(ايديولوجية الجماعات التي تتبنى التطرف والإرهاب وتصدي أهل البيت (عليهم السلام) لهم/ ثورة الإمام الحسين أنموذجاً)
استقرار البحث من حيث التمكن الأدائي، يمنح الباحث قدرات إبداعية تسوغ الانتماء الجدي الى معناه وهويته البحثية، وبحوث مهرجانات ربيع الشهادة امتلك الكثير منها آفاقاً نفسية وروحية وفنية، بحث الدكتور عباس فاضل السراج المعنون (ايديولوجية الجماعات التي تتبنى التطرف والإرهاب، وتصدي أهل البيت (عليهم السلام) لهم/ ثورة الإمام الحسين انموذجاً)، سعى فيها لإظهار المعنى الحقيقي للارهاب الذي تعرض له اهل البيت (عليهم السلام).
التطرف لم يكن سمة مستحدثة، وإنما هي ابنية العنف التكفيري، والذي عانى منه رسول الرحمة (صلوات الله عليه وعلى اهل بيته الطاهرين) وانتهاء بأتباع اهل البيت (عليهم السلام)، اشتد الإرهاب على أفكار ذات رؤى ضيقة المعنى، مازالت تستند على عنجهيتها الى اليوم، فوضح الباحث الدكتور عن معنى الإرهاب.
والتطرف لغة من الرهبة او الخوف، والمصطلح قديما كان يعني المفسد او جناية الحرب والإرهاب، من أكثر المفاهيم التي وقع الاختلاف عليها، ويرى الحداثيون انه استخدام رمزي للتكفير، وهو العنف المتكون لأهداف سياسية التي تنتمي للمعتقدات الإنسانية الخلاقة.
عرض الباحث في مقاربات يتوسم بها القدرة على الولوج الى معترك التكوين الأول لمفهوم الإرهاب معنوياً، فقد وضع تفاصيل جنائية، واتفق العلماء على انها اشد الجنايات، وانفتح النص على روح المعاصرة ليعطي ابعادها الجذرية.
والبحث في تنامي التكوين التحزبي، الجماعات التي تتبنى التطرف والإرهاب عبر قناعات تأخذ بأفكار شخصيات ومقدسات موهومة، يعتبرونها من المسلمات فكرا وعقيدة وسلوكا، وجوهر الخطأ هو الحاق هذا الإرهاب بالجهاد عنوة وقسرا وعدّوا كل ما يصدر خلافه باطلاً وظلماً، هم اعتمدوا في مقياس الحق على الرجال، بينما نجد أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (لا يعرف الحق بالرجال، وإنما تعرف الرجال بالحق) وقوله: (اعرف الحق تعرف أهله).
فجاء بناء النص البحثي المنجز الإرهابي منذ عصر الرسالة، حيث تأسست عقيدة التطرف من خلال التكفير وترويع الناس الآمنين، وابتلت به الرسالة الإسلامية بعد الدعوة الإسلامية، وحتى بعد الهجرة وكان لأمير المؤمنين (عليه السلام) النصيب الاوفر من هذه التجمعات المارقة، والخوارج ابرز الشواهد بما قامت به من إرهاب منظم، ليتحول في مرحلة الدولة الاموية الى إرهاب دولي، وتبني فكر منهجي لترويع الناس.
ويعد أول من أسس هذا الفكر ابن تيمية، عندما وضع أسس مبدأ التنظير ومن بعده محمد بن عبد الوهاب، يعني تحويل الفكر التكفيري من مقام النظرية الى مقام التطبيق، وأجمل البحوث تلك التي تعمل على مبدأ الاستنتاج وتعطي الرأي.
والسيد الباحث يرى ان الفكر التكفيري الآن تطرف اكثر من خطوات التأسيس، اذا كانت تقف عند حدود تكفير الجماعات، اليوم تبني تكفير الحكام والأمم وميز الحركات التكفيرية بالتصرف في سن الدليل الشرعي الناتج عن قلة معرفة او نزوع نفسي، وميلهم الى العنف والقسوة والتعصب ورفضهم حتى للحوار مع الآخرين وعدّوا فكرة التقارب بين المذاهب فكرة يراد بها ان تكون فخاً لأهل السنة والجماعة، ويمتاز بسرعة التقلب وتغيير الآراء، وابتلت بهم الامة الإسلامية، وخاصة اتباع مدرسة اهل البيت (عليهم السلام)، تناول الباحث في مساعيه بالبحث عن جوهر المعنى عن مسألة مهمة في قضية تصدي اهل البيت (عليهم السلام)، فيما يتعلق بالرسول الكريم (ص) وأمير المؤمنين (عليه السلام) هل واجه النبي (ص) الإرهاب بالإرهاب أم واجهوه بالتسامح والعفو؟ والوقوف وفق المنهج الحسيني، درس أولا المبنى الفقهي لثورة الامام (عليه السلام)، وهذا رد واضح على تهمة الخروج، وللحسين (عليه السلام) مبررات للثورة، لابد من كشف ما تعرض له الامام (عليه السلام) من إرهاب وكيف تعامل الامام (عليه السلام) اتجاه الإرهاب.
والواقع التربوي للحسين (عليه السلام) يؤهله لينال مميزات نادرة لأخلاقيات اهل البيت (عليهم السلام)، حين بكى على مصير قاتليه، أنموذج حي لتكوين مسألة رفض تام لهذا الإرهاب.
ومن روعة ما اقدم عليه الباحث، حين ختم بحثه بتوصية العالم الإنساني والإسلامي ان تضع الفكر التكفيري على انه الخطر الأشد ضد الإنسانية، ومحاولة تجفيف منابع هذا الفكر الإرهابي التكفيري من خلال الارتكاز على فكر الامام الحسين (عليه السلام) باعتباره منهجاً إنسانياً يحفل بالكثير من التجارب الناجحة.. نبارك للباحث إنجازه البحثي الرائع.
|