ماذا تحمل بين طيّاتها زيارة أسد سوريا إلى طهران؟

لست بحاجة إلى معرفة آراء حكام العرب عن زيارة الرئيس بشار الأسد الأخيرة إلى طهران، والتي تمّت بتاريخ 8/5/2022 فهؤلاء بادون خارج إطار الاستشارة والرأي طالما أنه ليس بإمكانهم ابداء الرأي في مثل هذه الأمور خوفا من غضب الادارة الأمريكية، وانقطاع أو شحّ ما تمنّ به عليهم من مساعدات وهِباتٍ بمقدار الولاء لها والانصياع لإرادتها السياسية التي غالبا ما تكون في غير مصلحة شعوبها، فيكفيني هنا أن أنقل ما دار من تعليق علي هذه الزيارة من داخل الكيان الصهيوني نفسه، والاعلام الصهيوني مرآة الساسة والرأي العام هناك.

فقد (أكدت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأحد، أنّ زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لإيران اليوم "تظهر أنّ الحلف مع إيران سوف يبقى وحتى يزداد قوة".وقال مراسل الشؤون العربية في "قناة كان"، (روعي كايس) إنّ هذه "مشاهد لا نراها كل يوم، الرئيس السوري بشار الأسد خرج من دمشق لزيارة نادرة إلى طهران، وهو لم يفعل ذلك منذ 3 سنوات، وبالإجمال هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها إيران منذ بداية الحرب".

وأضاف (كايس) أنّ الرئيس السوري "استُقبل هناك بحفاوة بالغة، والتقى كلاً من القائد الأعلى خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي"، لافتاً إلى أن الأسد قال لخامنئي في اللقاء بينهما: إنّ العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين، منعت الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة، ويجب أن تتعاظم.)(1)

هذه العلاقة المتينة ليست حديثة العهد، بل قامت منذ حكم الرئيس الأب حافظ الأسد رحمه الله، لم تتأسّس على مبدأ استرتيجيا الحاجة إليها، بقدر ما تأسست على قيمة ثابتة، وهي الأخوّة في الدين والإنسانية، في مواجهة أعداء الدين والإنسانية، حيث لم يبقى من أنظمة العرب المجتمعة في الخرطوم بلاءاتها الثلاث، لا صلح ولا اعترف ولا تفاوض مع الكيان الصهيوني، سوى سوريا التي صمدت لوحدها، في ساحة المواجهة مع هذا العدوّ الخبيث بمؤامراته، وأكثر من هذا كانت سوريا ولا تزال حاضنة المقاومة، والجبهة الخلفية لفصائلها التي تتواجد على الأرض السورية، وما قدّمته من تضحيات تحمّل ثقلها على حياته كلّ الشعب السوري، وقدّم من أجلها شهداء أبرار فداء لوطنهم ومبادئهم، في اعتبار الكيان الصهيوني الغاصب عدوّا لدودا خطيرا، يجب أن يخلُص العرب والمسلمون من شروره.

وحتى لا يتبادر إلى الأذهان بأن سوريا بحاجة إلى إيران، أو أن إيران بحاجة إلى سوريا، وتأكيدا لمبدأ وجوب تحقيق العزة والكرامة لهذه الأمة، المسلوبة والممتهنة في ابسط حقوقها في العيش الكريم، يجب علينا أن تصحيح هذه الفكرة، لتكون أكثر واقعية، بأن العلاقة بين البلدين الشقيقين، بُنيَتْ على أساس مشترك، في مقاومة كافة أشكال الاستكبار والصهيونية، وكل ما من شأنه أن يمثّل عائقا، يحول دون نوال شعوب الأمة حرّيتها في تقرير مصيرها، دون تدخّل من القوى الكبرى، التي تتحكم في الدّول بما تراه يخدم مصالحها، وهذه العلاقة تعتبر نموذجا راقيا، في التعاون بين دولتين تسعيان بجدّ، إلى استبعاد كافة أشكال الهيمنة، التي ابتليت بها غيرهما من البلدان العربية والإسلامية، ولا شيء اشرف في هذه الدنيا من الكرامة والعزّة، ومن ملكهما وحاز أزمّتهما كان سيّدا ببلاده وشعبه في عالم السياسة والحكم.

المصادر

1 – إعلام إسرائيلي: زيارة الأسد لطهران تظهر أنّ حلف سوريا-إيران يزداد قوة

https://www.almayadeen.net/news/politics/

2 – القمة العربية 1967 الخرطوم https://ar.wikipedia.org/wiki/