يوماً ما فكر جناب الوالي وأمر بإحضار وعل جبلي أبيض اللون وتوسط ديوانه بسراي الولاية، وقد لبس معطفه المزركش و(نياشينه) المتدلية على كتفيه، واعتمر نركيلته وجلس على كرسيه الوثير وأحاط به ندماؤه وربط الوعل بالكرسي على جانبه وأمر بإحضار علية القوم من المسلمين والمسيحيين واليهود... أمر بإدخال المسلمين أولا وبعد التحية والترحاب بادرهم بالسؤال عن معرفة نوع الحيوان الذي بجانبه ؟ أجابوه متأكدين: أنه وعل جبلي ليس غير، واستغربوا من سؤال الوالي هل هو عدم معرفة أم فخ نصبه للاحتيال عليهم...؟ المهم أجابهم: هذا جواب خاطئ وأمرهم بدفع غرامة مئة ليرة..! دفع القوم وخرجوا. وكان بباحة السراي الوفد المسيحي، سأل الوفد المسلمين عما دار بينهم وبين الوالي، فأخبروهم عن ذلك، أمر الوالي بدخول المسيحيين وسألهم نفس السؤال وبعد التفكير فيما بينهم أجابوه: جناب حضرة والينا هذا نوع من الماعز النادر الوجود وهنئوه على اقتنائه مجاملة لاسترضائه... أجابهم: هذا جواب خاطئ وأمرهم بدفع مبلغ الغرامة مئة ليرة...! دفع القوم هذه الضريبة وخرجوا. استقبلهم الوفد اليهودي واستفسر أيضا عما دار بينهم وبين الوالي فأخبروهم مفصلا عن ذلك...
ثم أمر الوالي بدخول وفد يهود بغداد ودار بينه وبينهم مثل سابقيهم ولم يفكروا كثيرا بالجواب، لأنهم يعرفون بغلبة مكيدة الوالي على كل حيلهم وأجابوه على الفور: جناب الوالي هذا وابل من السماء وقع على رؤوسنا ولا ينجينا منها إلا بدفع المائة ليرة... جناب الوالي ممنونين لحضرتكم وللمحظوظ الذي بجانبكم...
أجابهم: عفارم... عفارم عليكم.
|