إن مايميز النظام الديمقراطي عن الأنظمة الأخرى تداول السلطة فيه دون اللجوء إلى قيام ثورات أو انقلابات تطيح بالحاكم، وتأتي الإنتخابات على رأس أولويات هذا النظام فهي تعبر عن رأي الجمهور بمن يثق به لكي يتسلم ادارة الحكم لفتره محددة عادة ما تحددها الدساتير بأربع أو خمس أو سبع سنوات بحسب دستور كل دولة، فالديمقراطية تتعزز في المجتمع كلما أتيح للشعب أن يقرر ما يريده وما يريد أن يفعله وهذة الميزة تقاس على أساسها ثقافة الشعوب وتدلل كذلك على ديمومة النظام السياسي وحيويته .
إن النظام السياسي في العراق قد شهد تحولا مهما بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 تمثل بان يكون نظامه السياسي ديمقراطي نيابي يتيح للشعب حرية اختيار ممثليه في الحكومة دون أن يفرض عليه احد كما كان الحال عليه في السنوات السابقة، وبالفعل خاض المجتمع العراقي ملحمة الإنتخابات لدورات برلمانية ثلاث وتمخض عنها صعود تيارات سياسية ونزول بعضها بحسب نتائج إنتخابات كل دورة، ونحن نقترب من موعد الإنتخابات البرلمانية في السنة القادمة إلا إن هناك مخاوف سياسية قد صدرت تنادي بضرورة عدم تأجيل تلك الإنتخابات لأي ظرف كان وأي سبب، كون أن النظام السياسي العراقي تحكمه الإنتخابات وهي تمثل رأي الشعب بمن سوف يتسلم مقاليد أموره.
إن لتأجيل الإنتخابات سلبيات متعددة منها، إن الدستور العراقي لعام 2005 قد نص في المادة (56) على إن مدة الدورة الإنتخابية اربع سنوات تقويمية، وبالتالي لا يجوز لمجلس النواب تمديد عمله التشريعي كون أن ذلك يخالف الدستور، ويحدث فراغ دستوري خطير جدا يضع من هم في السلطة امام إشكالية دستورية يصعب تجاوزها، كما إن التأجيل قد يعرض النظام السياسي العراقي وتجربتة السياسية الحديثة العهد الى الانهيار، كما وقد نؤسس لدكتاتورية جديدة من حيث لا نعلم متمثلا ذلك بإعلان حاله الطوارئ من قبل من هم في سدة الحكم لغرض السيطرة على النظام تحت اي تبريرات قد تصدر منهم، وغير ذلك من الامور التي قد تعقد المشهد العراقي بصورة صعبة.
لذا فإن إجراء الإنتخابات في الموعد المحدد لها ضمن الأطر الدستورية وبوجود قانون إنتخابي عادل ومفوضية جديدة يقع على عاتقها الإعداد بصورة جيدة لعملية الاقتراع يعد ضرورة ملحة لديمومة الانتقال السلمي للسلطة ودليل على حيوية النظام السياسي في العراق، كما انها تعتبر الضمانة التي من خلالها يستطيع الشعب ان يختار ممثليه في البرلمان وان يؤسس لعهد جديد من نظامه الديمقراطي.
21/5/2017
|