أمر الوالي بحضور مجموعة من (الجندرمة) لديوان السراي وأعطاهم التعليمات بمّد الزناجيل (الحبال) من نقطة معينة إلى أخرى مخترقة دور أهل المحلة من الناس البسطاء... وحدث هرج ومرج بين أهل المحلة لأنهم يعرفون أن ذلك أسلوباً في ابتزازهم بحجة استحداث طريق جديد ولا حل لهم إلا باللجوء إلى مختار المحلة، وهذا يعني جمع مبلغ من المال من كل بيت دون مراعاة لعوز الناس وفقرهم... وقصدوا مختارهم أبو جودي... يجمع مختار المحلة المبلغ ويضعه في كيس ويقصد السراي (ديوان الوالي) وبعد التحية يسلم مختار المحلة كيس النقود ويضمه في جيب سروال الوالي ويبلغه استرحام الناس ومظلوميتهم ويرجوه برفع الزناجيل عن المحلة لا سيما وأنهم قد جمعوا له المقسوم بعد بيع أغراضهم وبعض حلي نسائهم... يبتسم الوالي وهو يتأرجح على كرسيه وقد وضع أركيلته جانباً وهو يقول: جناب مختار محلة (عفارم... عفارم) أنت تحب أهل محلتك والسلطة تشكرك على ذلك ونحن من جانبنا قررنا رفع الزناجيل عنهم... جناب المختار (خاطركم عزيز) عندنا... إذهب لأهل المحلة وبشرهم بمرحوميتنا لهم. يغادر المختار وهو يعرف تماماً أن بعد يوم أو يومين سيمد زنجيل آخر على محلة أخرى وهكذا يبقى الاحتيال وإذلال الناس وظلمهم.
|