.jpg)
واصلت المرجعيّةُ الدينيّة العُليا تناولها لموضوع تنشئة الأسرة الصالحة التي يمكن من خلالها أن نبني مواطناً صالحاً ومجتمعاً صالحاً بتطبيق المبادئ والأسس الخاصّة بها والتي تمثّل الأركان الأساسيّة التي يستند عليها بناءُ الأسرة مبيّنةً أنّ هذه المبادئ والأسس العامّة لو طُبّقت لتمكّن كلّ واحدٍ منّا أن يبني وينشئ أسرة صالحة، جاء هذا في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة (12جمادى الأولى 1438هـ) الموافق لـ(10شباط 2017م) التي أُقيمت في الصحن الحسينيّ الشريف بإمامة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، حيث جاء فيها:
أيّها الإخوة والأخوات نتعرّض في الخطبة الثانية استكمالاً لما ذكرناه في خطبةٍ سابقة عن كيفيّة تنشئة الأسرة الصالحة التي يُمكن من خلالها أن نبني مواطناً صالحاً وفرداً صالحاً ومجتمعاً صالحاً، خصوصاً ونحن الآن في ذكرى استشهاد الصدّيقة الطاهرة (سلام الله عليها)، ذكرنا عدّة محاور ووصلنا الى المحور الثاني (ما هي المبادئ والأسس العامّة لتنشئة الأسرة الصالحة).
أيّها الإخوة والأخوات هذه المبادئ التي سنذكرها لا نعني بها فقط الشباب والشابّات المقبلين على الزواج بل نعني بها الجميع شباباً كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً فهي تعني الجميع حتّى الكبير الذي وصل الآن الى المرحلة التي يكون فيها جدّاً أو جدّةً، الجميع معنيّون بها لأنّها مبادئ الأسس العامّة والأركان التي لو طُبّقت أمكن كلّ واحدٍ منّا أن يبني ويُنشئ أسرةً صالحة ومواطناً صالحاً، لكنّ المعني بها أكثر هم الشباب والشابّات المقبلون على الزواج وإن كنّا كما بيّنّا الجميع معنيٌّ بها، المبادئ ما المقصود بها إخواني؟ المبادئ العامّة يعني الأسس التي يستند عليها بناءُ الأسرة الصالحة، أوضّح ذلك الآن بناء بيت أو بناية لها أركان ولها أسس تمثّل الأركان الأساسية التي يقوم عليها البناء، لكن هذا البيت هذا البناء لا يُكتفى بهذه الأسس بل لابُدّ له من جدران وسقوف وأمور أخرى، حتى يمكن أن يؤدّى الدور والوظيفة المطلوبة من البيت، ولكن البناء بحدّ ذاته لا يُمكن أن يقوم من دون هذه الأركان ومن دون هذه الأسس، كذلك هذه المبادئ هي بمثابة الأسس في بناء البيت الذي يؤدّي وظيفته على الوجه المطلوب الذي ينشده الإنسان وهذه المبادئ والأسس العامّة خمسة:
المبدأ الأوّل: هو مبدأ الحقوق والواجبات.
المبدأ الثاني: مبدأ الحبّ والمودّة والرحمة.
المبدأ الثالث: هو مبدأ التعاون والاحترام.
المبدأ الرابع: مبدأ القوام للرجل.
المبدأ الخامس: مبدأ التسامح والعفو عن الأخطاء والزلل.
نأتي الى مبدأ مبدأ من هذه المبادئ.
المبدأ الأوّل: هو مبدأ مهمّ، وهو من أهمّ المبادئ التي تعنينا جميعاً كأزواج وزوجات وآباء وأمّهات وأولاد وهو مبدأ الحقوق والواجبات، وحتى نوضّح أهمّية هذا المبدأ في حياتنا لاحظوا إخواني أنّ أيّ كيان اجتماعيّ -مثل المجتمع الآن- كلّ فردٍ في المجتمع عليه دور وبقيّة الأفراد عليهم أدوار حتّى يُمكن للمجتمع أن يصل الى هدفه، هذه الأدوار لابُدّ من تنظيمها حتى يُمكن أن نصل الى الهدف فمن دون تنظيم تكون هناك فوضى ويكون هناك عدم معرفة بكلّ إنسان ما عليه من الواجبات وما له من الحقوق حتى يمكن أن يصل الى النتيجة، كذلك الأسرة أيضاً كيانٌ اجتماعيّ الزوج عليه دور والزوجة عليها دور والأب عليه دور والأمّ عليها دور والأولاد عليهم أدوار لابُدّ من تنظيم هذه الأدوار وتنظيم العلاقة فيها بينهم حتى نصل الى الهدف.
المبدأ الثاني: مبدأ الحبّ والمودّة والرحمة، -لاحظوا إخواني- الإنسان قبل الزواج وبعد الزواج ما هي مشاعره تجاه ما قدّره الله تعالى من شريكة الحياة، يجد فجأةً تنبعث الرحمة والمودّة والحبّ تجاه شريكة حياته، من أين جاء هذا؟!! جاء من الله تعالى ومن آيات الله تعالى أن أودع في قلب الرجل الذي يرتبط بهذه المرأة أودعه المودّة والرحمة في قلب المرأة التي قدّر الله تعالى أن يكون هذا الرجل شريكاً لها، ويُودِعُ أيضاً في قلب هذه المرأة المودّة والرحمة.
المبدأ الثالث: مبدأ التعاون والاحترام، لابُدّ –إخواني- أن نستشعر قيمة المرأة في حياتنا ومكانة المرأة في حياتنا، البعض للأسف الشديد يستهين بدور المرأة ومكانتها في الحياة، لا يعاملها المعاملة التي تستحقّها على ضوء دورها في حياته وفي حياة أولاده وفي حياة مجتمعه، لابُدّ أن تقوم الأسرة على مبدأ التعاون والخطاب للمرأة أيضاً لابُدّ أن تتعامل مع الرجل بالاحترام والتقدير والإجلال أمام أولادها وأمام المجتمع، قد لا يتمكّن الرجل أحياناً أن يوفّر متطلّبات الحياة التي تُريدها المرأة هذا لا يُمثّل مبرّراً أن لا تحترم المرأةُ زوجها.
المبدأ الرابع: مبدأ القوامة، الله تعالى جعل للرجل قوامة على النساء -على المرأة- (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) هذا أمرٌ طبيعيّ لابُدّ منه في الحياة، البعض من النساء لا يُعطين هذا المبدأ قيمته واعتباره والعمل بمقتضياته، وأنا أوضّح هذا المبدأ المهمّ إخواني، الآن تلاحظون في الحياة في المدرسة لابُدّ أن يكون لها مديرٌ، السفينة لابُدّ أن يكون لها ربّان، في كلّ مكان لابُدّ أن يكون هناك قائد ومدير، الأسرة كذلك لابُدّ أن يكون لها ربّان لابُدّ أن يكون لها مدير يقودها ويوجّهها الى ما فيه خيرُها وصلاحها.
المبدأ الخامس: مبدأ التسامح والعفو عن الآخرين، هذا المبدأ مهمّ إخواني ونحتاج أن نستعمله في حياتنا، الكثير الآن من النزاعات بل الاقتتال أحياناً وسفك الدماء البريئة والكثير من المشاكل والأزمات هي بسبب ابتعادنا عن الالتزام بهذا المبدأ الذي دعا اليه القرآن الكريم والنبيّ(صلّى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار، فلابُدّ أن نعمل على ترسيخ هذا المبدأ في حياتنا الاجتماعيّة. |