وردت آيات عدة في موضوع الهداية في القرآن الكريم ، فالله هو مصدر هذه الهداية ، وهدايته هي الهداية الحقيقية ، وهو الذي يأخذ بيد الانسان الى صراط المستقيم ، وهذه الحقائق يؤيدها العلم ويدركها العلماء ، لذا اقتضت سنة الهداية الإلهية أن يستند عقل الإنسان عن طريق الوحي الإلهي ، ومن خلال الهداة الذين اختارهم الله لتولي مسؤلية هداية العباد ، من خلال تفاصيل المعرفة الإلهية ، على أن تكون عملية التربية الصحيحة باستمرار الأجيال على يد مرب كفؤء علميا ونفسيا ، ويكون قدوة حسنة في الخلق والسلوك كالرسول ( ص ) يستوعب الرسالة ويجسدها في كل حركاته ، لذا التخطيط الإلهي يحتم على الرسول (ص) أعداد الصفوة من أهل بيته (ع) ، والتصريح بأسمآئهم وأدوارهم ، لتسلم مقاليد الحركة النبوية العظيمة ، وبامر من الله سبحانه ، وصيانة للرسالة الإلهية التي كتب الله لها الخلود من تحريف الجاهلين وكيد الخائنين ، ومن منطلق شهر الخير والعطاء ، شهر جعله الرسول (ص) باسمه وهو القائل شهر شعبان شهري ، انبثقت علينا أنوار الهداية المحمدية المولودين في هذا الشهر الكريم الذي هم سفن النجاة الحسين ابن علي والعباس ابن علي (ع) ومن هذه الأنوار هو الإمام علي ابن الحسين ابن علي ابن أبي طالب (ع) .وهو المعصوم السادس من أعلام الهداية ، والرابع من الأئمة الاثنى عشر بعد رسول الله(ص) والذي جسد الإسلام المحمدي بكل إبعاده في حياته الفردية والاجتماعية ، في ظروف اجتماعية وسياسية عصيبة ، فحقق القيم الإسلامية المثلى في الفكر والعقيدة والخلق والسلوك ، برز على الصعيد العلمي إماما في الدين ومنارا في العلم ، ومرجعآ لأحكام الشريعة وعلومها ، حتى أصبح للمسلمين عموما تعلق عاطفي شديد بهذا الإمام ، وولاء روحي عميق له ، كما أشار إلى ذلك موقف الحجيج الأعظم منه ، حينما حج هشام بن عبد الملك ، وهي واحدة من المواقف التي أثبتت قوة واحقية الإمام بالأمر من هشام ، وقد قدر للإمام أن يتسلم مسؤولياته القيادية والروحية بعد استشهاد أبيه(ع) في مرحلة من أدق المراحل التي مرت بها الأمة وقتئذ ، وهي المرحلة التي أعقبت موجة الفتوح الأولى ،لقوله تعالى { الله اعلم حيث يجعل رسالته}، ولقد تعرضت الأمة الإسلامية في عصر الإمام(ع) لخطرين كبيرين :-
الأول: هو خطر الانفتاح على الثقافات المتنوعة ، والذي قد ينتهي بالأمة إلى التميع والذوبان وفقدان أصالتها ، فكان لابد من عمل علمي عملي يؤكد للمسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيتهم التشريعية المميزة المستمدة من الكتاب والسنة ، وكأن لابد من تأصيل الشخصية الإسلامية ، وهذا مانراه اليوم في معظم بلاد المسلمين من تقليد للغرب ، وخصوصا في العراق من عادات عند شباب اليوم ما انزل بها الله من سلطان عادات الانحراف والتميع التي عالجها الإمام في وقته ، وما نراه اليوم من احتضان الشباب من قبل تيار شهيد المحراب ، ماهي الا لدرء الخطر الكبير الذي ينخر في الشخصية الإسلامية اولا وشخصية شبابنا ويهزهم من الداخل هزا عنيفا .
وثانيا : هو الخطر الناجم عن موجة الرخاء والأنسياق مع ملذات الحياة الدنيا ، و الإسراف في زينة هذة الحياة المحدودة ، وتنتج لنا ضمور الشعور بالقيم الخلقية ، وقد اتخذ الإمام زين العابدين (ع) من الدعاء اساسا لدرء هذا الخطر الكبير ، ومن هنا كانت {الصحيفة السجادية } تعبيرا صادقا عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحله تفرضه على الإمام(ع) إضافة إلى كونها تراثآ ربانيا فريدا يظل على مر الدهور مصدر للعطاء ، ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب ، وتظل الإنسانية بحاجة إلى هذا التراث المحمدي العلوي الفاطمي ، وتزداد آلية حاجة كلما ازداد الشيطان للإنسانية إغراء ، والدنيا فتنة له .
من هذا الرمز المحمدي بداء السيد الحكيم معالجة نفوس المجتمع الشبابي وترسيخ الجانب العقائدي والعلمي والمعرفي في نفوس الشباب ، لتجسيد روح الإسلام في نفوس الشباب الواعي والمثقف لأنه بحاجة وطاقة إضافية حتى يستطيع أن يعبر هذا الاختبار النفسي والعقائد ي والروحي من خلال الدعاء الذي سنه لنا أهل بيت العصمة سلام الله عليهم ، ويقول الإمام أبي عبد الله الصادق (ع) الدعاء مخ العبادة ..
|