• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عُمَر.. يتَقَحَّم جراثيم جهنم!!   سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى .
                          • الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي .

عُمَر.. يتَقَحَّم جراثيم جهنم!!   سماحة المرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني حفظه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وصَلَ البحثُ إلى أنَّ مفهوم الخلافة، والتعريف الذي التزم به علماء ومتكلموا العامة، يُلَخَّصُ في هذه الجملة: النيابة عن النبي صلى الله عليه وآله، وإدارة أمور الأمة من جهتي الدين والدنيا.
 
فمَن جَلَسَ مكان النبي صلى الله عليه وآله يكون نائباً له أولاً، والنيابة وجودٌ تنزيليٌّ للمَنُوب عنه، وتعريف النيابة من الجهة الفنيّة هي: وجودُ المنوب عنه تنزيلاً، فتكون النيابة مفهوماً إضافياً، وتختلف مقامات ودرجات النائب باختلاف المنوب عنه في المقامات والدرجات.
 
وخلافة موسى بن عمران عليه السلام ليست قابلة للقياس مع خلافة النبي داوود عليه السلام، فبقدر اختلاف المرتبة بين النبييَّن تختلف مرتبة خليفتيهما.
 
والنيابة عن خاتم النبيين، وسيّد المرسلين، هي نيابة عن تمام الأنبياء، من آدم إلى عيسى بن مريم ^.
 
فعلى أيِّ حَدٍّ ومرتبةٍ من العلم ينبغي أن يكون مثل هذا النائب عقلاً وكتاباً وسنة؟! هذه البراهين غير قابلة للجواب.
 
إذا كان جَهلُ من يصبح خليفة للنبي صلى الله عليه وآله بمثل هذا الحدّ، فإلى أيّ حدٍّ تطابق هذه الخلافة الموازين العقلية والنقلية؟
 
إنّ الصلاة عمود الدين عند كل الفرق، ولا تَأَمُّلَ في كونها أهم كل العبادات عند كل مسلم، لأن الصلاة جوهر الدين، وإقامة الصلاة انعكاسٌ لتمام ملائكة الملأ الأعلى، حيث أن الملائكة منقسمون لأقسام: فقِسمٌ منهم قائم أبداً، وقسم منهم قاعدٌ أبداً، وقسم منهم في حال الركوع دائماً، وقسم منهم في حال السجدة دائماً، هذا من جهة الحالات.
 
أما من جهة الأعمال: فمنهم مُسَبِّحُون، عملهم تسبيح الله تعالى، ومنهم مُكَبِّرُون، عملهم تكبير الله، ومنهم حامدون، عملهم الحمد والثناء، ومنهم أهل التهليل، ذكرهم لا إله إلا الله.
 
كل هذه الأذكار والأعمال قد جُمِعَت في الصلاة: القيام، ثم الركوع، ثم السجود، ثم القعود: سَبِّح اسم ربك الأعلى.. سبح باسم ربك العظيم.. التسبيحات الأربعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
 
لو فَهِمَ أحدٌ ما هي الصلاة يفهم حينها معنى هذا الحديث: الصلاة معراج المؤمن، وبالصلاة يبلغ العبد إلى الدرجة القصوى.
 
وفي الصلاة أبوابٌ: الأذان والإقامة، تكبيرة الإحرام، القراءة، الركوع، السجود، مباحث الخلل في الصلاة التي تُعَدُّ من أعظم المباحث، المسائل المربوطة بالشك في الركعات والأفعال والأقوال.
 
وينبغي أن يكون خليفة النبي أعلمَ من كل الأمة في كل مسائل الدين بالضرورة، وينبغي أن يكون أكثرَ اطلاعاً من كل الأمة على أحكام وآداب وخصوصيات الصلاة العبادية، وقياسات هذه القضايا معها.
 
ينقل أعيان علماء العامة هذه القضية: عن ابن عباس أنَّهُ قال له عمر: يا غلام، هل سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع؟
يُعلَمُ من هذه الرواية أن ابن عباس كان في سن الشباب، لأنه خاطبه ب: يا غلام.
 
وكان خليفة النبي جاهلاً إلى حدِّ أنّه لا يعلم أحكام الشك في الصلاة، وكان يسأل عبد الله بن عباس عنها!
قال فبينا هو كذلك إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما؟
فقال عمر: سألت هذا الغلام: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع؟
 
فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلى أم ثنتين فليجعلها واحدة، وإذا لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثا فليجعلها ثنتين وإذا لم يدر أثلاثاً صلى أم أربعاً فليجعلها ثلاثاً، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين (مسند أحمد ج1 ص190).
 
أيُّ عقلٍ وكتابٍ وسنةٍ توافق هذه القضية؟ أن يكون خليفةً للنبي وجاهلاً في أحكام الشك في الصلاة!
 
هذا حَدُّ عمر بن الخطاب.. هكذا أصبح الدينُ لعبة!
 
والحجّة البالغة في كلام فَحلِ الحديث والأدب ومختلف الفنون، ابن ابي الحديد المتعزلي، وينبغي على من كان أهلاً التأمل في كلامه، ومتن كلامه:
 
وكان عمر يفتي كثيراً بالحكم ثم ينقضه: لا مرّة ومرّتين، بل كثيراً، فهل هذه هي النيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وحفظ دين الأمة؟!
 
ويفتى بِضِدِّهِ وخلافه: هذا ليس كلامنا، كلام عَلَمِ أعلام العامة، أنّ عمر كثيراً ما كان يفتي ثم ينقض الفتوى، ويفتي بضدها في حكم الله!
 
قضى في الجَدِّ مع الأخوة قضايا كثيرة مختلفة: ففي مسألةٍ واحدةٍ وهي ما لو مات أحدٌ وكان وارثه الأخوة مع الجَدّ، حَكَمَ عمرُ أحكاماً مختلفة كثيرة، فإلى هذا الحدّ أصبح دين الله ألعوبة؟ هذا ليس كلام أحد علماء الشيعة، بل كلام عَلَمٍ من أعلام الاعتزال، ابن ابي الحديد. والمهم هو أنه بنفسه يقول:
ثم خاف من الحكم في هذه المسألة فقال: مَن أراد أن يتَقَحَّم جراثيم جهنّم فليقل في الجَدِّ برأيه (شرح نهج البلاغة ج1 ص182).
 
مَن الذي تكلم في الجدّ والأخوة برأيه؟ أولاً أبو بكر ثم عمر!!
فباعترافه نفسه كان هو والأوّل في قعر جهنم!!
 
مِثلُ هذا يصبح خليفة النبي؟ هل هناك عقلٌ؟ العقل جوهر!!
هذا ليس كلامنا، هذا شرح نهج البلاغة، وهذا كلام ابن ابي الحديد.
 
يُجلِسُونهم مكان النبي صلى الله عليه وآله من جهةٍ، ويُصبِحُ جليسَ بيته مَن نقلوا جميعاً أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال فيه: عَليٌّ مع القرآن، والقرآنُ مع عليّ، لن يتفرّقا حتى يَرِدَا عَليَّ الحوض.
 
خَتمُ الكلام نَقلُ المناوي عن الغزالي (أو الحرالي)، لتكون الحجة تامة على علماء المذاهب الأربعة بحول الله وقوته.
 
هذه مرتبة جهل هذين الاثنين: الأول والثاني، وفي المقابل ينقل المناوي عن الغزالي، ومن هو الغزالي؟ صاحب المستقصى في الأصول، صاحب إحياء العلوم في الأخلاق، هذا الرجل إمامُ الفنون عند الكلّ، وهذا اعترافه:
 
قال الغزالي: قد عَلِمَ الأوّلون والآخرون: فهذا المطلب ليس خافياً على أحد، يعرفه الأوّلون والآخرون.
 
أنَّ فَهمَ كتاب الله منحصرٌ إلى علم عليٍّ، ومَن جَهِلَ ذلك فقد ضلّ عن الباب الذي من ورائه يرفَعُ الله عن القلوب الحجاب، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء (فيض القدير ج3 ص61).
 
وهذه الكلمة من الغزالي عجيبة، فَهمُ كتاب الله منحصرٌ بعَليّ بن أبي طالب عليه السلام.
 
فمن جهة تروون كلام ابن ابي الحديد في عمر، ومن جهة تروون كلام الغزالي في علي!
وهناك كلام النبي صلى الله عليه وآله: عَليٌّ مع القرآن، والقرآنُ مع عليّ.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=157681
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15