• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الخلط العجيب .
                          • الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني .

الخلط العجيب

 لابد أولا أن نعي وظيفة كل مسعى كتابي، لنعرف متطلباته دون أن نخلط الشؤون المهنية بطقوس وشعائر تحتاج الى مرجعيات ونصوص تستند إليها، وإلا ستصبح الكتابة فيها خليط عجيب من أفكار غير منسقة وغير منضبطة أساسا، وهذا شأن معظم الكتابات التي تتصدر اليوم عناوين مواقع الانترنت الجياشة بالحقد والحسد والأنانية واللاثقافة... والمملوءة بألقاب أكاديمية تتمسك بالظاهر البراق (الدكتور، البروفسور، وال...وال...)

ومعظمهم من رفاق البطالة والدم المباح، مما تقع علينا مسؤولية أن نعلمهم: إخوان، دكاترة، بروفسورية... اعرفوا أولا إن القيم الثقافية وخاصة التدوينية، لاتنفي العلاقات المهمة التي تربط الأدب بالفن والعلم بالدين، وإن المدونات لابد ان تحمل حقيقة المعنى العام بشيء من الإحترام، فالمذاهب الإسلامية لا تصلح أن تكون ميدانا للتجارب المبتدئة في الكتابة، واحترام مذاهب الناس هو من ضمن نطاق التشريع الوطني والإنساني، وعملية النقد ليست اهزوجة من تلك الأهازيج التي كنتم تستقبلون بها قائد الضرورة، وإنما تحتاج إلى صبر ومطاولة وعمق بحث ولا تؤخذ الأمور على هوامشها إطلاقاً، وإلا ستنحرف الكتابة نحو أمور خطابية مفادها {إنا، وإنا، وإنا... وانتهى الموضوع} وإلا هل يحق لكاتب مرموق يحمل شهادة أكاديمية أن يصف الإنسان كأي بهيمة فيستخدم عبارات لا تليق إلا البهائم، قالوا للمسيح عليه السلام: لِمَ تدعو لمن يشتمك؟ قال: كل يعطي ما عنده، ويبدو أن هؤلاء الكتاب شدوا أحزمة العزم، واتفقوا على هجوم موحد على الشيعة المسلمين لكونهم يتذكرون ثورة الحسين (ع) دون أن يتجرأ أحدهم ليوضح هل الهجوم تأريخي أو هو حاضر آني؟ أي هل المقصود الشيعة اليوم أم الحسين (ع) بذاته؟ فيتعكزون على أمثال غريبة ومفاهيم عجيبة ليصلوا إلى نتيجة واحدة... أن هذه الأمور غير مجدية، ولا أدري ما مفهوم المجدي عندهم؟ هل المجدي مثلاً أحزمة الموت الناسفة، وسيارات التفخيخ والدعايات الشائنة...
أولاً: يرى الدكتور الكاتب أن هذه العاشورائيات موضع تخلف وعمى... 
أقول: يشهد العالم أجمع اليوم أن نتاج المجتمع المسلم يحمل الكثير من علامات التقدم العلمي والعبقرية الفردية، ومعظم هؤلاء العلماء يحملون مظلومية كربلاء وما جرى على الحسين (ع) عنواناً من عناوين الجهاد العلمي والعمل الإنساني الصبور.
ثانياً: يرى الدكتور أن ما يطرحه الموضوع العاشورائي يؤدي إلى تأجيج الخلاف في العراق...! 
أقول: وربما هي نبوءة كاتب... وأتوقع اليوم قبل غد أن أقرأ لافتات تحمل عناوين مزدانة بالخير {موكب عزاء سنة الكرخ وسنة الرصافة، موكب عزاء سنة الرمادي، موكب عزاء سنة الموصل... سنة ديالى} والتي هي من أهم نقاط المرتكز في العراق لا التفريقي كما يرى أهل العاهات والمرض، والأجدر بالعالم المثقف أن ينظر صوب الاختلافات المذهبية على أنها مسألة صحية وعافية فكرية لا يمكن أن يصل بها الأمر للاقتتال اطلاقاً، وأما من يأتي ليرفض مجتمعاً وإنسانية شعب فذلك ليس له دين ولا مذهب. 
ثالثاً: بعد ما ذهب الدكتور إلى الانتقاص من عاشوراء والشيعة، ذهب للانتقاص من شخصية الإمام علي (ع) ومبيته في فراش الرسول (ص) وهذا ما دونته جميع الكتب السنية والصحاح، ونادراً ما يخلو كتاب من ذكر هذا الموقف، ثم يعرج إلى الانتقاص من المرجعية ومن ثقافة أهل البيت وأغرب ما في القول ما جاء بين قوسين توجه كعلامات استفهام...
{وأي مجتمع هذا الذي غيبت عنه ثقافة أهل البيت حتى يركز عليها اليوم علماء الشيعة؟}
أقول: رحت أبحث عن أوليات كاتب المقال... وإذا به رجل عاش عمره في بريطانيا، وجميل منه أنه مازال يكتب بالعربي، هذا إذا لم يستعن بمترجم والعلم عند الله... لكنني هنا وفي هذه النقطة بالتحديد أعذر الدكتور حين يتحدث عن بويهيمية وحيوانية البشر، لأنه من الغرابة على إنسان مثقف يحمل شهادة (دكتوراه) ويجهل إلى الآن ماذا يجري في العراق والذي يسميه (بلدي) ؟ 
وطيلة 35 عاماً من مأس واضطهاد وتغييب ثقافة أهل البيت ومنع الكتب الإسلامية واعدام المثقف المسلم والفتك بالعلماء واعدام العشرات منهم ومحاربة الشعائر الحسينية التي مازالت إلى اليوم تخيف أتباعهم وأتباع الجحود... ويذهب بعد ذلك ليسأل عن مفاهيم إسلامية دون أن يعرف أن هذه المفاهيم التي يسميها إسلامية ويعتبرها مصدر إرهاب في العالم، هي من صنع أسياده وليست مفاهيم الرسالة النبوية المسلمة التي تحمل السلام إلى الناس أجمعين...
تحدث عن الترهيب الإسلامي دون أن يذكر قيم الترغيب، وتحدث عن فصل الدين والسياسة وراح ينتقص من تاريخ الحضارات العراقية، ومن الملاحظ أنه ركز على محافظة الناصرية يبدو لأنها قاتلت الأمريكان حيث لجأ أهلها إلى الاتفاق معهم دون قتال، ولو كان الدكتور إنساناً واعياً لافتخر بأي مدينة عراقية دون أن ينظر لهويتها المذهبية فلا فرق عندنا بين تكريت والناصرية وبين الرمادي والنجف لأن كربلاء الطف علمتنا معنى الهوية الشاملة. وبعدها تحدث عن سيرة أهل البيت (ع) وأنكار نبوة النبي (ص) ومثل هذه العنجهيات والسرديات الفارغة التي أكل عليها الدهر وشرب... 
وأخيراً ستبقى راية عاشوراء الطفوف براقة عالية بالعز والمجد والكرامة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=154587
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 04 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15