هتفت بلغة الضاد: أين أنا منكم..
وأين أنا من ألسنتكم؟
هل أنا في حياتكم؟
أم أنا مسمىً يجوب محيطكم؟
فأين الإنسانية من كلامكم، وفي معاملاتكم؟
.. هي التي رُفعت لأجلها الأكف، و بخبخت لها الألسن، ونادى الله في سبع سماواته: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ).
أيُّ ولايةٍ هذه التي تقاطرت من فم السماء، وأخذت تخضر في بيادر الأرواح ورقراق السلسبيل.. فالناس صنفان: ( إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ).
لينثر قمح العدالة فوق رؤوس الجبال خشية ومهابة من الخالق الديان، وكيلا يقال: جاع طير من بلاد المسلمين..!
أيُّ ولاية هذه التي نقشت بصاحبها فوق أكف الدعاء ( اللهم إني ما عبدتك خوفًا من نارك، ولا طمعًا في جنتك، ولكني عبدتك لأنك أهلاً لذلك، وابتغاء مغفرتك ورحمتك ورضوانك ).
فيا نهج البلاغة وأصل التأويل.. الذي جعل الأحمد في السماء، والمحمود بالأرض أن يقول: ( يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت ).
فسبحان من أودع فيك العون لرسوله، والمبيت على فراشه، والذود عنه كعمه، وتعليم الناس الفصاحة ونهج البلاغة.
وأيّ يدٍ هذا التي حملت سيف ذي الفقار، فسل عمر ابن ودٍ عن الخندق، وسل زعيم خيبر عن حيدرة ساعة تبختره حتى أدخله تاريخ السيرة والمسيرة لشجاعة ابن عمران الهاشمي القُرشي.. ليظل جبرائيل يهتف: ( لا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار )
فيا سلمان المحمدي، ويا جُندب بن أبي جنادة الكناني، ويا أصبغ بن أبي نباتة التميمي، ويا المقداد بن الأسود الكندي، ويا حبيب بن مظاهر الأسدي هل ما زلنا نعمل بقولكم الطاهر المُطهر برسولكم؟
صُنِ النَفسَ وَاِحمِلها عَلى ما يزيِنُها
تَعِش سالِماً وَالقَولُ فيكَ جَميلُ
وَلا تُرِينَّ الناسَ إِلّا تَجَمُّلاً
نَبا بِكَ دَهرٌ أَو جَفاكَ خَليلُ
وَإِن ضاقَ رِزقُ اليَومِ فَاِصبِر إِلى غَدٍ
عَسى نَكَباتِ الدَهرِ عَنكَ تَزولُ
يَعِزُّ غَنِيُّ النَفسِ إِن قَلَّ مالُهُ
ويَغنى غَنِيُّ المالِ وَهوَ ذَليلُ
وَلا خَيرَ في وِدِّ اِمرِئٍ مُتَلَّونٍ
إِذا الريحُ مالَت مالَ حَيثُ تَميلُ
جَوادٌ إِذا اِستَغنَيتَ عَن أَخذِ مالِهِ
وَعِندَ اِحتِمالِ الفَقرِ عَنكَ بَخيلُ
فَما أَكثَرَ الإِخوان حينَ تَعدّهُم
وَلَكِنَهُم في النائِباتِ قَليلُ |