كيف نقرأ التأريخ الإسلامي
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

من فروع القراءة غير السهلة على القارىء المهتم بما يقرأ هو فرع التأريخ الإسلامي ، ويحتاج قارئه فعلاً الى الإلمام ببعض المقدمات والأدوات الخاصة بهذا التأريخ ..
ولأن قراءة التأريخ لا تقرأ لنفسها وإنما لأخذ الدروس والعبر منها ، ولأن التأريخ الإسلامي والديني عموماً يعتبر تاريخاً حساساً ومهمّاً للغاية كونه مرتبطاً بعقيدة المسلم وأدبياته وتوجهاته الدينية ، أصبحت الحاجة الى معرفة كيفية قرائته أكثر حاجة وأكبر طلَبا ..
ومن خلال مقال واحد لا نستطيع أن نحيط بالإجابة ولكن سنحاول ذكر بعض العناوين العامة المُساعدة لذلك :
1. معرفة جواب ( مَن كتبَ التأريخ الإسلامي ..؟ ) كفيل بمعرفة جواب ( كيف يُقرأ ..؟ ) لأن التأريخ الإسلامي في - الغالب - كتبته الأقلام المأجورة والمشبوهة وخطته ايدولوجيات موجهة باتجاه الولاء لاتجاهات سلطوية أو مذهبية مختلفة ، فالقارىء عندما يعلم كاتبه على هذه الصفة وهذه المستوى سيكون حذراً من كل معلومة مطروحة أو فكرة مسطرة وعليه لا يأخذها مأخذ المسلمات ..
2. هل كُتب التأريخ الإسلامي عن حس ..؟ّ أم حدس ..؟ ، فهل كان المؤرخون يكتبون عن عصرهم أم عن أخبار قد نُقلت إليهم من هنا وهناك ، في الغالب لم يُدّون التأريخ الإسلامي اولاً بأول مما شكل ضياعاً لكثير من الأحداث فضلاً عن التفاصيل وتلاعباً قي تفسير ما ذُكر منها .
3. لم يكن هنالك قرّاء جيدون كُثر قد تعاقبوا على ما قد كُتب من التأريخ ممكن يسدوا نقص الكتابة وتزييفها ، بل نجد هنالك قراءات مشبوهة للتاريخ قد زادت من الطين بلة ، ولعل طبقة المستشرقين ومن تأثر بهم كانت من اسوأ الطبقات المتأخرة التي قرأت التأريخ الإسلامي ولعبت به لعبتها لصالح توجهاتها الخاصة .. وعليه : فلا تتوهم أخي القارىء ، فأحياناً أنت تقرأ قراءة تأريخية وليس تأريخاً مكتوبا ، والفرق كبير .
4. لم يخضع التأريخ الاسلامي المنقول الى التشدّد السندي والتشدد في معاني ومدلولات متونه كما هو حاصل في النصوص الاسلامية الأخرى ، مما جعله في مهب ريح كل من هبّ ودب ، وبعض الكتابات التاريخية اعتاشت على غيرها ولم تذهب الى الحادثة المنقولة من طريق آخر ولهذا فكثير من المقاطع التاريخية نجدها تعود الى مصدر واحد ولكنها عرضت بشكل يوحي الى التواتر أو الاستفاضة في النقل .
5. لا نبخس حق الكتابات التاريخية الجيدة والصادقة على قلتها التي جائتنا عن حقب زمنية إسلامية مختلفة لحقتها قراءات جيدة ايضاً قد وضعت بعض النقاط على بعض الحروف .
قراءة التأريخ الإسلامي تحتاج الى خبرات متراكمة من التحقيق والتدقيق والتحليل والمقارنة ، فقراءة النص التاريخي مع قراءة النقود العلمية والدراسات البحثية التي أجريت عليه هو الطريق الأسلم وإن كان الأطول .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat