اختلف الكثيرون وتحفظ كثر حول التأسيس لمسرح حسيني للكبار منذ عام 2003 ومحاولات المشتغلين في هذا المجال هنا او هناك في المحافظات وحتى بعد أن أخذت الأمانتان للعتبتين الحسينية والعباسية المقدستان القرار في ضرورة عقد المؤتمر التأسيسي الأول لمهرجان المسرح الحسيني العالمي عام 2010 وما توالت بعده من دورات وصلت الى الدورة الخامسة وتوقف المشروع لأسباب خاصة إلا أن القضية لم تتوقف وبقيت شغل الشاغلين في مجال المسرح الحسيني ولم تتوقف التجارب والمحاولات في صناعة عرض حسيني بعيداً عن مسرح التعزية وقريباً من العرض الأكاديمي الحداثوي بمواصفات العرض العالمي .
اختلاف ( البعض) وتحفظ ( آخرين) حول التأسيس لمسرح حسيني لم يكن اعتراضاً اكاديمياً بل اعتراضاً انطباعياً لم يبحث المعترضين في جوهر النظرية او الفكرة التي كانت تتطلب من الجميع الوقوف عليها فالمسرحيون يدينون بالولاء للمسرح العالمي وتجاربه كنص وعرض ولكنهم يقرءوا القضية الحسينية فكراً بل بقيت كلما يذكر اسم عاشوراء وألطف والقضية الحسينية يحضر في مخيلتهم سلفاً معركة حرب وقتل ودماء مابين شخصيتان إسلاميتان!!! ان تمسكوا بواحد منهم فقدوا شعبيتهم في شعبية الطرف الثاني من المعركة واغلبهم لا يريد الخوض في غمار التجربة خوفاً من ان يخسر دعوة عربية من هذا المهرجان او ذاك طالما ان مسرحنا العربي يسيره مال الملوك والرؤساء الذين لا يرون في التشيع الا ملة خرج عن ولاية ( يزيد بن معاوية ) أمير المؤمنين ! لذلك دفع التنظير لمسرح حسيني ضريبة الولاءات الدنيوية وبقيت المحاولات والتجارب عراقية أو في البيئة الشيعية في موطن التشيع في الدول المختلفة ولم تخرج حدود هذه البيئة والسبب ان السلطة المسرحية في العراق هي بيد مسرحيين ينتمون للمسرح العالمي لا غير.
لو أتيح لنا أن نجري مناقشة مع المهتمين والمشتغلين في المسرح الرافضين للمسرح الحسيني حول أسباب رفضهم او تحفظهم في الخوض بغمار هكذا تجارب وإنضاجها والترويج لها لكان الجواب ان القضية الحسينية عرض مسرحي لا يحمل أي نظرية أو غير قابل لولادة نظرية ما , وهنا لابد أن نسألهم أي نظرية يحمل المسرح العالمي ؟ أليست العروض العالمية هي تحمل الهم الإنساني والتنويري ؟ فلماذا هذا الرفض للنظرية الحسينية مسرحياً وفي تفاصيل القضية أسمى معاني الإنسانية مابين علاقة الأمام الحسين ( ع) وأعداءه وما بينه مابين من حوله في اكثر لحظة يقرر فيها المرء اما الممات بخلود او العيش بذلة ,في القضية ووقائع ألطف قصص وبطولات وإرهاصات واختيارات وقرارات تصعب أن تجدها بأي مسرح عالمي .
إن التزامنا وتمسكنا بالمسرح الحسيني والتأسيس له يتأتى من إن القضية إنسانية قبل ان تكون قضية حرب او خلاف على سلطة دين او دنيا وأيضا أن ما يبثه الاشتغال الدائم على مسرح إسلامي وحسيني في عقلية ووجدان وضمير العاملين فيه من فضيلة تنتج عن تفاصيل فاضلة في المسيرة الحسينية يلد لما اجال متحصنة فكرياً وثقافياً ودينياً وكم العراق اليوم بحاجة لهذه الحصانة وسط هذا الضياع والتشتت الذي يلف شبابنا .
لذلك جاءت تجربة رعاية قسم رعاية وتنمية الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة التأسيس لمسرح حسيني للطفل ..وفق رؤية خذوهم صغاراً وهذبوهم بالفضيلة والفكر الحسيني الهادر , فان ترسيخ الالتزام والاتزان النفسي والأخلاقي للأجيال منذ نعومة أظفارها هو من يؤسس لجيل محترم بفكره وملتزم بأدائه ومنتمي لقضاياه وهذا ما نريد بالضبط لأننا مللنا من التغريب والسير خلف تجارب الغير وفينا تجارب ثرة كهذه .
أننا نريد جيلاً مسرحياً حقيقياً نبني به مجد المسرح العراقي الذي اتجه لــ(الأسف) نحو التغريب والتكفير والمتاجرة بالعقول وبالإسفاف والابتذال .