• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : قارورة من شجن عتيق… قراءة في مقطوعة (جيران… ) لحازم التميمي .
                          • الكاتب : د . عباس عبد السَّادة شريف .

قارورة من شجن عتيق… قراءة في مقطوعة (جيران… ) لحازم التميمي

الشاعر الكبير حازم التميمي مبدع يختزل الواقع المر بكلمات شجية ليعزف حزنا أبى إلا أن يكون شعره نايه، هكذا نجد حازما وهو يرتل أحزان بلده وشعبه، ويعبر عن واقعهم المر بكلماته التي رشفت حزنه السومري العتيق. 
في مقطوعته (جيران… ) من ديوان أدب الأطفال
ولعل قارئ عنوان الديوان يخيل له أن الشاعر سوف يحدثه في قصائده عن حياة (وردية) للطفولة المرهفة، لكنك تجد عنوان الإرهاب والطفل يتسيد مشهدا من مشاهد ذلك الشجن العتيق الذي يعبر عن الواقع كما هو كائن لا كما ينبغي أن يكون كما يريد بعض فلاسفة الشعر والنقد، وحازم المتمرد يأبى أن ينظر من برج عاجيٍّ لضيم أهله فيتحدث عن الجنة وهم في جهنم قهر الحياة المرة. 
جيران…. 
عتبة عنوان جاءت نكرة نحويا لتفتح أفق التأويل الذي تعبد طريقه مجهولية التنكير، وتعمقها النقاط التي أضافها بعد الكلمة لتوحي بالآتي المجهول. 
ويستمر المجهول متجسدا بالاستفهام الذي ابتدأ به النص على لسان ابنته، سائلة عن جوع جارهم
تسألني ابنتي
هل جارنا جائع 
وفي تحديده بالسابع، إشارة للموروث الديني الذي يوصي بالجار السابع. 
قلت لها من جارنها
يا أبتي السابع. 
ويجيب الوالد الموتور بواقعه المر بسؤال آخر عن أي جار لتستمر ثيمة الحيرة والمجهولية التي يجسدها الاستفهام، وما قبله، وهي جزء من الواقع المحير بمجاهيله. 
يجيب الأب عن سؤال ابنته بتعداد أحوال الجيران
الأول قد تهجرا
الثالث قد تفجرا
كذلك الرابع
هكذا يعبر عن جيرانه، وبالرغم من أن التهجير والتفجير ثيمتان من ألم العراق حصلتا في مناطق مختلفة لكنه جمعهما معا في حارته الصغيرة التي تبدو خالية إلا منه وابنته وأسئلتهما النابعة من حيرة المجهول، ليجسد بذلك ألم العراقي الأصيل. 
ويشرك حازم متلقيه الحيرة عندما يقفز من الأول للثالث تاركا الثاني ليحار فيه المتلقي، وفي مصيره، الذي يبدو أنه لا يختلف عن رفاقه. 
ويستمر تعداد الجيران لنصل الخامس
وجارنا الخامس
تعلم الإرهاب يا بنيتي
وها هنا يجسد واقعا مرا جديدا ليخبرنا أن من أهل الدار من قتل وفجر وهجر، وأقحم شاعرنا الذكي الفعل (تعلم) ليوحي لنا أن الإرهاب صدره الأجنبي لبلد يفترض أن يكون أبناؤه متحابين متوحدين. 
والشطر الجديد يحدثنا عن حالة جديدة من حالات الشجن العراقي
كما يقول جارنا السادس
ها هنا حكاية جديدة حكاية الاتهام والنفاق والكذب هي حال جارنا السادس، وهنا الإبداع بين الشطرين يعطينا قراءتين عموديتين مختلفتين فلو قرأنا الشطر الأول (الجار الخامس) بلحاظ ما قبله نجده يتعلم الإرهاب، ولو قرأناه بلحاظ ما بعده نجده متهما من جاره اللسيق وهو السادس بالنسبة للشاعر، ويترك الشاعر القراءتين دون ترجيح ليعيد المتلقي للحيرة من جديد، ويستمر هو في وصف جيرانه، مع الاحتفاظ بالقراءتين صورة من صور عراقه الجريح. 
ويستمر بوصف حال الناس من حوله بجاره السابع الذي يقول عنه: 
وجارنا السابع
لما يزل منشغلا بجارنا التاسع
نعم هاهنا النقد الاجتماعي لظاهرة مراقبة الناس ووتبع عثراتهم تطفو على سطح الوجع لتكمل سلسلة الجيران المؤلمة. 
وكما فعل مع الثاني ترك حازم الثامن مجهول الحال، ليضيف تجهيلا وحيرة لمجاهيل نصه، ويشرك المتلقي حيرته، فضلا عن الشمولية والإيجاز البلاغي البين في هذا الأسلوب



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=88736
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2017 / 01 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15