اطلق العلماء العرفاء على العالم ما وراء الطبيعة ( الميتافيزيقي ) بعالم العقول و الخيال ، وذلك عندما شاهدوا و راقبوا الموجودات في عالم الطبيعة ( عالم الزمان و المكان ) وهوعالم حسي و شهودي ، في حركتها المنتظمة و السبب في ذلك هي العلاقة الا متناهية التي تربط العوالم في كلا العالمين و العلاقة الا متناهية التي تربط عوالم العالم الواحد ببعضها البعض . حيث قالوا أن لكل موجود في هذا العالم الطبيعي ( حدث أو عرض ) له سلسلة مترابطة و معقدة من العلاقات مع العالم ما وراء الطبيعة ، بحيث سبق وجوده ( صنعه ) سبق للعقل و للماهية ( الهوية )
و سمي العالم الموجود فيه هذه العقول بعالم الملكوت .
ويضرب العلماء بمثال لتوضيح هذه العلاقة ، فقالوا :
أن الشمس لها علاقة مع نفسها ( الهوية ) فهي ذات خواص فزيولوجية و هي تدور حول نفسها ولها جاذبية تربط مجموعة من الكواكب تدور حولها ، ولا تكتفي الشمس فقط بهذه العلاقة ، بل الشمس عبر إرسال أشعتها الى سطح تلك
الكواكب تؤثر تأثيرا كبيرا على سير حياة كل الكائنات فيه . هذه الهوية عاقلة و رحيمة و ودودة في حركتها ، فلها عقل يأمرها و يسيرها ، وهو ينتمي الى عالم العقول الذي أجل مراتبه " الخيال " ( ملكوت الملكوت ) ففيه الخلق و الأحياء ( الإيجاد ) فحركته منتظمة و عاقلة وليست صدفة وليست عشوائية وليست ظالمة كما أنها ذات غاية ، فماهيتها التي تنم على عقلها جعلت من وجودها سلسلة منتظمة و مترابطة ، فقرب الكواكب من الشمس و بعدها عنها يحدد ليس فقط درجات الحرارة بل يحدد طبيعة الموجودات على ذلك الكوكب ، كما يحدد ، وهذا مهم جدا ، قياس الزمن على ذلك الكوكب . كما أن الدوران الحلزوني حول الشمس يحدد فصول السنة الذي له تأثير مباشر على الحيوانات و النباتات والعلاقة الوطيدة المترابطة بينهما ، فالحيوان عنده قدرة أكل النباتات ، و النباتات له خاصية أن تؤكل ، كما أن روث الحيوان غذاء طيب للنباتات ، و النباتات لها خاصية إمتصاص روث الحيوانات . كما أن الفصول السنوية تحدد طبيعة من ينمو من النباتات ، و هي أي الفصول تحدد دورة الشبق الجنسي للحيوانات و طبيعة حاجة الوليد لنوع من النباتات . كل ذلك لن يحدث لولا وجود علاقة بينه و بين الشمس . وما كان للشمس القدرة على ذلك لولا هويتها ( الماهية الخلقية ) .
وهذه المجموعة الشمسية ( الشمس و الكواكب الدائرة حولها ) ، لها علاقة مع اخوات مثلها تمثل وحدة بذاتها تدور منتظمة مع المجموعات في حركة منتظمة ، لا يزال الإنسان يستكشفه يوما بعد يوم و ينبهر أشد الإنبهار من دقة نظامه و حكمته و منفعته .
وما كانت هذه الموجودات أن ( توجد ) تخلق لولا أن سبق لهذا الوجود عقلا في عالم الأمر و الإرادة رأى الحكمة المنتظمة و المنفعة الامتناهية من هذا الإيجاد في عالم " الكن " ( الكون ) فكان !
ولو لم يكن سبق العقل الموجودات لعمت الفوضى و انفك او انعدم الترابط العللي و المنفعي و بدلا من حكمة الوجود وبدلا من الرحمة كان العدم و النقمة
------
2017/4/11