• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح333 سورة الصافات الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح333 سورة الصافات الشريفة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ{100} 
كان ابراهيم "ع" كثير الدعاء , فتنقل الآية الكريمة احد ادعيته (  رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ) , غالبا ما تستعمل لفظة الهبة في الولد على ان يكون من الصالحين , هذه الرتبة او المنزلة من اسمى وارقى منازل القرآن الكريم , حيث ان جملة كبيرة من الانبياء "ع" قد طلبوها كيوسف "ع"  {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ }يوسف101 , وسليمان "ع"  {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }النمل19 الى اخره. 
 
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ{101} 
تضمنت الآية الكريمة استجابة دعوته "ع" (  فَبَشَّرْنَاهُ ) , البشارة في محل الاستجابة , (  بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ) , الله جل وعلا استجاب لخليله ابراهيم "ع" وهبه الولد الذي طلب , كان اسماعيل "ع" , لكنه وصفه بالحلم , والحلم منزلة اخرى غير منزلة الصلاح , فأتصف اسماعيل "ع" بالحلم , لكن دعاء ابراهيم "ع" تضمن شطرين الاول (  رَبِّ هَبْ لِي ) هبة الولد , والثاني (  مِّنَ الصَّالِحِينَ ) , على ان يكون الولد المطلوب من هذه المنزلة , فنلاحظ ان الولد (اسماعيل "ع") وصف بالحلم , ما يعني انه جل وعلا استجاب للشطر الاول من دعاءه "ع" , اما الشطر الثاني فكانت استجابته في اسحاق "ع" ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ{112} ) في نفس السورة .    
 
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ{102}
تستمر الآية الكريمة في سرد بعض تفاصيل قصتهما "ع" (  فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) , فلما بلغ اسماعيل "ع" سبع سنين او ثلاثة عشر سنة على اختلاف الآراء , (  قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى ) , رأى ابراهيم "ع" رؤيا , ورؤيا الانبياء "ع" حق , فشاوره ليعلم صبره وانقياده لأمر الله تعالى , (  قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ) , يجيب اسماعيل "ع" بالانقياد الى امر الله تعالى , يرى بعض المفسرين ان الرؤيا تكررت على ابراهيم "ع" اكثر من مرة , لذا استعمل اسماعيل "ع" الفعل المضارع (  مَا تُؤْمَرُ ) , (  سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) , يضيف اسماعيل "ع" – ستجدني صابرا على البلاء , طائعا لأمره جل وعلا , محتسبا - .     
 
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ{103} 
تروي الآية الكريمة (  فَلَمَّا أَسْلَمَا ) , سلما وفوضا امرهما الى الله تعالى , فسلّم اسماعيل "ع" نفسه للذبح طاعة لله تعالى , وسلّم ابراهيم "ع" لتنفيذ الامر الالهي , (  وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) , مدده على احد جانبيه استعدادا لذبح .  
 
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ{104} 
تروي الآية الكريمة (  وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ) ,  جاء النداء الرباني في تلك اللحظة .     
 
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{105} 
تكمل الآية الكريمة مبينة ما جاء في ذلك النداء (  قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ) , صدقت الرؤيا بالعزيمة والتسليم , (  إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) , كما جزيناك على تصديقك واحسانك نجزي من احسن في الدنيا والاخرة .   
 
إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ{106}
تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ ) , الاختبار الواضح , وهو الاصعب , فيلاحظ ان البلاء كلما كان صعبا , يكون النجاح فيه اكثر توكيدا و ارسخ قبولا واعظم ثوابا.  
 
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ{107} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) , انزل الله تعالى كبشا عظيما فداء لإسماعيل "ع" .    
هناك اراء تشير الى ان الذبيح كان اسحق , فيميل اليها بعض المفسرين , واخرون يدعون ان اسحق تمنى ان يكون هو الذبيح , وكان صادقا في ذلك , فسماه الله تعالى ذبيحا ايضا على بعض الآراء . 
 
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ{108} 
تستمر الآية الكريمة مبينة مضيفة (  وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ ) , ابراهيم "ع" , (  فِي الْآخِرِينَ ) , الثناء والذكر الحسن في جميع الامم .   
 
سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ{109} 
تروي الآية الكريمة (  سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) , تحية من الله تعالى لإبراهيم "ع"  , والسلام منه جل وعلا الامن والامان والسلامة من الآفات وغيرها .  
 
كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{110} 
تقرر الآية الكريمة (  كَذَلِكَ ) , بمثل ما جازى الله تعالى ابراهيم "ع" , (  نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) , سيجازي الباري جل وعلا كل من احسن عملا .    
 
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ{111} 
تضيف الآية الكريمة مقررة ايضا (  إِنَّهُ ) , ابراهيم "ع" , (  مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) , الذين امنوا بالله تعالى ايمانا خالصا , واعطوا العبودية لله تعالى حقها .   
 
وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ{112} 
تضمنت الآية الكريمة بشارة اخرى لإبراهيم "ع" (  وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ ) , ولدا اخر اسمه اسحاق "ع" , وهذا يدل على ان اسحاق لم يكن الذبيح , الذي اشار اليه بعض المفسرين , بل ربما وصف بالذبيح نتيجة تمنيه ذلك , (  نَبِيّاً ) , حال مقدرة , (  مِّنَ الصَّالِحِينَ ) , من منزلة الصالحين , التي هي من اعظم المنازل في القرآن الكريم كما اسلفنا , مع لحاظ البشارة الاولى بإسماعيل "ع" لكنها وصفته بالحلم بينما وصفت اسحق "ع" (  مِّنَ الصَّالِحِينَ ) .
 
وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ{113}
تستمر الآية الكريمة (  وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ ) , افاض الله تعالى عليهما بالبركات , وقيل ان البركة على ابراهيم "ع" بتكثير ذريته , والبركة على اسحاق "ع" ان جعل اكثر الرسل والانبياء "ع" من ذريته , (  وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا ) , ابراهيم واسحاق "ع" : 
1- (  مُحْسِنٌ ) : مؤمن . 
2- (  وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ ) : كافر , واضح الكفر .    
في ذلك عدة اشارات نذكر منها : 
1- اشارة الى ان النسب والانتساب الى نبي او رسول او رجل صالج لا اثر ولا علاقة له في هدى او ضلالة ذريته , ولا كرامة للذرية بمجرد الانتساب , بل ينبغي حمل المضمون ايضا . 
2- الضالين واهل المعاصي في الذرية لا يعود على اجدادهم من الرسل والانبياء بالعيب والنقيصة .   
 
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ{114} 
تنعطف الآية الكريمة لتنتقل الى ذكر شيئا من قصة موسى وهارون "ع" (  وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) , بالنبوة وبعض المنافع والخصائص الدينية والدنيوية .  
 
وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ{115}
تستمر الآية الكريمة (  وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا ) , كتب الله تعالى لهما "ع" ولقومهما من بني اسرائيل  النجاة (  مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) , من استعباد فرعون وقهره لهم , وقيل ان النجاة المقصودة انقاذهم من الغرق .   
 
وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{116} 
تستمر الآية الكريمة (  وَنَصَرْنَاهُمْ ) , أيدهم الله تعالى بنصره , (  فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ ) , على فرعون وقومه .   
 
وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ{117}
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ ) , البليغ في بيانه واحكامه وشرائعه وهو التوراة .   
 
وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ{118} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) , الطريق الموصل للحق والصواب .   
 
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ{119} 
تضيف الآية الكريمة (  وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ ) , الذكر الحسن والثناء الجميل في من بعدهما .  
 
سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ{120} 
تضمنت الآية الكريمة تحية منه جل وعلا عليهما "ع" كما تقدم في قصة ابراهيم "ع" . 
 
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{121} إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ{122}
تقدم في قصة ابراهيم "ع" .
 
 
حيدر الحدراوي
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=86569
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 11 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15