• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  أزياء الشباب بين الحداثة وأخلاقيات ديننا الحنيف .
                          • الكاتب : احمد مظلوم .

 أزياء الشباب بين الحداثة وأخلاقيات ديننا الحنيف

 كان للملابس عبر التاريخ دور في تمييز المستوى الاجتماعي، ودرجة الثراء، خاصة أن المظهر الخارجي يبقى الرسالة الأولى التي يتلقاها الآخر، ويبدأ من خلالها تكوين فكرة عن شخصية مخاطبه.  
وأصبحت الملابس في ظلّ التطور السريع والكبير الذي يعرفه العالم، لغة تخاطب وتعبير عن الذات والشخصية والانتماء، كما أصبحت الملابس والموضة صناعة مهمة تدرّ أرباحاً طائلة على العاملين فيها، وتحتلّ مكانة مهمة جداً في حياة الأفراد، وبصفة خاصة عند الشباب... إلا أن الاهتمام المتزايد بـ(الموضة)، أي التقليد الأعمى للغرب، والمساحة الكبيرة التي تشغلها في حياة الشباب، أصبحت ظاهرة أشبه بالهوس؛ ذلك لأن اتباع (الموضة) تعدى مجرد البحث عن الظهور بشكل جميل ومقبول، وأصبح محور حياة الشباب الذين باتوا في أغلبهم ضحية لها، هو الرغبة في التسوق، وتصفح مجلات الموضة، ومشاهدة البرامج التلفزيونية التي تعرض آخر الصيحات والصراعات في مجال التجميل والملابس  .
 ولا يختلف اثنان على أن الاهتمام بالملابس لا يخصّ فئة عمرية دون أخرى، ولا النساء دون الرجال، وعلى الرغم من أن بعضهم يرى في اتباع الموضة مساوئ كثيرة، منها: إهدار الوقت، وتبذير الأموال، وفسخ للشخصية بالتقليد الأعمى للآخرين، والدخول في حلقة مفرغة من خلال الركض وراء مجاراة صيحات (الموضة) التي تتغير بشكل سريع جداً، واستغلال المرأة للتسويق والبيع، وضياع الهوية العربية، والمميزات الخاصة للشخصية العربية وثقافتها وتراثها  .
 فما هي الأسباب التي تقف وراء الهوس بـ(الموضة)، وما هي تأثيرات وانعكاسات هذه الظاهرة على حياة وشخصية المراهق والشاب على وجه الخصوص، وما هو رأي ديننا الحنيف في هذه الظاهرة، وكيف يتعاملون معها…؟ هذه بعض الأسئلة التي طُرحت على بعض رجال الدين والشباب لمعرفة المزيد عن واقع ضحايا تقليد الغرب (الموضة)، ومحاولة فهم خلفيات هذه الظاهرة ...فكان لنا هذا اللقاء مع السيد محمد الموسوي من التوجيه الديني التابع للعتبة العباسية المقدسة: 
 انطلاقاً من الآية الكريمة: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ)، وكذلك قول الإمام الصادق (ع): (خير لباس الرجل لباس أهل زمانه)، حث القرآن الكريم والسنة الشريفة على المحافظة على العرف العام الذي يعيش فيه الإنسان، فلا بد للإنسان أن يراعي الآداب والأخلاق الإسلامية، إن كان يعيش في وسط إسلامي، فيتحتم عليه مراعاة أجوائه الإسلامية.
 كما أن القرآن الكريم في الكثير من آياته ميّز بين الرجل والمرأة في كل شيء، وحث الإنسان المؤمن على ضرورة أن يتميز في تصرفاته عن المرأة، وذلك لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)، أشار ما يريده الله سبحانه وتعالى للمحافظة على كيان المجتمع الإسلامي، ومن الأمور التي أكد فيها القرآن الكريم والسنة الشريفة على ضرورة مراعاة الاحتشام، هي مسألة (الملابس)، كقول الرسول (ص): (لا تطعموا طعام أعدائي، ولا تدخلوا مداخل أعدائي، ولا تلبسوا لباس أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي)، هذه إشارة أخرى إلى أن الإنسان المؤمن لابد أن يطلب الاحترام والوقار حتى في ملبسه؛ لأن ملبس الإنسان جزء من عقله وثقافته وكيانه ودينه... لذلك تحاول الدول الغربية أن تقرب ما بين الرجل والمرأة، حيث إن الناظر لا يستطيع أن يميز بين الرجل والمرأة، فبدأ بابتكار شتى الطرق والوسائل، منها: مسألة استحداث تلك الملابس الغريبة، وكما يعبر عنها الفقه الإسلامي بـ(ملابس الشهرة)، ومعناها بأن المجتمع يستقبحها عرفاً.
في الحقيقة لابد على الإنسان أن يتحلى بالأدب في ملابسه، ومن جملة المسائل المهمة التي ظهرت في هذه الآونة أن الرجل يتشبه بالمرأة في ملابسه، وهذه المسألة في الحقيقة أنما هي ملعونة على لسان الرسول (ص) الذي قال: (لعن اللهُ المتشبهين بالنساء من الرجال...), هذه اللعنة من الرسول هي مستمرة على مر الزمان.
هنا قام الاعلام الغربي بالتثقيف والترغيب بارتداء الملابس الضيقة والملونة، والتي تحمل العبارات النابية، والتي لا تليق بنا كمسلمين. ومع شديد الحزن والأسى، هناك الكثير من شبابنا قام بارتداء هذه الملابس، وجعل من الغربي أو الممثل والمطرب قدوة له في ارتداء هذه الملابس.
كما أضاف الموسوي:
إن السبب في انتشار هذه الظاهرة في العراق، والتي لا تليق بنا كبلد مسلم وبلد يحمل حضارة تأريخية وإسلامية عريقة، هو وسائل الإعلام الغربية والمأجورة التي تخدم الغرب من خلال ترويجها لهذه الأفكار التي تدسها الى شبابنا. كما أن هناك فتوى من المراجع العظام بأن هذه الملابس التي يرتديها الشاب، والتي لا تستر حتى عورته، إذا كانت تثير الشهوة فهي محرمة فقهاً، وهذه الحرمة تنطبق على الرجل والمرأة .
وللدخول في تفاصيل هذه الظاهرة، التقينا بالأخ صفاء رسول، وهو صاحب محل لبيع الملابس، وقد تحدث عن كيفية اختياره للملابس الرجالية والشبابية:
 عند ذهابنا إلى تركيا والصين، نقوم باختيار الموديلات التي تناسب الشاب، فمعظم بضاعتنا هي الملابس التي تُسمى (كلاسيك)، وهي عبارة عن بنطلون (كاوبوي) ضيّق ويُدعى (بوري)، والقميص كذلك؛ لأن الشباب يفضلون الملابس الكلاسيكية تماشياً مع العصر والموضة. كما أني أيضاً أقومُ ببيع الملابس الرسمية التي يقوم بشرائها الرجال عادةً من الذين يتراوح أعمارهم بين (35 - 40)، وهذه الملابس يكون بيعها بطيئاً قياساً للشبابية، وهناك موديلات وألوان نحن لا نستطيع أن نقوم ببيعها في محلاتنا؛ كونها تنافي العرف الاجتماعي والدين, فمنهم من يريد (بنطلوناً) ألوانه زاهية، أو (مخرّقاً) من الأمام..! ومنهم من يريد البنطلون أو القميص الذي عليه بعض العبارات الأجنبية، أو صور لمشهورين أجانب، كأن يكونوا مطربين أو ممثلين.
نحن بدورنا لا نستطيع بيع مثل هكذا ملابس؛ كوننا في مدينة مقدسة، ومن واجبنا الحفاظ على حرمة هذه المدينة. وقد نقوم بعرض بعض الأزياء التي تكون ضيّقة نوعاً ما، أو ألوان غريبة، لكن ليس بالإمكان أن نقوم ببيع ملابس خليعة جداً، والتي قد تضرّ بشبابنا.
 وعند تجوالنا بين المحلات، قمنا بتوجيه بعض الأسئلة إلى مجموعة من الشباب الذين أبدو اهتماماً كبيراً بـ(الموضة)، فأجاب كرار محمد (16سنة) عن مدى أهميتها في حياته قائلاً:
 من حيث اتباع أحدث خطوط الموضة بالنسبة لي أمر طبيعي جداً، وهو من المسلمات في حياتي من اختيار أحدث موديلات (الجينز)، والملابس من الماركات العالمية، إضافة الى (قَصة) الشعر الملائمة، ليكون مظهري مواكباً لأحدث خطوط الموضة..! لكن عند اختياري للملابس، أقوم باختيار ألوان لا تتضارب مع كوني مسلماً أعيش في مدينة مقدسة والحرم الجامعي؛ كوني مقيّداً بـ(زي) معين, لكن عندما أشتري ملابس خاصة مثلاً للنزهة، أو عندما تكون الجامعة قد نظمت سفرة للطلبة، من المؤكد نقوم بتغيير ملابسنا من الزي الجامعي الى الألوان، وهذه هي الموضة الحديثة، وأنا كطالب جامعة عليّ أن أواكب التطور في الموضة.
كما أضاف صديقه (محمد عباس)، وهو أيضاً يقوم بالتبضع من محل الملابس: 
إني أتفق مع زميلي بهذا الخصوص؛ كوننا شباباً والحياة أمامنا، فلماذا لا أقوم باختيار ما يناسبني من ملابس عصرية، وهو المتوفر الآن في الأسواق، لكن مع مراعاة لشخصيتي كطالب جامعة.
نصر علي خضير طالب في جامعة كربلاء (19) سنة، التقته صدى الروضتين في أحد محال الملابس، فكان معه هذا الحديث:
أنا أقوم باختيار الملابس المناسبة لعمري، ومن الممكن أن أختار ملابس (كلاسك) ضمن حدود وضوابط وضعتها لنفسي، كي أظهر بمظهر يليق بي كمسلم، وابن هذه المدينة المقدسة، فعند اختياري لبنطلون معين أو قميص، يجب أن يكون لونه من الألوان التي تناسب الرجال، مثل: الألوان الغامقة أو الملائمة للرجل، لا كما أشاهد ومع الأسف بعض الشباب يرتدون البنطلون بلون أحمر، أو يحتوي على لونين، والقميص يكون لونه أيضاً يميل للنسائي. أما بالنسبة لي اختار اللون والموديل الذي يناسبني، وإن كان ضيقاً، ولكن ليس بالضيق الذي يرتديه بعضهم.
محمد حمزة عبد الكاظم صاحب محل لبيع الملابس (الكلاسك) والرسمي:
 أقوم بشراء الملابس من المنشأ التركي؛ كون نوعية القماش والموديلات تكون جيدة، حيث إن اختيار الموديل والنوعية يكون حسب ما متوفر في الأسواق، وعادة ما نرى اتجاه الشباب في هذه الأيام نحو شراء الملابس (الكلاسيك)، وخصوصاً بعض الألوان التي قد تكون نسائية بعض الشيء، مثل: الماروني، والأحمر، والأصفر، وفي بعض الأحيان يطلبون لوناً وردياً, كذلك يكون الطلب على القميص الذي يحتوي على تشجير، أو نُقش عليه الورد أو ما شاكل ذلك.
كما أضاف:
 وأذكر يوماً أني عرضت موديلاً في المعرض المُخصص لعرض الملابس على الدمى، وقد أحضرته من تركيا، وكان قصدي للعرض فقط، وكانت أسعارها غالية، ففوجئت ببيع الملابس المعروضة على الفور؛ كونها غريبة نوعا ما؛ لأنها كانت أقرب للملابس النسائية، من حيث نوعية القماش، والنقش الموجود عليها, فالشاب يريد أن يلبس كل ما هو غريب وعجيب بالموديل أو القماش أو النقش الموجود على الملابس... ورغم ارتفاع أسعار بعض الملابس بسبب نوعية القماش أو المنشأ، لكنها تلاقي إقبالاً متزايداً على شرائها.
مصعب محمد صاحب محل:
 في المحل أقوم ببيع البضاعة التركية والصينية، كما أني أقوم ببيع الملابس (الكلاسك) والرسمي، حيث إن إقبال الشباب على الملابس الضيقة، أكثر من الذين يأتون الى المحل ليشتروا ملابس رسمية، وهذا السبب يجعل أغلب بضاعة المحلات هي (الكلاسك)، والأقل منها هي الرسمية؛ والتي قد تنقرض، ويضطر غالبية مقتنيها للذهاب لخياطتها.
ومن خلال جولتنا في محال الملابس، والحديث مع أصحاب المحلات وزبائنهم، رأينا أن السبب الرئيسي في لجوء الشباب الى ارتداء هذه الملابس الضيقة، وخصوصاً البنطلون، هو لشدة التصاقه بالجسم..! فلماذا هذه الأزياء في بلدنا بلد الأنبياء والصالحين، بلد الحضارة وبلد الحسين (ع)، وفي هذه المدينة المقدسة التي قدّسها الله في ضمّها لأطهر جسد، وقد جعلها الله بقعة من بقاع الجنة..؟ هل السبب في أنّ الأب فقط يعطي المال لابنه؛ كي يشتري له ما يحتاجه من الملابس، دون أن يوجهه بكيفية اختيارها؛ كونه مسلماً، وتعاليم دينه تحتم عليه اختيار المحتشم والمتعارف عليه بين أوساط المسلمين، وهي الملابس الفضفاضة المريحة، والتي لا تدعو للريبة، أم الشاب الذي لم يجعل له قدوة من الأشخاص المقربين له، كأن يكون أباه أو أستاذه أو أحد العلماء، وجعل من الممثل والمطرب واللاعب قدوة، أم شخصيات المسلسلات التي تُعرض على الشاشات الصغيرة؟
 إننا ندعو أخواننا الشباب بأن يجعلوا لهم قدوة صالحة، والشخصيات الصالحة كثيرة في حياتنا، ويجب أن نعود إلى ديننا وإلى أئمتنا الذين طالما أوصونا بالالتزام بتعاليمهم ومنهجهم، فهذا الإمام جعفر الصادق (ع) يقول: (رحمَ اللهُ من أحيا أمرنا)، فسألوه: يا ابن رسول الله، وكيف نحيي أمركم؟ قال (ع): (بأن تطبقوا ما نأمركم به، وننهاكم عنه)، والذي يأمروننا به هو إقامة الصلاة والصوم و..., والذي ينهونا عنه هو ترك المحرمات، وعدم التشبه بالنساء من خلال ارتداء الملابس التي لا تكون مناسبة لكوننا رجالاً.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157789
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15