هذا الرجل الشاعر يتحول مكرها الى باحث حزين عن حياة تحتفظ بالحد الأدنى من الكرامة..كاظم الحجاج يعتكف من مدة إحتجاجا على الإنقطاع المستمر للتيار الكهربائي عن بيته ومدينته وبلده,ويزعم إنه لن يغادر الإعتكاف هذا حتى الموت أو مجئ الكهرباء.
تتفاوت مدد الإنقطاع تلك بحسب الإرتفاع والإنخفاض في درجات الحرارة والطلب المتزايد على الطاقة في بلد يعاني سياسيوه وواضعو البرامج والخطط فيه من عجز مزمن عن تأمين حاجات السكان من الكهرباء التي هي الشغل الشاغل للمواطنين والمهتمين ووسائل الإعلام أكثر من أي شاغل آخر وحتى لو كان الأمن الذي عانى العراقيون من فقدانه خلال سنوات مرت.
ماهي الرسالة التي يبغى الحجاج البصري إيصالها من إعتكافه ,وهل سيكون لهذا الإعتكاف من أثر في المرحلة المقبلة؟
الحجاج على مايبدو يحتج كمواطن عراقي يعاني من فقدان الحاجات الأساسية ولايمثل رأيا شعريا وهو لايتصرف بالطريقة التي قد تجلب له شهرة خاصة في بلد مثل العراق لم يعد للشهرة والعمل والإبداع من معنى بعد أن فقدت الأشياء قيمتها فيه.هذه هي الرسالة البسيطة والواضحة ولتصل الى المدى الذي تصل إليه وليس مهما من يتلقفها ,المهم أن يكون عراقيا مسؤولا وجادا وصادقا ولديه القدرة على الفعل.
في وقت سابق خرجت الجماهير البصرية الى الشوارع وهاجمت مؤسسات رسمية من بينها مجلس المحافظة وتعرض مواطنون الى الأذى لكن كل ذلك لم يكن كافيا لحمل السلطات على تقديم خدمات أفضل في مجال الكهرباء..وبعد ثمان سنوات من التغيير ثبت إن الجدية لم تكن حاضرة في تلبية حاجات الناس بالقدر الذي كان متاحا لقضايا نفعية ترتبط بالطائفة والعرق والنزاع على القضايا الشكلية التي قد لايتلمسها الناس البسطاء المحرومون,وظهر كم إن الفساد توغل في مؤسسات الدولة .وكانت الوعود تفتقد الى الجدية والمصداقية في مجال بناء منظومة كهربائية متكاملة تغطي حاجة البلاد المتزايدة ,وإعترف رئيس الحكومة نوري المالكي إن الوزراء الذين تولوا الإدارة في ملف الكهرباء لم يحققوا شيئا مما كان منتظرا منهم وهو يميل الى إعلان مجلس اعلى للكهرباء يكون هو رئيسا له ويضم وزراء ومسؤولين كبار!كل هذا بعد ثمان سنوات من الوعود!
مات الآلاف من العراقيين في ظروف مختلفة وإحتج الناس على فقدان الحياة والظروف الموائمة للمعيشة والعمل والتوظيف والفرص المتكافئة,ولم يلبى الكثير برغم محاولات بذلتها الحكومة لتحقيق ماأمكن منها.
هل سيكون الحجاج البصري بفعله هذا قادرا على تغيير حال دام كل هذه السنين وفي أجواء من اللامبالاة والفساد الذي كان آخر ماأعلن منه سرقة مليار وسبعمائة مليون دولار,وعلاقات بشركات وهمية تضحك على الذقون ينتفع من سلوكها سياسيون وموظفون كبار.؟
لا أعتقد ذلك..نصيحتي لشاعر البصرة أن يستخدم المهفة في تهوية حجرته ,وإلا فعليه أن يموت فلن يبال به أحد.وأما الكهرباء فهي لن تصل إليه ,وأنا بذلك زعيم.
حلقة من برنامج العمود الثامن الذي يقدمه الزميل عارف الساعدي ويعده فاضل النشمي سيعرض من قناة الحرة عراق غدا الخميس 18 /8 في تمام الساعة السابعة وعشر دقائق مساءا وسيناقش قضية أعتكاف الحجاج في البصرة وأمكانية أن يؤسس فعل المثقف العراقي لتأثير ما على الأوضاع بعد أن إنحسر هذا الدور خلال الفترة الماضية.خل نشوف.
hadeejalu@yahoo.com
|