ألم أقل لك أني سأرتقي علاك في دموع الشعراء ومآقي القصائد سلسبيل حزن فراتي المنبع ،لتكن لنا بسملة يرددها الحلم والعافية في صلاة آمنة باليقين ـ اللهم أجعله عندك في اعلى عليين يارب هذا خادم حسيني الوجدان كربلائي الهوية وصنف دمه ( ها يحسين ومصابه )مر التشييع بحرم العباس عليه السلام ومنطقة بين الحرمين الشريفين ليدخل نعشه الطاهر جنة الله في الارض حرم الامام الحسين (ع)وقد تعالت الاصوات بهتافات الولاء الحسينية وبكاء الاحبة وصوت المآذن التي بثت بعضا من قصائده الخالدة ،قلت لك يوما اني سارتقي مداك أيها المعطر بمنابر الولاء ، أبناء كربلاء من كل مكان جاؤوا عند نعشك ينادون ياحسين واراك تطلع لمحتواك لتقرأ لهم
هالسلطنة أمن التكوين والمملكة باسم حسين
كربله عاصمة الدين من الازل ومسجليها
انا على يقين ان من لم تغادر شفتيه واحسيناه لم تغيبه النازلات ، فانت في كل حرف كتبته ام نطقته اعتنقت الحنين والشواهد هذه القلوب التي اجتمعت لتوديعك ، نوافذ القلوب مشرعة لهذا الوجد الحسيني ، أبناء منبرك التقي تجمعهم قناديل محبتك ، اراهم وكأنهم يستمعون لا حدى قصائدك الشجية
مـشـغوفه روحي ابكربله إخذوني اوياكم يا ناس
حب كربله بقلبي رسخ و أصبح مشاعر و إحساس
أتـمـنـه بـيـها موتتي أرض الشرف و النوماس
ايـغـسـلـنـي ماي العلقمي و أدفن يم العباس
ودعتك العتبتان المقدستان وجماهير كربلاء بتشييع كبير مهيب ، و نقل جثمانك من المخيم الحسيني الشريف الى صحن أبي الفضل العباس(عليه السلام)، حيث قُرئت زيارة أبي الفضل(سلام الله عليه) إضافة لزيارة الإمام الرضا(عليه السلام) وزيارة صاحب الزمان(عجل الله فرجه الشريف) اتّجهت بعد ذلك الجموعُ المشيِّعة التي شارك فيها خدمة العتبتين المقدستين الى مرقد أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) لتُجرى مراسيم زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، تقليدٌ اعتاد أهالي كربلاء على إقامته عند وفاة أي شخص حيث تجرى له هذه المراسيم، واختُتمت بمرثية حسينية، ليُنقل الجثمانُ بعدها الى مثواه الأخير في مقبرة كربلاء المقدسة. أعلنت العتبة العباسية المقدسة عن استنفارها التام لاستقبال جثمان الحاج محمد حمزة الكربلائي وتشييعه في العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين عند الساعة الثالثة من عصر هذا اليوم الأحد (21جمادى الأولى 1435هـ) الموافق لـ(23آذار)
وارى احبتك وعشيرتك واولادك وتلاميذك ومحبيك جسدك الثرى في مقبرة دار السلام في كربلاء المقدسة والذي استحال بنعمة هذا الولاء الحسيني الى روضة من رياض الجنان ، قلت سارتقي حروفك البهية التي سارت قوافل من يقين مع خطوات المشيعين ،
لتحتضن هذه الأرض الرجل الذي نذر العمر خادما وشاعرا وناعيا ومنشدا حسينيا ، كل حرف من حروفك تصرخ في أعماق الأرض قد اتاك حبيب التراب الحسيني ، قد اتاك وشوقه يسبق المشيعين اليك هو كان متيقن ان في ثراك الشفاء شفاعة والفة ووئام
مـا مـثـل تـربـة كـربـله نور الله يزهر بيها
شـرفـهـا مـعـبود السمه عز وشرف جاسيها
حـسـيـن إشـتراها الكربله ابدم رقبته شاريها
لـلـديـن كـعبه و عاصمه ابها التسميه امسميها
اقيم له مجلس الفاتحة في صحن العقيلة زينب عليها السلام
لثلاثة ايام واستمرت مجالس العزاء على روحه الطاهرة لأيام عدة في اغلب اطراف وهيئات ومواكب المدينة المقدسة في داخل العراق وخارجه كربلاء بخير ياحبيب الدمع والعاشوراءات المشعة بالحزن
وها يا حسين ومصابه بهذا الرحيل أكملت وداعا بحجم السواد العاشورائي الحزين لتلقي الركب الحسيني عند ضفاف كربلاء
هنيئا لك يا ابا منتظر هذه الخدمة وهذا الشرف وهذه العاقبة الحسنة ، الحسينيون ينهضون من الموت ، هذا هو شأنهم لعيشوا أفكار حياتهم وانعكاسات دورهم الحياتي ،
ونحن نقرا له كتاب المنبر الحسيني فندرك انه مامات ، كيف يموت من يكتب سير الغير ويكتب عن تواريخ الابداع فدعنا نمضي الى صومعة ابداعه صاغرين بالمحبة والولاء ، تمثل السير الذاتية تاريخاً مهماً من تواريخ الابداع الانساني والوطني، بما يمتلك من ابداعات يجمعها الطابع التوثيقي التأريخي، مقترناً بالطابع التعبيري الشخصي، جميع الشعوب المقدسة اشتغلت على تدوين سير اعلامها، وما عمله الرادود المرحوم محمد حمزة عمل ينتمي ابداعياً الى ما يسمى بالسير الغيرية أي انه يتحدث عن تجربة إنسان آخر، وحياة انسان آخر، وحمل هذا الكتاب تجربتين مهمتين في عالم المنبر الحسيني هما تجربتا الحاج الشاعر الحسيني كاظم المنظور (رحمه الله)، والحاج الرادود حمزة الزغير (رحمه الله)، وإعطائهما سمة تمثيل التراث المنبري الحسيني باعتبار أنهما شكلا ذروة التوثيق.
رأي معتبر مغزاه في قيمة الاهداء، فقد دوّن الحاج بكلمات اهداء ارتكزت على مفردات مهمة: كالتشريف والتفاني والخدمة مع الاعتراف بمقام الأستاذين المرحومين، والغيرية تعني الحديث عن الغير، ضمن تجربة معاشة تحمل أشكالاً من حضور هذه الرموز في جمل سردية قادرة على جذب المتلقي بقوة.
في مقدمة الكتاب، اعتبر الشيخ المرحوم فاضل الفراتي بأن هذا المنجز يصب في باب من أبواب الترجمة الحياتية، واعتبر المنجز برمته سعي وفاء كرد جميل، وركز السيد جعفر الموسوي في المقدمة على مفهوم الريادة في نشر الثقافة الحسينية، ومنح الدكتور عبود جودي الحلي منزلة القمة إلى المبدعين كاظم المنظور وحمزة الزغير؛ كونهما عملا على الوعي الشمولي، واجتازا معاني النخبوية واشتغلا بمفردات مألوفة.وتسعى الغيرية إلى تسليط الضوء على الوجود الحياتي والاجتماعي للرمز، وتم دراسة العمق الوجداني في المنجز، حيث ذكر المؤلف مفاصل مهمة من الميلاد والنشأة، وأصل تسمية المنظور منحه الرادود المرحوم حسين الفروخي إثر هاتف غيبي أخبره انه المنظور عند الأئمة (عليهم السلام)، ثم تطرق بالمهن التي عمل بها ومن ثم مكانته الاجتماعية ومواقف مهمة قدمها للسيرة الحسينية تمتاز بالعقلية الشجاعة، ويذكر مشهد وداعه الأخير.
ويبدأ فصل الكتابة النقدية لتنهض الغيرية على شبكة من القيم الفنية الباحثة عن البؤر الثقافية المنتمية الى هوية راسخة بالإيمان في أدبيات الشاعر، ويشتغل المؤلف على محورين مهمين وهما: الوعي والابتكارية، إذ يقول: إنه كان ملماً في مجالات تضم ابواب الشعر المختلفة: (اجتماعياً، وجدانياً، أدبياً)، مع وجود ثقافة في الأحكام الشرعية والنمط المؤثر في قصائد المصيبة.
ويعكس هذا التشخيص عبر دراسة تطبيقية، وعبر مسارين أيضاً: (الاضافة، الابتكار) فهو اضاف اضافات واسعة في العديد من القصائد، حيث اضاف التذييل على التجليبة المذيلة: (يا محله الوداع بهلمسية)، والحسيني المذيل (كلي يلميمون)، والميمر المذيل: (شيعتك تدرينه)، والنصاري المذيل، والفائزي المذيل، والمجرشة المذيلة، وله أربعة اوزان مبتكرة كانت غير موجودة ضمن الاوزان الاساسية السابقة.
وتعد السير الغيرية عمليات بحث في جوانب النبوغ في الشخصية والدوافع التي كانت وراء هذا التميز ونبوغه؛ لأن الكشف عن اسرار النبوغ هو مكون مهم من مكونات السيرة: (الروحية، الالهام، الابداع)، واختار المؤلف المرحوم محطات مهمة من حياته، كشعره السياسي الفصيح، وفن المستهلات (الردات)، وأسماء من كتبوا دراسات نقدية عنه، بعض المحطات المهمة اهمها حياته الادبية خلال ثورة العشرين، ومجموعة مهمة من قصائده. والسير الغيرية تشكل نبضاً مهماً في الكتابة الادبية التوثيقية، وضمن هذا المضمار اصبحنا نشكو من وجود المتخصصين في بحث السير، فكان يسد ثغرة مهمة لتوثيق موروث الحسين والقسم الثاني من الكتاب والذي هو كتاب وحده عن المرحوم الحاج حمزة الزغير.
امتثلت المقدمة التي كتبها الناقد والأديب الاستاذ علي الفتال، بأنها ترجمة وتوثيق وهذا التوثيق قرب سمات الاسم والنسب والولادة والشأن الحياتي والاجتماعي والنشأة المنبرية وسرد عوالم فنية مثل: كيفية اختياره للقصائد التي يقرؤها واسماء الشعراء الذين قرأ لهم قصائدهم، ومن ثم مقتطفات من حياته الضاجة بالإبداع الى وفاته والادباء والمفكرين في بعض مقاطع الرثائيات التي شكلت عوالم ابداعية وأسماء طلابه وتلامذته من خدمة المنبر الحسيني.. الكتاب قدم ابرز واهم المحطات الحياتية عند رمزين مهمين من رموز الابداع الحسيني (رحمهم الله جميعهم )
للولاء الحسيني فضيلة تخلد أهلها ، اسالوا الدمع الذي سال على خد الورقة ، قلت لك يا صديقي انا سأرتقي مداك يوما في ذاكرة المدون الذي لايموت
علي حسين الخباز
|