• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : نشاطات .
                    • الموضوع : السيستاني في 14 تموز ــ صفعة وعودة إلى بدء !. .
                          • الكاتب : نجاح بيعي .

السيستاني في 14 تموز ــ صفعة وعودة إلى بدء !.

 بعد انقطاع يقرب من عام ونصف أي منذ 5 شباط 2016م , عادت المرجعيّة العليا لتطرح رؤيتها بالشأن العراقي , وكما أوعدت بأن ذلك سيكون " حسبما يستجدّ من الأمور وتقتضيه المناسبات " أو حسب الضرورة . تُرى ما الذي استجدّ من الأمور , حتى اقتضت المناسبة والضرورة , لأن تُعيد المرجعيّة العليا على أسماع الجميع ما كانت تطرحه وتطلبه سابقا ً ؟!.

لا يخفى على المُتتبع بأنّ خطابها , الذي جاء عبر منبر صلاة جمعة كربلاء في 14 تموز 2017م , والمتضمن للنقاط المُنجّية الأربع , والكفيلة لعبور مرحلة " الكبوة " أو مرحلة ما بعد داعش , هي بالحقيقة رؤى ومطالب ليست بالجديدة , لقد سبق وأن نادت بها في وقت سابق , وعلى سبيل المثال لا الحصر :
تحذير المرجعيّة العليا من الشحناء والفتنة الطائفيّة وتهديد السلم الأهلي , وتحذيرها من عواقب الفساد الإداري والمالي , وكذا مطالبتها مِن مَن هُم في السلطة تطبيق " مبدأ العدالة والمساواة بين أبناء البلد في الحقوق والواجبات .. مع حماية الأقليات الدينيّة " يعود إلى بدايات انطلاق العملية السياسيّة عام 2005 م ! وكررت مطالباتها عبر قنواتها المختلفة من خطب وبيانات واستفتاءات ووصايا كثيرة جدا ً !. 
ولعل أقوى رد للمرجعيّة في موضوع إلغاء إمتيازات المسؤولين الغير مقبولة , يأتي بعد مطالبتها الحكومة بإلغائها عام 2011م , حيث دعت في 7 شباط 2014م المواطنين بـ "  أن لا ينتخبوا إلاّ مَنْ يتعهّد لهم مسبقاً بإلغاء هذه الامتيازات غير المنطقية .." . وهذه خطوة غير مسبوقة , ربما تستثمر المرجعيّة ذات الخطوة وتوجه خطابها مباشرة إلى الجماهير بمواضيع مختلفة مستقبلا ً !. 
تُرى أين يكمن سِرّ قوّة طرح المرجعيّة العليا اليوم ؟. خلال القديم الجديد الذي هو في جوهره عودة إلى بدء . عودة إلى ما كانت تطرحه وتُطالب به سابقا ً من أجل إنقاذ العراق وشعبه , والبدء به لا بغيره للنهوض ثانيّة وتجاوز الكبوة المدمّرة للعراق .
فبالإضافة إلى الرسائل المتعددة المستويات , التي ارسلتها المرجعيّة عبر النقاط الأربع,  والتي عُدّت من قبل البعض " خريطة عمل وطنيّة " مثلا ً :
ـ النقطة الأولى : وإن كانت موجهة إلى الجميع ( شيعة وسنّة وعربا ً وكرداً وغيرهم ) على نحو الإطلاق . ألا أنها تشير وبشكل إجمالي إلى سياسي المكوّن السنّي , الذين دفعوا بمواقفهم المتعنتة والشحن الطائفيّ , إلى سفك دماء العراقيين وتدمير البلاد , فاتحا ً أبواب "التدخّلات الإقليميّة والدوليّة في الشأن العراقيّ" !. وبالتالي لن يكون ( ولم يكن ) هناك طرف رابح ,  وسيخسر الجميع ومعهم العراق للأسف !.
ـ النقطة الثانية : نراها أيضا ً موجهة ظاهرا ً إلى الجميع , ولكنها تُشير بوضوح إلى سياسي المكوّن الشيعي , مَن هم في مواقع السلطة والحكم , المُمسكين بدفّة الحكومة , ومن ورائها باقي القوى السياسية المكوّنة بالشراكة معها , أن يعملوا وفق مبدأ العدالة والمساواة , وأنّ " جميع المواطنين من مختلف المكوّنات القوميّة والدينيّة والمذهبيّة , متساوون في الحقوق والواجبات ، ولا ميزة لأحد على آخر إلّا بما يقرّره القانون " !. وهو " كفيلٌ بحلّ المشاكل واستعادة الثقة المفقودة لدى البعض بالحكومة ومؤسّساتها " !.
ـ النقطة الثالثة : موجهة تحديدا ً إلى السلطات الثلاث التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة !. فإذا ما أراد الجميع سيادة الدولة وتطبيق الدستور وتفعيل القانون , عليهم مكافحة الفساد الإداري والمالي أولا ً , وتجاوز المحاصصات الطائفيّة والفئويّة والحزبيّة ثانيا ً ,  واعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم المواقع والمناصب ثالثا ً . وإلا " لا فرصة أمام العراق للنهوض من كبوته مع استمرار الفساد بمستوياته الحاليّة واعتماد مبدأ المحاصصة المقيتة في إدارة الدولة " !.
ـ النقطة الرابعة : فهي للجميع وفي المقدمة الحكومة ومجلس النوّاب !. فتذرّع الحكومة بقلة الموارد المالية , وتقصيرهم بإعطاء حقوق الجرحى والمعوقين وعوائل الشهداء , نرى المرجعيّة  وهي تكشف عن طلبها , بتقليص نفقات ومخصصات وامتيازات بعض المسؤولين الحكوميين , ممّن " لم يتحمّلوا من الأذى والمعاناة , في سبيل وطنهم بمقدار يسير ممّا تحمّله هؤلاء الأعزّاء " ! فبيّنت كذبهم وخطلهم ووضعتهم وجها ً لوجه مع الله تعالى " فاتّقوا الله فيهم واعلموا أنّكم تساءلون عنهم " !.وحسبي أن يكون السؤال والتساؤل في الدنيا قبل الاخرة !.
فبالإضافة إلى كل ذلك .. ألا أن المرجعيّة قد اشارت ,إلى أنّ الوصول إلى النصر النهائي , أو النهوض من الكبوة المدمّرة للعراق , أو حتى في حالة تطبيق النقاط الأربع المنجيّة لعراق ما بعد داعش , منوط بأمور عدّة منها : 
1 ــ الإقرار بأنّ النّصر الكبير والإنجاز التاريخيّ المهمّ المُتحقق ضد العدو داعش تحديدا ً , إنّما جاء وتحقق على " يد مقاتلينا الأبطال .. بجميع مسمّياتهم " دون غيرهم  فلا يتوهم أحد غير ذلك !.
2 ــ الإقرارُ بالفضل الكبير للمقاتلين والشهداء والجرحى , ومن ورائهم آبائهم وأمهاتهم الذين ربّوهم على التضحية والفداء والإيثار !.
3 ــ الإقرار بالعجز التام , والعذر ُ ومعه ألف عذر ٍ لهؤلاء الأبطال والشهداء والجرحى , بأنّ كل ما نقدّمه لهم , لا يفي أو يوازي عطائهم الكبير عن الأرض والعرض والمقدّسات !.
4 ــ الإقرار إذا ما أردنا أن نفرح أو أن نسعد , أو رُمنا أن يبقى النّصر مثال فخر واعتزاز على مرّ السنين والأعوام , بأنّ " ثمن الإنتصار كان غالياً غالياً " . وأن لا ننسى " أنهار من الدماء الزكيّة وآلاف من الأرواح الطاهرة , وأعداد كبيرة من الجرحى والمعاقين وأضعاف ذلك من الأرامل والأيتام " !.
5 ــ الإقرار بأنّ جميع المشاكل والأزمات الحاصلة في " السنوات الماضية قبل استيلاء الإرهاب الداعشيّ " كانت من الأسباب الرئيسيّة لما حلّ بالعراق , على أيدي الإرهابيّين فيما بعد !.
6 ــ الإقرار بأخذ العبر والدروس ( وخصوصا ً السياسيين ) وأن يعمد الجميع بالعمل لتجاوز الأسباب المتمثلة بالمشاكل والأزمات التي ادّت الى خراب البلد !. 
7 ــ الإقرار بأن المرجعيّة في خطاب 14 تموز , تكون قد صفعت جميع القوى السياسيّة بزعاماتها , وجميع المتصدّين في الحكومة , صفعة قويّة بإمكانها أن تُعيدهم إلى رشدهم إن كانوا أصحاب رشد , وسيتذكّرونها كلما طالعوا أدبيات هذه المرحلة التاريخية  للعراق الحديث , وعلى طول مسيرتهم السياسيّة مستقبلاً ! لأنها سجّلت بقوّة وكتبت بخط عريض , عنوان فشلهم الشامل , في إدارة حكم العراق, حتى كبى كبوته الدمويّة المدمّرة , متمثلة باجتياح داعش للمدن العراقيّة !.
7 ــ الإقرار بأنّ رؤى وأنظار المرجعيّة العليا , ومطاليبها ووصاياها الإرشاديّة , هي هي لا تبلى ولا تتغيّر مع كرور الليالي والأيام , ومن لم يُعر لها اهميّة , أو من يُعرض عنها , أو أن يولي مُدبرا ً عنها يخسر الخسران المبين . ويكون قاصرا ً ومقصّرا ً بحقه وبحق غيره . لأنها تنظر بعينِ الله والله مُسدّدها وناصرها , فلا أحد على أرض البسيطة ينظر إلى المصلحة العليا للبلد وللشعب وللمذهب وللدين غير المرجعيّة الدينيّة العليا !.
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=98423
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 07 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15