
من هنا نستخلص الآتي:
- نجاح ايران أوّلا في هجومها الذي جاء ردّا على جريمة قصف قنصليتها في دمشق، وقد قام الكيان الصهيوني والاعلام الأمريكي الخاضع له الاعلام العالمي بالتعتيم على الهجوم، واظهاره هجوما فاشلا لم يسفر عن تحقيق شيء، بينما ظهرت بعد ذلك مؤشرات تؤكّد الإصابات الدقيقة التي لحقت بالموقعين المستهدفين داخل الكيان، والمعنيين بالهجوم على القنصلية الإيرانية.
- نجاح ايران ثانيا في صدّ الهجوم الصهيوني على مناطق حيوية داخل ايران واسقاط دفاعات ايران الجوية لجميع الاجسام المهاجمة، وهذا ما اربك الأعداء وجعلهم يصفون الهجوم بالمهزلة، فلا معنى للمقالة الامريكية بأن الصواريخ الروسية عجزت عن صدّ الصواريخ الصهيونية، وهي ليست سوى تعبير كاذب.
- فشل القبّة الحديدية في اعتراض الصواريخ الإيرانية واصابة عدد مهمّ منه أهدافها، فتح ثغرة في أجواء القواعد الصهيونية ومناطقه الحساسة كمخازن الأسلحة ومنها الاستراتيجية، لا يمكن سدّها، خصوصا مع تحالف الدّول التي اشتركت في اعتراض موجات المسيرات والصواريخ الإيرانية، من الأردن ومن البحر الأبيض المتوسط.
- فشل الصواريخ والمسيرات الصهيونية في بلوغ أهدافها داخل ايران، يؤشّر الى تماسك وقوّة المنظومات الدفاعية الإيرانية ونجاحها في اعتراض هجمات الأعداء واسقاطها جميعا، ما يعطي بعدا معنويا وثقة كبيرين، لأجهزة الدفاع الجوّي في سماء إيران، ويزيد من عزم الخبراء الإيرانيين على بذل مزيد من الجهود في تمتين هذه الشبكة المهمّة من الدفاع الجوي.
وهنا نطرح السؤال التالي: ماذا لو استعملت القوات الإيرانية صواريخها الاستراتيجية الفرط صوتية، كيف سيكون حال الكيان الصهيوني بمعسكراته ومخازن أسلحته؟ بالتأكيد سيكون الوضع مختلفا والوضع كارثيا لا يمكن وصفه ولا تقدير أضراره وخسائره، وهذا أساسا ما يرعب أعداء إيران، وطالما عملوا سابقا على السيطرة على برنامجها الصاروخي، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا، وهذا عامل آخر يضاف إلى قوة وصمود ونجاح إيران عسكريا وسياسيا.
المصادر
1 – منظومة باور 373 للدفاع الجوّي https://ar.wikipedia.org/wiki/
2 – بتغريدة و"صاروخ".. ماسك يعلق على الضربة الإسرائيلية لإيران (msn.com)
3 – "الرجل يهلوس".. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأن ضرب إيران
https://arabic.rt.com/world/1557693-
4 – إيران لإسرائيل: ردّنا التالي سيكون على أقصى مستوى (msn.com)
|