• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحكومة تريد تغيير الشعب .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

الحكومة تريد تغيير الشعب

 تابعت الحكومة ما يجري في الدول العربية من ثورات وانتفاضات ومظاهرات ضد الحكام , وشاهدت التغيير لحكومات حكمت سنين طويلة ,  فشعرت بالقلق , واصابها التوتر , وادركت ان دورها سيأتي يوما ,  فلابد من حل يبعد عنها شبح التغيير , قررت ان تستبق الشعب بخطوة , فجمعت كافة الوزراء والمدراء والمسئولين و المستفيدين , واعلنت القيام بتظاهرات كبيرة تطالب بتغيير الشعب ! . 

احتشد عدد كبير من نواب البرلمان  والمسئولين , وعبأ كل وزير جميع موظفي وزارته , واستقروا على ضفة النهر في المدينة الكبيرة , فأغلقوا الجسر الذي يربط بين الضفتين , ورفعوا اللافتات والشعارات المضادة للشعب , وهتفوا بأناشيد تطالب بتغيير الشعب , وتنتقد كثرة مطالبه . 
تقدم النواب مع حشود كبيرة من مسانديهم يهتفون ( ها ها ها يا عرب ... ما نبي هذه الشعب .... لا يسمعنه مدح .... لا يسمعنه طرب ) . 
رفعت الحكومة لافتات بأسم مجلس الوزراء , كتب فيها (( الحكومة تريد تغيير الشعب )) .
فتجمع منتسبو وزارة الداخلية خلف وزيرهم , مرددين , هاتفين ( لا ارهاب ولا كباب ... هذه الشعب مو حباب ) . 
وتحت راية وزارة الدفاع , احتشد منتسبو الوزارة مرددين , هاتفين ( تبديل ... تبديل .... تبديل هذه الشعب .... تغيير .... تغيير ..... تغيير هذه الشعب ) . 
وحذا منتسبو وزارة الكهرباء حذوهم , فأحتشدوا هاتفين ( ماكو بعد كهرباء ... بس بيوم الاربعاء ) .
                     *************************** 
في الضفة الاخرى من النهر , وعند حافة الجسر , تجمهر الكثير من المواطنين , يشاهدون هذه التظاهرة الفريدة من نوعها , مستمعين لشعاراتها , منبهرين مما يحدث , ففهم كل واحد منهم حسب مفهومه وثقافته , وكثرت الاشاعات المتفائلة والمتشائمة , فمنهم المتفائل :- 
- هاي الحكومة راح اتبادلنه بشعب السويد . 
- شلون ابروح ابوك ؟ . 
- يعني شعبنا ايروح للسويد ... والشعب السويدي يجي هنا . 
- لا اني ما اروح للسويد ... يقولون السويد باردة .. واني ما احب البرد ... بس ليش يبعد خالي خالك ؟ . 
وتجادل مواطنين اخرين في مكان اخر بنظرة تشائمية : 
- هاي الحكومة راح اتبادلنه بشعب الصومال . 
- اشلون يبعد عمي عمك ؟ 
- شعبنا ايروح للصومال .. وشعب الصومال يجي هنا ! . 
- اني ما اروح للصومال .. زين ليش ؟. 
- لان الصوماليين متعودين على الجوع .. ما راح يطالبون بالحصة التموينية .. والسكن ببلادنا عدهم مثل دخول الجنة . 
                            ************************* 
في اثناء ذلك , خرج رجل من جموع المتظاهرين , يسير متبجحا على الجسر , متبخترا كعمرو بن ود العامري يوم الخندق , فصرخ بأعلى صوته في جموع الجماهير على الضفة الاخرى : 
- هل من مبارز ؟ ( مفاوض ) . 
فعلى الضجيج بين الجماهير , وبحثوا عن من يمثلهم في هذه المبارزة ( التفاوض ) , فتقدم خمسة اشخاص من بين الجموع , على التوالي , بايش الكببجي , مريطي التنكجي , صايل ابو عبايه , جلود الحداد و شمهود ابو السبح , فصرخ بايش الكببجي في الرجل بصوت هزّ جموع المتظاهرين :- 
- اخرجوا لنا اكفائنا من العرب ! . 
فقال له الرجل : 
- الست كفؤا لك ؟ ( شنو مو بعينك ؟ ) . 
- لا .... انت ابن البلد ... بس مجنس هندي ! ... نريد عراقيين غير مجنسين من دول اجنبية .. او سقط جنسيتك الهندية وتعال فاوضني .  
فطأطأ الرجل رأسه , ورجع ليختفي بين جموع المتظاهرين خائبا , فدوى ضجيج بين المتظاهرين , واصبحوا في حالة من الفوضى , واحتاروا في اختيار الوفد المفاوض , فيجب ان يكون غير مجنس ! . 
منح المتظاهرين الصغار للمدراء العامين حق اختيار المفاوضين , أجالوا النظر في المسئولين , فلم يعثروا على المطلوب , فتوجهوا نحو الوزراء , وطلبوا منهم اختيار المفاوضين , وبدورهم اجالوا النظر هنا وهناك , فلم يعثروا على الاشخاص المناسبين , فحولوا القضية للبرلمان , الذي فشل هو الاخر في اختيار المفاوضين , واحال القضية الى رئيس الحكومة , تفحص رئيس الحكومة بدوره كافة المتظاهرين , من ذوي الالباب ومن تتوفر فيهم شروط  الكفاءة , فلم يعثر على احد , فاجال نظره نحو الجسر , وشاهد مفاوضي الشعب الخمسة , ينتظرون في وسط الجسر , ورمق المدينة , بشوارعها وبناياتها وشعبها المتجمهر على الضفة الاخرى من النهر , فأدرك انه لا مناص من غلب الشعب على امره , واستيقن انه لابد مفارق كرسيه والى الابد , فطأطأ رأسه , واطلق زفيرا عميق , مليء بالحسرة , واشار الى المتظاهرين بأنهاء التظاهرة , واعلن الانسحاب ! . 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2011/09/19 .

الاخ الرائع حيدر الحدراوي لكل موضوع لك ملحته اسلوب ساخر جميل لك مودتي ودعائي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9621
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 09 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16