• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحمار عنده حق ! .
                          • الكاتب : علي محمود الكاتب .

الحمار عنده حق !

 من نعم الله على عباده انه لم يخلق جميع البشر على ذات الدرجة من الغباء او الذكاء وقد شاء ان يكون بينهم عدداً مميزاً من المبدعين والمخترعين ورواد العلم والمبتكرين ، ومن الطبيعي اننا  في غزة شملتنا بعضاً من هذه النعم ، حالنا في ذلك حال كل العباد ، فرغم ان قطاع غزة يمتاز بالمساحة الضيقة التي لا تسمح للبشر حتى بالتنفس عدا عن العدد البشري الهائل الذي يسكنه ،الا ان بعض شبابه استطاعوا الابداع الرياضي واعتمدوا في ذلك على مقولة \"الحاجة ام الاختراع\" فراحوا يقيمون سباق للدراجات النارية بين ازقته وشوارعه المكتظة بالمطبات دون اكتراثهم بالمخاطر أوالعواقب التي قد تؤدي بحياة البشر ، فجل اهتمامهم انحصر في ممارسة هذه الرياضة ولو كانت في غير محلها !!
ولقد تذكرت في هذا السياق قولاً قديم للشاعر ابن نباتة السعدي : من لم يمت بالسيف مات بغيره  …… تعدّدت الأسباب و الموت واحد ، ولاشك أنه كان محقاً في الامر ، أو يبدو انه قد مر بشوارع غزة هاشم وشاهد السيوف التي تسير على الطرقات دون رادع يذكر !
فمن لم يحن آجله أو لم يأتيه ملك الموت وهو نائم أو مريض، يستطيع ان يحصل على مراده مستعيناً بسبب جديد للموت اسمه \"الدراجه النارية\" او كما يحلو للبعض تسميتها \"الموتوسيكل اوالتكتك\" فلدى تلك الالات القدرة الفائقة لتحمله مسرعة نحو الآخرة وبقليل من التكاليف ، فالامر لا يحتاج الا لسائق من فصيلة \"الارعن\" وان يكون حاصلاً على شهادة \"التشفيط والتفحيص\" ورخصة قيادة وهمية وقليلاً من البنزين ليؤدي بحياة عباد الله وحياته عند اللزوم او يصاب هو وإياهم بعاهة مستديمة !!
فالاحصاءات الواردة من اقسام الحوادث بمستشفيات قطاع غزة مفزعة ومقلقة للغاية حتى ان البعض من القائمين على ادارات هذه المستشفيات يفكرون بإنشاء قسم لمصابي حوادث الدرجات النارية ، يسمونه \"قسم موفتيك\" وهي أختصار لنوعيات واسماء هذه الادوات القاتلة !
لا أحداً ضد حل مشكلة المواصلات بقطاع غزة ولا ضد التكنولوجيا والحداثة ونعي تماماً  ان الدراجات النارية وسيلة نقل رخيصة التكاليف ، وان بلداناً كثيرة قد سبقتنا في استخدامها كونها أيضاً لا تسبب الزحام المروري الذي تسببه المركبات ولكننا لا نفهم المنطق في تحولها بقطاع غزة الى مقصلة للاعدام أواكتساب العاهات ؟!
ولا نفهم أيضاً بأي منطق سمح بإستخدامها داخل شوارع قطاع غزة التي لم تعد صالحة حتى لسير البشر !!
هل رخصت قيمة الانسان لدرجة انه قد ينجو من قصف طائرات الاحتلال فيموت بسبب تلك الدراجات النارية ؟!
ثم كيف يسمح لاطفال بالكاد يعرفون نطق اسمائهم من قيادة هذه الدراجات ؟!
صحيح أن الموت كما قال رب العزة \" أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَة\" ولكني شخصيا وأظنكم مثلي لا تفضلون الموت على يد طائش كل ذنبنا أنه يمتلك أو يقود آلة للموت !
وهنا حقً لنا ان نعجب بالحمار الذي اقدم على الانتحار بجوار وادي غزة تاركاً خلفه رسالة جاء فيها نصاً : \"خلي التكتك ينفعكم !\" 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=9043
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30