مَوّالُ النَّهْرَيْن

 النص الفائز بالجائزة الثانية في مسابقة مؤسسة الأمل الإبداعية للعام 2011

 
مَوَّالُ نَهْرَيْكَ
 صَبَّ الشَّكَ فِي شَفَتي
إِلَى مَتَى تَعْزِفُ الْآهَاتِ يَا أَبَتي؟
 
مَتَى تَعُودُ،
وَفِي كَفَّيْكَ أَسْئِلَةٌ
لِلْخَارِجينَ عَلَى قَانونِ أَجْوِبَتي؟
 
خَمْسُونَ عَاماً 
وَذَرَّاتُ الْهَوَاءِ دَمٌ
فَكَيْفَ لايَطْمَعُ الشَّيْطَانُ في رِئَتي؟
 
خَمْسُونَ عَاماً،
 وَمَاءُ الرَّافِدَيْنِ يَرَى
وَيَسْمَعُ الْجُرْحَ في تَكْبيرِ مِئْذَنَةِ
 
وَهَبْتَني الطِّينَ حَرْفاً، فَاهْتَدَيْتُ إِلَى 
نَجْمٍ،
 يُكَرْكِرُ في تَطْوافِ أَشْرِعَةِ
 
فَأَحْمِلُ التَّمْرَ بِالثَّوْبِ الَّذي ابْتَهَلَتْ
لِأَجْلِهِ 
في ضِفَافِ الْفَقْرِ أَرْغِفَتي
 
وَأَسْكُبُ الْعَفْوَ
 في ثَغْرِ الْفَلَاةِ نَدَىً
يُكَفْكِفُ الْمِلْحَ عَنْ سيقَانِ سُنْبُلةِ
 
بِعُذْرِ فَقْدِكَ أَبْدَى الْكُفْـُر سَوْأَتَهُ
فَلَأْلَأَ السَّتْرُ
 مِنْ حِنَّاءِ أَدْعِيَةِ
 
وَتَحْتَ صَبْرِكَ خَرَّ الظَّنُّ، يَصْرَعُهُ
خَوُفٌ، 
فَأدْرَكَهُ تَأْويلُ أُحْجِـيَتي
 
يَا مَنْ تُؤَرِّخُ لِلْأَشْيَاءِ
 تَوْبَتَهَا
لِتَصْرِفَ النَّارَ عَنْ عُشَّاقِ مَمْلَكَتي
 
يَامَنْ تَبُوحُ بِفَتْوى الْمَاءِ
 مُرْتَجِلاً
قَصَائِدَ اللَّوْزِ في شُطْآنِ بَـسْمَلَةِ
 
أَنْـتَ الْهِلَالُ الَّذي في كُلِّ خَارِطَةٍ
رَسَمْتَ عِيدَكَ 
مِنْ أَصْدَاءِ زَخْـرَفَةِ
 
وَأنْتَ مَـيْسَـرَةُ الْكَأْسِ الَّتي سَكَرَتْ
مِنْ رَشْفِهَا
 بِظِلَالِ الصَّفْحِ مَيْمَنَتي
 
فَـتَّشْتُ عَنْكَ، 
وَعَنّي بَيْنَ أَعْمِدِةِ
النَّارِ الَّتي الْـتَهَمَتْ آيَاتِ تَبْرِئَتي
 
هذَا رَآكَ بِبَابِ الْكُوخِ مُبْتَسِماً
تُجَفِّفُ الْحُزْنَ عَنْ أَهدَابِ سَيَّدَةِ
 
وَقَالَ: آخَرُ صَلّى بِالرَّصَاصِ هُنَا
مُكَرِّراً قَوْلَ:
 يَا رَبّاهُ... أَضْرِحَتي
 
وَصَاحَ شَــيْـخٌ:
 لَقَدْ كَانَ الْعِرَاقُ مَعي
يَسْتَغْفِـرُ اللهَ عَمَّنْ عَقَّ مُعْجِزَتي
 
حَتّى انْـتَهَيْتُ إِلَى مَنْ لَيْسَ يَعْرِفُني
ولَيْسَ يَعْرِفُ سِرَّ الرَّبِّ.. فـي لُغُتي
 
قَالَ:
 انْتَحَرْتَ فَمَاجَتْ خُطْوِتي وَجَلاً
وَاغْبَرَّ يُوجِعُني ضَوْضَاءُ مَقْـبَـرَةِ
 
بَيْنَ الْقُبُورِ دَعَانـي مَنْ يُقَاسِمُني
ثُقْـلَ الْمَسيرِ إِلَى تَحْنَانِ أَجْنِحَةِ
 
طِرْنَا مَعَاً حينَ نَاَدى وَحْيُهُ فَرَحاً:
يَا صَانِعَ الْحَـرْفِ 
في كَفَّيْكَ أَمْتِعَتي
 
وَهَا أَنَا أَسْمَعُ الْأَجْرَامَ
 قَائِلَةً:
يَا صَانِعَ الْحَـرْفِ لِلْإِنْسَانِ لَمْ تَمُتِ
............................
 
البصرة في ‏شباط‏‏، 2011