بين عالمي الامر والخلق، دعوات تتوزعها لغة الانبياء وتباركها صلوات الملائكة.
اما عالم الخلق فهو جلي في ايات الله المباركات، فقد ورد في سورة غافر" هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة...الى اخر ما جاء ثم لتبلغوا أشدكم"،
ما يؤكد ان هنالك حقيقة بها ينشأ الوجود، ليأخذ مجراه، ابتداء من عالم الارض التي تحتوي العناصر الاربعة للخلق وهي التراب، والماء، والنار والهواء، الى هذه النطفة التي تنبت كما بذرة في الرحم، لتنمو بناء على ما جاء في الوصف القراني في الايات من ٦٦-٧٠، حيث بضمنها، اي كما تمت الاشارة الى عالم الخلق، تمت الاشارة ايضا الى عالم الامر، كما هو مذكور في قوله تعالى:
"فاذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" ولذلك ووفقا لهذه البينات، أرسل الله الرسل والأنبياء الى أقوامهم ليطاعوا، ولكي تسود مفردات القانون الالهي في عالم الارض، فالملاك هو قانون الله، والبشر هو الأداة التي بها يتم اتباع المثوبة واجتناب المعصية، وبها تستقر ارادة الله السماوية في عالم الارض.
اما الانبياء والرسل والصالحين، فهم الواسطة التي من خلالها يفهم معنى العدل الالهي.
ان احكام الله على الارض قائمة على محورين أساسيين هما الأوامر، والنواهي، وهذا يعد مبحثا أساسيا به تفهم وتصنف الاحكام الشرعية الخمسة، والتي على أساسها تعرف الحرمة من الحلية.
هنا ونظرا لذلك فقد بحث هذا الموضوع بحثا تفصيليا من قبل العلماء؛ كما بحثه في كفاية الأصول، الاستاذ الأعظم المحقق الكبير الاخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني قدس سره ، حيث بحث الفرق والتلازم بين الامر والنهي في موضوعي الأوامر والنواهي، من حيث الوجود والعدم، كونه يأتي بصيغة الطلب تارة، او الزجر تارة اخرى، اوالانشاء اوالتذكير، وفي البحث تفاصيل.
ففي السورة المباركة مثلا لم يرد الامر بصيغة الطلب، انما ورد بصيغة التذكير والتهديد، كما في قوله تعالى في سورة الشعراء" طسم لعلك باخع نفسك الا يكونوا مؤمنين ان نشا ننزل عليهم من السماء اية فظلت أعناقهم لها خاضعين" وهذا متعلقة بقصة نبي الله موسى وفرعون، حيث بالبينات يخاطب الله نبيه موسى ع، ان لا تهلك نفسك لاجل من لا يتبعون ما اراد الله به ان يكون، فان الله سينال منهم.
فالعقوبة الالهية هي من عالم الامر، الذي يرتبط أصلا مع عالم الخلق، حيث لا بد من وجود صلة بين العالمين، بغية استقرار الكون، وبغية ان يكون الانسان عظيما مكرما بناء على مقتضى التلازم بين العالمين.
راجع كتاب الإخوند الخراساني، كفاية الاصول، مؤسسة ال البيت ١٤١٧، ط ٢. |