النص الفائز بالجائزة الأولى للشعر الحر في مسابقة مركز النور للإبداع للعام 2009
نعم ، فالعالـمُ قريةٌ صغيرة ،
لكنْ ، هلْ نعيشُ الزَّمنَ الَّذي يعيشُهُ الآخرون ؟
القرية الصغرى
1
الْقَرْيَةُ الصُّغْرى تُغازِلُ
أَوْ تُـمازِحُ فِطْرَتي هَـمْساً
فَأَرْكِنُ للَّذينَ تَلَقَّفوا
صَفْوَ الْكَدَرْ
وَاسْتَوْقَفوني عِنْدَ رَبَّتِها اللّعوبِ ،
أَمامَ أصْنافٍ مِنَ الأصْنامِ
تَسْتَلِبُ النَّظرْ ،
تَطْوي الْـمَسافةَ ، تُـحْضرُ الْـمَوْتى
وَتَقْرَاُ ما يُـخَـبـِّئُهُ الْقدرْ
هِيَ عالَمٌ يَغْوي وَيَسْتَهْوي
الَّذينَ تَحَجَّروا
وَاسْتَبْشَروا خَيْراً بِـمَلْمَسِها الْوَثيرِ
فَمَزَّقوا ثَوْبَ الْـوَبَــرْ
واسْتأنَسوا بِتَناولِ الْغاياتِ
دونَ وَسيلةٍ يَدْعو لَـها صَوْتٌ ،
وَيَطْلُـبُها ، فَلَيْسَ لَـها أثَرْ
الْقَرْيَــةُ الصُّغْرى
شِعارُ مَنْ ابْتَكَرْ ،
مَنْ سَنَّ ، مَنْ صاغَ الْـــجَديدَ
وَمَنْ أَضاعَ مَسافَةً بِـالْأَمْسِ
عادَ بِمُسْتَقَرْ
هِيَ خُطْوَةٌ أولى يُزَيِّنُها
فَأَهْوى في شِباكِ زَمانِهِ
لِيَنالَ أَزْماناً يُغادِرُها الْـحَذَرْ
أَقْفو بِـها ما لَيْسِ لي عِلْمٌ بِــهِ
فَأَظُنُّ وَهْــماً
إِنَّها فَرَجٌ تَشَرَّفَ بِانْـتِظاري
يا لِسُخْريَــةِ الْقَدَرْ
2
الْقَرْيَــةُ الصُّغْرى
تُناديني تَعالَ فَتارَةً
كلّا أقولُ وَتارَةً
أخْرى يَدِبُّ بيَ الْخَّدَرْ،
أَتَفَيَّاُ التَّأريخَ مّـخْموراً،
أُهَزْهِزُهُ عِتاباً ،
رُبَّــما يَسّاقَطُ الْـماضي عِبَرْ
أوْ أقْطَعُ الْـوَصْلَ ابْتِغاءاً
أَوْ أُناصِبُها الْعَداوَةَ ،
فَالنَّجاةُ لِمَنْ صَبَرْ
أَوْ أَرْتَـمي في دِفْئها
أَوْ أَفْتَحُ الأبْوابَ حبّاً
دونَـما حِصْنٍ لِيَدفَعَ بِالضَّرَرْ
3
هِيَ قَرْيَةٌ
تَرْعى وَتَـحْتَضِنُ الْـجَميعَ ،
تَضُمُّهُمْ ،
بِـهَوىً أُحاديِّ الْبَصَرْ
لَيْسَ الْـحُوارُ هُناكَ إلّا لَوْحَةً مَقْلوبَــةً
لِـــتَغيبَ آلافُ الصُّوَرْ ،
فَيَضيعُ تَـحـْتَ الْـجُرحِ ميراثٌ
تَسَلَّلَ عِبْرَ كَفّي لِلعصورِ ،
فَأَدْرَكَتْ أَرْضَ الْقَمَرْ
هِيَ قَرْيَــةٌ تَغْتالُني
فَأَكونُ مِـــمَّنْ لَيْسَ يَذْكرُهُ
الدُّعاةُ إذا تَــغَيَّبَ عَنْ هواها
لا يُعَدُّ إذا حَضَرْ
هِيَ قَرْيَـــةٌ مَسْحورَةٌ
مُرٌّ فِراقُ جُنونِـــها
وَالإنْشغالُ بِــها أَمَرْ
4
أَنا غائبٌ
في قاعِها السُّفليِّ ،
مَــجْنونٌ بِطاعاتِ الأنا
أَنا نائمٌ
في كَفِّ عالَمِها الْمُريبِ
وَلا أعودُ إلى هنا
حتى أُقابِلَني بِـمِرْآةٍ
تُـحاصِرُني ، تُصارِحُني
فَأُدْرِكُ مَنْ أكونُ كَما أَنا
بِتَسَطُّحي ، وَتَثَلُّمي
بِـتَعَدُّدي ، وَتَـهَدُّمي
لا كُنْتُ ،
لا سَأكونُ
لا الْـماضي سَيَشْفَعُ للجَهولِ
وَلا تُسَلّيني حِكاياتُ الْـمُنى
*******************
البصرة 2009
|