وهكذا اصبح الاستاذ (احمد الكاتب) ظاهرة نفخها الاعلام العربي والعالمي، وهو في حقيقة الامر لايشكل شيئا ذو وزن عند الشيعة، فهو ليس أول من أنكر ولادة الإمام المهدي ( )، وطبيعي ليس آخر من سينكره في المستقبل، وليس هو أول من أنكر عصمة الائمة، أو أثار شبهات حول تحديد الائمة باثني عشر اماما، بل هو واحد من الآلاف والملايين الذين لم يشكل احدهم يوما عقبة تذكر، كي يشكلها اليوم (احمد الكاتب) او غير احمد الكاتب الذي يقف في ميدان اعزل، ويصرخ هل من مبارز يبارزني؟! وفي الحقيقة دعي الاستاذ الكاتب الى عدة محاورات، ومنها المحاورة الاخيرة التي عقدتها شبكة الهجر الثقافية، ولم يستطع مجاراة المحاورين، فانسحب بحجج واهية، واعتذر بحجة عدم تفرغه واستعداده، وان الشبهات التي اثارها الكاتب هي ليست جديدة علينا، فالشيخ الصدوق المتوفي عام (381 هـ) دوّن لنا في كتابه (اكمال الدين) الذي اصدره قبل الف سنة أو يزيد عن ذلك... ليكشف ان معظم هذه الاسئلة قد اثيرت في حينها، واجاب عليها العلماء، فما نفعل بمن لا يقتنع بالادلة الدامغة؟ وعدم اقتناعه لايعني عدم صحة الردود او القضية، فهناك الكثير ممن لم يقتنع بوجود الله سبحانه تعالى، والذي اتفق على وجوده عز وجل المسلمون والمسيحيون واليهود.. ولنفترض ان الكاتب تخلى عن تشيعه، ثم ماذا؟ فبالمقابل هناك مئات ممن تشيّعوا وكتبوا ما توصلوا اليه، واخذوا يدعون الناس الى التشيع، وشكلوا أعظم ظاهرة شهدتها الانسانية، والايمان بامامة المهدي ( ) عند الشيعة فرع للايمان بالامامة الالهية الخاصة لاهل البيت عليهم السلام القائمة على النص والعصمة، والتحديد باثني عشر إماما وأدلتهم الكتاب والسنة... وما كفـّروا يوما مسلما ادلى بالشهادتين، فالحيف الحقيقي وقع على الشيعة عندما كفـّرتهم بعض الفرق السياسية.. يقول سماحة السيد سامي البدري في محفل رده على احمد الكاتب: ان الدليل واضح من حديث المنزلة، وحديث الثقلين، وآية التطهير، وحديث الكساء، وحديث الائمة الاثني عشر عليهم السلام، ونص سابق من الائمة على لاحقهم، والشيعة لم يتراجعوا عن اشتراط العصمة، والنص، والسلالة العلوية الحسينية، وحصر العدد في اثني عشر اماما في هذا المعنى من الامامة، والمعنى الثاني للامامة معنى الحكومة واقامة الحدود، ويعتقد الشيعة انها للنبي (ص) ومن بعده للائمة الاثني عشر عليهم السلام، ولم يتراجع شيعي واحد عن هذا المعتقد.. واما في عصر الغيبة الكبرى هناك علماء رأوا بتعطيل الحدود، بعذر اقامتها خاصة بالمعصومين فقط.
واتجاه يقول بجواز قيامها من قبل الفقهاء، مع القدرة، وفي ضوء ذلك يتضح ان السؤال خاطىء اساسا، ومبني على الخلط بين قضيتين، أستخدم لفظ الامام للتعبير عنهما، وهما الاولى: قضية وجود حجج إلهيين على الخلق بعد النبي (ص) شهداء على الناس، والثانية: وهي قضية من له حق الحكم في الاسلام، وهذه القضية قد شخـّصها القرآن الكريم: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) المائدة: 44 وبهذا المعنى يلتقي المعنيان في عصر الائمة في شخصهم عليهم السلام انهم حجج الله تعالى بعد النبي (ص) وحق الحكم منحصر بهم في زمان حضورهم.. وصار لدى الشيعة يدل على معنى ثالث هو حصر مصداقه بعد النبي (ص) بالمعصومين الاثني عشر عليهم السلام، ولا أدري لماذا هذا الاصرار من الاستاذ الكاتب على خلط المعنيين؟
القضية الاولى: هل يوجد أئمة معصومون مبيّنون للدين بعد النبي (ص) بكون بيانهم للسنة النبوية، وتفسير القرآن، كبيان النبي (ص) مع كونهم ليسوا انبياء؟ ومن هم هؤلاء؟ وكم عددهم؟
والقضية الثانية: من له أهلية وحق اقامة الحدود، وتنفيذ الاحكام في المجتمع الاسلامي، هل كل مسلم كيفما اتفق، أم هم صنف معين من الناس له مواصفات خاصة وشروط خاصة؟ وهل يتصدى المؤهل كيفما اتفق أم لابد من طريقة خاصة؟
|