
الصورة خاصة بـ(Alice Moynihan)
كيف يمكن للإنسان البقاء على قيد الحياة إذا أصبح العالم أكثر جفافا؟
وهنا جواب علمي واحد ...
ما يسمى بمحاصيل "القيامة" “Resurrection” Crops
لقد واجهت الإنسانية منذ ان بدأت بزراعة غذائها، عدوا متنكرا في ثياب صديق لا يمكن التنبؤ بسلوكياته، انه (المطر). يأتي ويذهب دون سابق إنذار، فهو يستطيع ان يجعل من حقل ما يانعا اخضرا في عام بينما يمكن أن يحيله يابسا اجرداً ويذروه ادراج الرياح في عام اخر. ويعتمد الأمن الغذائي وخلق الثروات على الأمطار، ولا يبدو هذا واضحا في أي مكان اخر في العالم أكثر مما في أفريقيا، حيث تعتمد 96٪ من الأراضي الزراعية على مياه الأمطار بدلا من الري الذي يكون أكثر شيوعا في أماكن أكثر تطورا. وإحدى عواقبه الظاهرة الجفاف المستمر في جنوب أفريقيا – وهو الأسوأ منذ ثلاثة عقود - مما سيكلفها ما لا يقل عن ربع محصول الذرة هذا العام.
عالمة النبات جيل فارانت (Jill Farrant (من جامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا تقول أن الطبيعة لديها الكثير من الأجوبة للناس الذين يرغبون بزراعة المحاصيل في الأماكن التي لا يمكن فيها التنبؤ بكمية الأمطار الساقطة عليها. ولقد بذلت اقصى جهودها لإيجاد وسيلة لاختيار الصفات الوراثية من النباتات البرية النادرة التي تتكيف مع الجفاف الشديد واستخدامها في المحاصيل الغذائية (كالحنطة والرز والذرة). ولان التغيرات المناخية على الأرض وهطول الأمطار أصبحت أقل قابلية للتنبؤ في بعض الأماكن، تعتبر هذه الحلول أكثر قيمة. وأضافت قائلة "انه نوع الزراعة التي أسعى لتحقيقها حرفيا حتى يتمكن الناس من البقاء على قيد الحياة سيما وان الظروف تتجه لان تصبح أكثر جفافا".
الظروف القاسية تنتج نباتات صعبة للغاية:
في صحراء جنوب أفريقيا ذات اللون الاحمر الصدئ، تبرز من خلف السهول مثل عظام الأرض تلال صخرية شديدة الانحدار تسمى Inselbergs.، وهي من بقايا عصر جيولوجي سابق، عبارة عن كشط صخرية عارية من معظم تربتها وعرضة لعناصر التغير المناخي، ومع ذلك فقد تكيفت اعداد قليلة من النباتات الشرسة والقادرة على تحمل الظروف المتغيرة باستمرار على مثل هذه الصخور وما شابهها من تشكيلات في صحاري أنحاء أخرى من العالم. وتطلق عليها (فارانت) اسم "نباتات القيامة" لأنها ذبلت أشهراً من دون ماء وتحت شمس قاسية، حتى بدت وكأنها كومة من أوراق شجر رمادي ميت. لكن فجأة وخلال ساعات قليلة استطاعت الأمطار إحيائها، ويبدو الشريط الزمني المصور لها Time-lapse videos كمن يحرك شريط الزوال بالاتجاه المعاكس.

الشريط الزمني المصور لأحياء " نباتات القيامة"
الأيض Metabolism، هو الفرق الكبير بين النباتات "المقاومة للجفاف" و "نباتات القيامة":
لقد طورت أنواع عديدة ومختلفة من النباتات تكتيكات عدة لمواجهة موجات الجفاف. فبعض النباتات تقوم بتخزين احتياطي من المياه لاستخدامه خلال فترات الجفاف؛ واخرى ترسل جذورها عميقا الى إمدادات المياه تحت السطحية. ولكن حالما تستهلك هذه النباتات الاحتياطي المخزون من المياه أو تتوقف إمداداته تحت الأرض، فإنها ستتوقف عن النمو وتبدأ في الموت. فهي يمكن أن تكون قادرة على التعامل مع الجفاف لبعض الوقت، ويستخدم كثير من الناس مصطلح "متحملة للجفاف" “Drought tolerant” لوصف مثل هذه النباتات، لكنها في الواقع لم تتوقف أبدا عن الحاجة لاستهلاك المياه، لذلك تفضل (فارانت) أن تسميها "مقاومة للجفاف". Drought resistant
تعتبر "نباتات القيامة"(التي تُعرَّف بأنها تلك النباتات القادرة على التعافي من حالة كون محتواها المائي أقل من 0.1 غرام من الماء في كل غرام من الوزن الجاف لها) حالة مختلفة، فهي تفتقر لهياكل تخزين المياه، ويمنعها مكان انباتها على وجوه الصخور من الاستفادة من المياه الجوفية، لذلك طورت بدلا عن ذلك المقدرة على تغيير معدل أيضها. Change their metabolism
فعندما تتحسس النباتات قدوم فترة جفاف ممتدة، فإنها تبدأ بتغيير أيضها، وتقوم بإنتاج السكر وبعض البروتينات المعينة والمرتبطة بالإجهاد وغيرها من المواد الاخرى في أنسجتها. ولما يجف النبات، تأخذ هذه الموارد أولا خصائص العسل، ثم المطاط، وأخيرا تدخل حالة تشبه الزجاج تلك التي تعد "الحالة الأكثر استقرارا التي يمكن للنبات أن يحافظ عليها". وتقول (فارانت) ان ذلك سيؤدي لإبطاء عملية التمثيل الغذائي للنبات ويحمي أنسجته من حالة اليباس. Desiccated tissues، كما ويقوم النبات أيضا بتغيير شكله وبالذبول لتقليل المساحة السطحية التي من خلالها قد تتبخر المياه المتبقية ثم يمكن له أن يتعافى من أشهر وسنوات من دون ماء، تبعا لنوعه.
ما الذي يمكن أن تفعله "نباتات القيامة" غير خدعتي الجفاف والاحِياء؟
في بداية حياتها المهنية، درست (فارانت) "البذور المتمردة كالأفوكادو والبن وغيرها، فبينما تعتبر هذه البذور لذيذة فهي حساسة في نفس الوقت - فلا يمكنها أن تنبت إذا جفت، مما يجعلها نادرة في عالم البذور، لأن معظم بذور النباتات المزهرة قوية جدا بحيث يمكن لها انتظار عبور المواسم الجافة والظروف غير الملائمة ثم تبدأ بالنمو ثانية. ولكنها بمجرد أن تبدأ بالنمو، فان هذه النباتات يبدو أنها لا تمتلك القدرة على الضغط على زر (الإيقاف المؤقت) في عملية التمثيل الغذائي في خلايا الساق أو الأوراق.
وبعد انتهاء(فارانت) من دراسة الدكتوراه على البذور، بدأت البحث والتحقيق عما إذا كان من الممكن عزل الخصائص التي تجعل معظم البذور مرنة جدا So resilient ونقل نلك الخصائص إلى أنسجة نباتية أخرى.
ما وجدته (فارانت) وغيرها على مدى العقدين الماضيين هو أن هناك العديد من الجينات المسؤولة عن استجابة "نباتات القيامة "للتجفيف. وكثير منها هي نفسها التي تنظم كيف تصبح البذور مقاومة للجفاف في حين لا تزال معلقة بالنبات الأم. وهم يحاولون الآن معرفة ما هي عمليات الإشارات الجزيئية Molecular signaling processes التي ننشط هذه البذور لبناء تلك الجينات في نباتات القيامة - وكيفية تكرارها في المحاصيل. وتقول (فارانت) ان معظم الجينات ينظم من قبل مجموعة رئيسة من الجينات ونحن نبحث عن المثيرات الجينية Gene promoters وماذا سيكون مفتاحهم الرئيسي.
حان الآن موعد إضافة تلك الجينات المرنة الى المحاصيل المفيدة
وحالما تحس (فارانت) وزملاؤها ان لديهم شعورا أفضل عن المفاتيح التي يجب التخلي عنها، فسيكون لديهم الطريقة المثلى للقيام بذلك في المحاصيل المفيدة. وتقول انني أجرب ثلاث وسائل للتربية Methods of breeding:
1- التقليدية Conventional method،
2- التعديل الجيني Genetic modification
3- التحرير الجين. Gene editing
وتشير الى إنها تدرك أن الكثير من الناس لا تريد أن تأكل المحاصيل المعدلة وراثيا، لكنها ماضية قدما وبكل وسيلة متاحة حتى تعمل احدى هذه الوسائل. ويستطيع المزارعون والمستهلكون على حد سواء أن يختاروا ما إذا كان بإمكانهم استخدام أو عدم استخدام اي نسخة سائدة من أنواع المحاصيل، وتقول(فارانت) "انها تمنح الناس حق الاختيار"، وقد اجتمعت مع الآخرين العاملين في مجال أعمال نباتات القيامة في العام الماضي لمناقشة اختيار أفضل الأنواع من هذه النباتات لاستخدامها كنموذج مختبري. وتماما كما يستخدم الباحثون في مجال الطب الفئران لاختبار الأفكار الجديدة للعلاج الطبي الإنساني، يستخدم علماء النبات النباتات التي هي سهلة النمو نسبيا في بيئة المختبر أو في البيوت الزجاجية لاختبار أفكارهم عن الأنواع ذات الصلة.
تُعد Boea hygrometrica والمعروفة أيضا باسم صخرة كوينزلاند البنفسجية، واحدة من أفضل نباتات القيامة التي دُرِست حتى الآن، في مشروع الجينوم الأولي لذي نشر في العام الماضي من قبل الفريق البحثي الصيني. كما نشرت (فارانت) وزملاؤها في العام الماضي أيضا دراسة جزيئية تفصيلية لمرشح آخر، Xerophyta viscosa، وهو أحد نباتات جنوب افريقيا الصلب كالمسامير بأزهاره التي تشبه الزنبق، وتقول إن الجينوم يلوح في الطريق. وان واحدا أو كِلا هذين النموذجين ستساعد الباحثين في مجال الجفاف لاختبار أفكارهم – التي أنجزت في الغالب مختبريا وفي قطع ارض اختبارية.
فهم العلوم الأساسية الأولى هو المفتاح
ان هناك أسبابا وجيهة تجعل نباتات المحاصيل لا تستخدم دفاعات مقاومة الجفاف، فعلى سبيل المثال، هناك كلفة الطاقة المرتفعة للتحول من عملية التمثيل الغذائي العادي لعملية التمثيل الغذائي اللامائي تقريبا. كما سيكون من الضروري أن نفهم أي نوع من المنتوج (العائد) يتوقعه المزارعون وطبيعة وضع سلامة العائد النباتي وان لا تكون مرتفعة"، وتقول (فارانت)، لذلك فان النباتات التي سوف تُستهدف ليست نباتات مزارعي ولاية ايوا الاميركية Iowa الذين يحاولون اعتصار المزيد من الاموال من حقولهم الخصبة بالفعل، ولكن مزارعي الكفاف الذين يحتاجون للمساعدة من أجل النجاة من الجفاف كما هو حال مزارعي جنوب افريقيا. وختاما تذكر (فارانت). " ان رؤيتي هي لأجل مزارعي الكفاف"، " أنني استهدف المحاصيل التي لها قيمة إفريقية".
المصادر:
عن موقع (IDEAS.TED.COM) مقالة: Lucas Laursen, Grow plants without water, Mar 3, 2016
http://ideas.ted.com/grow-plants-without-water/
ويمكن مشاهدة محاضرة الباحثة عالمة النبات جيل فارانت (Jill Farrant ( عن الموضوع على الرابط الاتي:
http://www.ted.com/talks/jill_farrant_how_we_can_make_crops_survive_without_water#t-824203 |