• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : الانتخابات البرلمانية .
                    • الموضوع : الأنتخابات العراقية ما بين الوعي الجماهيري والثقافة السياسية .
                          • الكاتب : مصطفى خورشيد المندلاوي .

الأنتخابات العراقية ما بين الوعي الجماهيري والثقافة السياسية


في يومٍ من الأيّام أراد الشعب العراقي أن يتخلص من الظلم والفقر الذي يعيشه ومرارة الحياة الذي يتذوقونه دومًا بسبب السبات الذي هم فيه فحاولوا أنْ يضيفوا شيئًا حلوًا لمرارة حياتهم ويتخلصون من هذا الواقع المُرّ الذي هم فيه ، الّا انّ هذا الواقع لوقعته الشديدة وقوة تأثيره قد ثبّت جذوره واصبح من الصعب قلعه والتخلص منه فتحول الى سمٍ قاتل يقتل بالعراقيين طيلة هذه السنين ، فأستفاق العراقيون من هذا السبات واخذتهم الصحوة من هذا الواقع الذي عصف بهم وببلدهم الى نفق مظلم يصعب الخروج منه مع وجود نور ساطع في نهاية هذا الظلام الدامس!

فقرروا محاربة هذا الواقع المتمثل لهم بنفق اظلم وحاولوا محاولة جريئة كانت اقوى واشد من المحاولات السابقة ولم يكن لها نظير ! الّا انّ هذا الواقع لجبروته أستخدم ادواته الماكرة وكلّ سُبل المتاحة للتخلص من بصيص الامل و هذا النور الموجود في نهاية النفق المظلم الى الأبد! ، بالمقابل كان للعراقيين كلمةٌ أخرىٰ فقرروا أن يستمروا في حفر هذا النفق المظلم للوصول الى ذلك النور الساطع المأمول له بالرغم من سقوط بعضهم! ، لأنّ منهم كان ينظر الى غشاوة هذا النفق المظلم بخلاف اولئك الذين كانوا ينظرون الى النور الساطع الموجود في نهايته.

هذا النفق المظلم الذي في نهايته نور ساطع قد سُفكت دماء فيه وزُهقت ارواحٌ وذُرفت دموعٌ و عجّت اصواتٌ بسببه حتّى أقتربوا الى ذلك النور المأمول له عدة خطوات وأحدى هذه الخطوات هي #الانتخابات_المستمرة ، ويوم 2021/10/10 هو اليوم الذي أقرّوه أنْ يحصل فيه الانتخابات العراقية والتي ستكون أشبه بالمصيرية ! ، اذ انّ الشرق الاوسط قد تَبين معالمه وسير احداثه وظروفه بأنتخابات بلدان مهمة والتي تلعب دورًا بارزًا في تسير احداث المنطقة والتحكم بظروفه كأنتخابات ايران وامريكا واسرائيل وسوريا وروسيا حيث تحددت شخصيات هذه المنطقة واصبح واضحًا كيف سيكون سير احداثها وظروفها للسنوات القادمة ، وبقي انتخابات العراق هو العامل الابرز الذي سيزيد وضوحًا لوجهة هذهِ المنطقة -الشرق الاوسط- وهو الذي سيكمل السلسلة المعقدة ، فالعراق هو العامل الحساس والمحرّك الاول لأحداث الشرق الاوسط وبأستقراره تستقر المنطقة برُّمتها وبأشعاله تشتعل المنطقة !.
نعم الانتخابات العراقية مهمة جدًا واهميتها ليست على مستوى داخلي فحسب ، بل على مستوى دولي وأقليمي ايضًا ، وعليه لابد أنْ تؤخذ الانتخابات العراقية بمحمل الجد وتكون محط اهتمام العراقيين لذا وددنا أنْ نتناول هذا الموضوع المهم وفق رؤية الشعب العراقي لها ، وتوضيح وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي يستند اليها بعض افراد هذا الشعب ، ولا ندعي الأعلمية في هكذا مواضيع الّا اننا ارتأينا أنْ نناقش هذا الموضوع الحساس بأسلوب التنقيط لوضع النقاط على الحروف لذا نقول :

• أولًا/
أنّ فشل الحكومات السابقة التي لم ترث سوى البؤس وفقدان الأمل في نفوس العراقيين جعلت من بعضهم يرتأون بأنّ مقاطعة الأنتخابات هو الحل الامثل ! ، وهؤلاء لا يدرون أنّهم قد زادوا الطين بلّه بهذه الخطوة ! ولتوضيح ذلك نضرب مثالًا ونقول : أذا اراد شعبًا محاربة عدوٍ له يملك اسلحة فتاكة فهذا لن يكون بيدٍ عارية او بـ عصا ! لأن العدو سيمحيه خلال فترة قصيرة ليست بطويلة وعليه لابد أنْ يكون محاربة هذا العدو بنفس المنطق وهو السلاح ! كي تكون المعادلة متزنة ومتكافئة وذات الحال بالنسبة لهذه الأحزاب البائسة اذ أنّ اساس الدولة وايدلوجيتها قائمةٌ على هذه الاحزاب ، وعليه فمحاربتها يكون بنفس المنطق ، اي بتشكيل احزاب جديدة بشخصيات نزيهة وشجاعة وكفوءة وترشيحها للفوز والدخول الى قبة البرلمان فتكون عائقًا امام أمانيّ تلك الاحزاب البائسة و سكينًا حادًا لقطع اياديها السارقة لحقوق الشعب والموزعة مغانمه فيما بينها وهذا هو الحل الامثل والانسب ، وهناك طريقة اخرى وهو انتخاب عددٍ من شخصيات جديدة نزيهة وشجاعة وكفوءة للصعود في تلك الاحزاب الفاسدة فتكون هذه الشخصيات ادوات حرب داخلية تحارب وجوه الفساد الموجودة داخل هذه الاحزاب الفاسدة ، وهذه الطريقة الثانية يمكن اللجوء اليه في حالة عدم توفر عدد مناسب من احزاب جديدة ، وبمنظوري كلتا الطريقتين مطلوبتان لتجنب اطالة هذه الحرب اكثر من قدره وتجنب عامل الوقت الذي لا يرث سوى البؤس والقنوط وخيبة امل !.

• ثانيًا/
أنّ غالبية الشعب العراقي يعطون مقامًا اكبر من حده للشخصيات المعوّلة عليها في محاربة الفساد ! ، اي انّهم يعطون الناخب مقام وزير او رئيس وزراء وينتظرون منه التغير الجذري خلال دورة انتخابية واحدة ! ، وانْ لم يتحقق ذلك فهذا يعني انّه قد فشل ! ، اقول انّ هذا الناخب هو بمثابة وصيّ لك تجعله ممثلًا عنك في قبة البرلمان -انْ فاز بالاصوات المطلوبة- لأيصال صوتك وطرح ملفات التي يفتقر اليها الشعب العراقي كملف الكهرباء او الماء وهكذا باقي الملفات #تدريجيًا وهذا يكون من خلال ترشيح قدر ممكن من شخصيات نزيهة وشجاعة وكفوءة لا بالمقاطعة فتدبر !.

• ثالثًا/
انّ فشل الحكومات السابقة وتراكم مشاكلها جعلت من العراقيين يصرّحون بفشل الحكومة الجديدة القادمة ! ، ولا أدري علامَ استندوا في ذلك؟ وبأي منطق صرّحوا ؟ فهذا غير منطقي او عقلاني ولكثرة شيوع هذه التصريحات والاقاويل البائسة والسلبية جعلت انفسهم و الآخرين انْ يخضعوا لها و يصدقوا بها ! ثم يتخذون من مقاطعة الانتخابات البديل المناسب ! ، اقول لكي نكون واقعيين ومنصفين فليست كل الاحزاب حاوية على شخصيات فاسدة بشكل مطلق ، بل لقلة وجود شخصيات صالحة ونزيهة وكفوءة جعلت من هؤلاء دون المستوى المطلوب وسط الوجوه الفاسدة و هذا بسبب الذين يقولون بمقاطعة الانتخابات ومؤيديها.

• رابعًا/
أنّ الله(عزّ وَجلّ) خلق هذا الكون وفق نظام الاسباب والمسببات بناءًا على المعطيات الظرفية فتكون النتيجة وفق تلك المعطيات ، وعليه فأنّ نتيجة عزوب عن الأنتخابات ومقاطعتها لا يُمكن أن تساوي نتيجة المشاركة في الأنتخابات لأنّه يخالف المنطق العقلي وكلٌّ منهما له نتيجته الخاصة ، والذي لا يُحرّك ساكنًا -المقاطع للأنتخابات- لن يحصل على هدفه المنشود والغاية المبتغاة بخلاف الذي يتحرك -المشارك في الأنتخابات- ويعمل جاهدًا للوصول للشيء الذي يريده.

• خامسًا/
قال لقمان العراق الساكن في احدى زوايا النجف الاشرف مناشدًا العراقيين في خطبته يوم الجمعة الموافق (2019/12/13) :
{ايها العراقيون الكرام ، إنّ أمامكم اليوم معركة مصيرية أخرى، وهي (معركة الإصلاح) والعمل على إنهاء حقبة طويلة من الفساد والفشل في إدارة البلد، وقد سبق أنْ أكّدت المرجعية الدينية في خطبة النصر قبل عامين (انّ هذه المعركة ـ التي تأخرت طويلًا- لا تقلّ ضراوة عن معركة الارهـ1ب إنْ لم تكن أشد وأقسى، والعراقيون الشرفاء الذين استبسلوا في معركة الارهـ1ب قادرون ـ بعون الله تعالى ـ على خوض غمار هذه المعركة والانتصار فيها أيضاً إن #أحسنوا_ادارتها)}
فالمرجعية الدينية العليا تدرك أنّ معركة الأصلاح -كمّا سمّتها هي- أشد وأقسى من معركة الأرهـ1ب خصوصًا الأرهـ1ب الد1عشي الذي انتهى قوّته بـ 3 سنوات ونصف تقريبًا ! ، ومعركة الأصلاح لا تقل ضراوة عنها لذا فأنّ هذه المعركة المصيرية -معركة الأصلاح- قد يطول سنينًا مضاعفة وعليه فأننا نقول -ولا نريد بعث اليأس والقنوط- أنّ الحكومة القادمة من الدورة الأنتخابية الآتية لن تُحدث معجزة خلال فترة محدودة وعلى المواطنيين العراقيين أنْ يفكروا بشكل منطقي وعقلاني وينظروا الى تراكم مصائب الحكومات السابقة و أننا نحتاج الى عدة دورات انتخابية حتى نتمكن من خوض غمار هذه المعركة لسنوات عديدة دون كلل او الملل ، ولا يصح للحكومات الجديدة اختلاق حجج واهية في أداء وظيفتها ومهمتها المكلفة بها بسبب الحكومات السابقة بل كل شيء يكون في ميزان عادل ومنصف.

• سادسًا/
أنّ خوض معركة الأصلاح وترقب نتائجها يعتمد على عوامل اساسية ثلاث (هرم الاصلاح) وهو : ((الوعي والثقافة السياسية ، المشاركة الفعّالة في الأنتخابات ، الصبر ثم الصبر ثم الصبر فوق صبرهم)) وبفقدان احدى هذه العوامل التي لا يمكن أنْ تنفك عن بعضها سيهدم هرم الأصلاح ويعقّدها فوق عُقدتها ، لذا يكون المشاركة في الدورة الأنتخابية القادمة بنوعها الجديد والمختلف عن سابقاتها لزامًا كفائيًا وبحسب الظروف المحيطة بالبلد وما يرتأيه المواطن العراقي من وجود مصلحة للخروج بهذا البلد من الغرق الذي يلوحه.

• سابعًا/
قال لقمان العراق في خطبته يوم الجمعة الموافق (2019/11/15) :
{إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه #وحده ، والعراقيون هم من يتحملون اعباءها الثقيلة ، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرفٍ خارجي بأي اتجاه ، مع أنّ التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة ، بتحويل البلد الى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية واقليمية يكون الخاسر الاكبر فيها هو الشعب}
وما ادق هذا الكلام الواضح ، لذا على العراقيين أنْ يعوا حجم المهمة المكلفة لهم والمناطة بهم ويكونون قدر المسؤوليّة الواقعة على عاتقهم ، وعلى الذين يفكرون من العراقيين بأنّ نجاة العراق يكون على يد طرفٍ خارجي فهو واهم وعليه أنْ يغيّر من سطحية هذا التفكير المفتقد للرؤية الواضحة ويدرك أنّ هذه المهمة من مختصاته وحده فقط !.

• ثامنًا/
حقيقة الكلام الشائع في مواقع التواصل (المجرب لا يُجرب) نقول أنّه لم يصدر هذا الكلام من المرجعية الدينية العُليا وما ورد على لسان وكيل المرجعية السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة الموافق (2014/8/29) كان خطابًا للكيانات السياسية وليس لجمهور الناخبين وهذا نصّه :
{نحثّ الكيانات السياسية المشاركة في الحكومة أنْ لا تجازف بإعطاء المواقع الوزارية أو غيرها الى من لم يقدّمْ خلال الفترات السابقة خدمةً للشعب ، بل تفسح المجال لمن تتوفر فيه المعايير السابقة فإنه : "مَن جرّب المجرّب حلّت فيه الندامة"} ، ومعنى ذلك هو عدم اعطاء المواقع الوزراية لمن شغلوها سابقًا ولم يقدموا شيئًا للشعب ! ، وامّا انتخاب الناخبين الجدد او السابقين الذين قدموا ما كان واقعًا على عاتقهم -أنْ وجد- فهو مطلوب ومرغوب فيه اذ ليس من المنطق ازاحة من كان خادمًا للشعب !.

• تاسعًا/
قال لقمان العراق على لسان وكيله الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة الموافق (2014/4/5) :
{إنَّ الإنتخاب الصحيح يعتمد على ركنين أساسيين كما بيّنا سابقاً ، إختيار الشخص المرضي والقائمة المرضية معاً ، لايكفي أن يكون المرشح مرضيًا لدى المواطن ولكن قائمته غير مرضية أو العكس كما تؤكد المرجعية الدينية العليا على عدم التأثر بالولاءات العشائرية والمناطقية او الحزبية او العاطفية التي تتعارض مع هذه التوصيات والتوجيهات لتكون معيارًا للإختيار لأنَّ الإنتخابات مسؤولية وأمانة في عنق المواطن}.

وهذا الكلام الواضح نستطيع أنْ نفهم منه أننا مطالبون في تشكيل قدر ممكن من قوائم حزبية جديدة لأنتخابها فهو الحل الأمثل والأنسب كما ذكرناه في فقرة #أولًا أعلاه ، وقد ذكرنا طريقة ثانية بناءًا على الواقع والمعطيات المتوفرة لدى الشعب العراقي ، هذا وعلى المواطن العراقي تقديم المصلحة العليا لبلده أنْ كان يريد خيرًا لنفسه ولشعبه وترك الأنا والمصالح الوقتية الضيقة.

• عاشرًا/
على الناخب الفائز او الناخبة الفائزة أنْ يدرك حجم العبئ الواقع عليه وأنْ لا يتنازل عن واجباته المكلفة له ويعرف حجم نفسه بأنّه ممثل و وصيّ لشعبه المظلوم ولتلك الاصوات التي ارسلته الى داخل قبة البرلمان وعليه أنْ يكون محنكًا صاحب رؤية واضحة ، عارفًا بما يفعله ، ذو شخصية جادة وحازمة يعرف كيف يفرض رأيه بذكائه العقلي وأسلوبه الصارم ، اسدًا في مواضع القوة لا غنمًا عند تلك الذئاب و ثعلبًا ماكرًا في مواضع الضعف او الأستضعاف.

ويبقى السؤال الأخير وهو ، هل قد صَدَق نوري السعيد عندما قال : ((العراقيين مثل الملح الفوار بس اول هده وتالي يخمد !)) ، جوابه متروكٌ للعراقيين أنفسهم

وأمّا الذي يقول: قد فقدت الامل والثقة بجميع الحكومات بل وحتى الحكومة الجديدة القادمة لذلك فلأجرب المقاطعة ! ، اسمح لي أنْ اقول ليس لأنك فقدت الثقة بجميع الحكومات ومنها الحكومة الجديدة القادمة فجعلت من المقاطعة املًا زائفًا ، بل لأنك فقدت الثقة بنفسك فقلت هذا الكلام !

وفي الختام نسأل الله العلي العظيم أنْ ينظر الى هذا الشعب المظلوم بعينه الرؤوفة التي لا تنام ويبعد عنه كيد الأعداء وشر الأشرار ، قال تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} .
———————————————
#الأنتخابات_العراقية
#معركة_الأصلاح_المستمر




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=188764
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 11 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15