• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : انتظار .
                          • الكاتب : محمود جاسم النجار .

انتظار

أنتظار
تك تك .. تاك ..
الدقائق تلهث .. مهزومةُ
يا ترى ، هل يَصل القطار ..
تك.. تك .. تاك
هل تنعش النَسائم سُحنتي
أم  سيطول عهد الأنتظار
هل تطأ قدماي بلدتي
هل ألتحفُ العافية ..
من جديد
وفرحتي تزيح العتمة
وبيدي أرسمُ شمساً للنهار
***
أنتظار
تك تك .. تاك ..
هل تئن اللَوعة .. من وجعِ
أم تزداد اللَهفة .. بذلك الرجعِ
أشتقتُ ..
لتلك النَسائم وقهقات الأهل
لعشقي الأول ..
لأحتضان يد القلب والشفاه للطلعِ
حقائبُ مَدرستي
كتبَ  الصفَّ والتراتيل  ..
عَلمّتني كبف أصبر  
كيف البَعيرُ يبقى على تلٍ بلا جَزعِ
كيف راشد كان يكّدُّ ويزرعُ
وأهله وعشيره جوعى ..
 يمضغونَ الخبر يُباساً بلا نقعِ
هل سيعود الخير ..
وتعود أمانينا التي تاهت ..
وتاهَت قوافلنا وقوافي الحبِّ والسَجعِ

****

أنتظار ..
تك تك .. تاك
ياترى ..هل سيصل القطار ..
قد ملّت الروح أوجاعها ..
العين ملّت من نوافذْ ترقبّها ..
ترى هل ..؟
ينقشعُ قناع الليل ويتضحُ النهار
ألا فأهدئي ياروح ..
وأنثري الأشواق .. زهراً
وأقلعي تاريخ شوكٍ فقد دنونا الديار
تزول الرَزايا ويولد فجرُ جديد
ونعبر الهمَّ ونقبّل العافية كفَم الوليد
محطات عمري ..
طوَت أربعونْ من أضراسِها كدَرُ 
فهل في الدَنو ألقُ وحبُ وأنتصار
ترى هل سيصل القطار ..
*****
اشتقتُ لدعاء أمي ..
للشوارعِ .. للرَوجاتِ .. للفيافي 
لطيبة أهلنا ولمُفردات الحُب
تتناثر .. تسموا
حبيبي .. أغاتي .. تأمرني ..عوافي
لشمس بغداد التي حَرقتها وأحرقتني
لخبزة التنور المنشورة بنبضِ الطين  ..
طين سومر وعذبَ فراتِ ..
مَغموسةَ الدُعاء ومجبونةَ بأحلى القوافي
أنتظار بشوق  ..
وشوقُ بانتظار ..
أتعكزُ أكتاف الليل .. مذروفَ الفيافي

****
تك ..تك .. تاك
ترى هل وصلَ القطار
ألمحُ .. أفقك النائي .. يناديني
منارات ذهبٍ ..
ونور يأنُّ بجراحاتِ الأولياء
ولظى رَماح الشمر .. باقيةُ موقدةُ الجِمار

تقطّعَّ أوصالنا ، أحشائنا ..
أرزاقنا ، أحلامنا.. أرباً
تلسعُ ما خُتمَتْ به صدور الأنبياء ..
ترى هل يصل القطار ..
ت.. ك .. ت.. ك ..ت ..ك
تزحف عجلات القطار ..
باكيةً ، تئـن ..
تلهثُ..
تعجُّ روحها بالرمادِ والأنهزامِ والبُخار
يذكرني ..
بوَجع الأمهات الثكالى والأولياء ..
حلمُ اللقمة بيد الفقراء
الحروب العاهرة .. تحفر ذاكرتي المثقوبة
بظلامِ تواريخنا الملفقة ..
والظلمِ الذي أرتديناه وأرتدانا بالجِهار
مازالت أنيابه مغروسة بأكتافنا ..
والطغيان ينخر فينا ..
كحروبنا العمياء حاسرةَ الخمار
تثائبت سكك القطار ..
كروحيَ الثكلى ..
كنهر دجلة معفراً ..
بالدمِ والحبر والتأريخ وصرخات النداء
تسائلنا جميعاً ..
روحي وعقلي وسكك الدروب ..
بصوتنا المبحوح
ترى..
هل سيصل القطار
وأتانا الرد مكسوراً يردد ..
ليس هناك مفرُ من المكتوب
سيصل القطار حتماً
وتسير القافلة وتمضي بقرار
أذن سيصل القطار ..!

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14960
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 03 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16