إلى الحَدباءِ يا وطنَ المَعالي
ترانيمٌ مِنَ العُصر الخَوالي
مُعطرةٌ بأشواقٍ وحُبًّ
وتائقةٍ لآياتِ الجَمالِ
وآهاتٍ مِنَ الخفّاقِ جاشتْ
تذكّرنا بأحْوالٍ وحالِ
وتُعلِمُنا بجائرةٍ وأخْرى
تنامتْ فوقَ أكتافِ الرجالِ
تسعّرَ يوْمُها والنارُ أجّتْ
تُخرِّبُ دارَها برؤى اعْتضال
فتأسِرُها الكواسِرُ والعَظايا
لتمْنحَها تباريحَ السِجالِ
وتمْحقَ رسمَها أنّى اسْتطاعتْ
وتُقْحِمُها متاهاتَ النِزالِ
وتَسْتعدي البَعيدَ على رُباها
وتأسِرُها بأوْجاعِ احْتمالِ
أضاعوها بتدبيرٍ وعِلمٍ
وتحقيقٍ لرائمةِ الضَلالِ
وكمْ كذبوا لأنّ الصِدْق كفرٌ
وتكفيرٌ لراعيةِ المُحالِ
ولازالوا ببهتانٍ سُكارى
وأضْغاثٍ مِنَ الزَمنِ المُقالِ
فمِنْهم كلّ آثمةٍ وجُرمٍ
وفيهم أصلُ مُبتدءِ الهَوالِ
عواطفهم بما كسبتْ تمادتْ
فأرْدَتْ ذاتَهم بقِوى انْفعالِ
وما كَسبوا وخسرانٌ أتاهم
بإعْصارٍ يُشرذمُهم كآلِ
ومَنْ باعَ البلادَ وما عليها
سيُلقى في مَزاداتِ النِكالِ
هيَ الأوْطانُ أوْعِيَة ارْتقاءٍ
إذا ثُقِبَتْ أطاحتْ بالكمالِ
وإنّ الشَعبَ ديْدَنهُ اعْتصامٌ
بحَبْلِ كِيانهِ دونَ الحِبالِ
ومَنْ تَبعَ التفرّقَ والتنائي
يَعيشُ مَذلةً تحتَ الذيالِ
وما نَهضتْ شعوبٌ مِنْ أساها
إذا بقيتْ بدائرةِ التوالي
فنورُ العَصر مقرونٌ بعَقلٍ
وما ترقى الشعوبُ بلا عِقالِ
وإنْ صارَ الضلالُ لها صِراطا
سَيوردُها عقابيلَ الخَبالِ
ومِنْ حَدبٍ على أدَبٍ وعلمٍ
أنارتْ أمةٌ عُصُرَ انْذِبالِ
فكيفَ لها في قَرنِ ضَوءٍ
تخابتْ بيْنَ أحْضان العَوالِ
وما ابْتكرتْ وما وَردتْ نُهاها
وأقْعَتْ عندَ مُنحدر اقْتتالِ
ومِنْ سَجعٍ على وَجَعٍ وقهرٍ
تطاولَ همّها قممَ الجبالِ
فقلبُ وجودِها يَحْيا اضْطرابا
علاجُ شجونهِ بَعْضُ اعْتقالِ
****
سلامٌ يا رُبى الحدباءِ مِنّي
تمنّيَهُ اللواعجُ بالوصالِ
وفيضُ الذكرياتِ بلا حدودٍ
ويُغرقني بأنغامِ ابْتهالِ
ويَبعثني من الأعماقِ حيًّاَ
ويرميني على جُزرِ اللآلي
ويُهديني ليقْطينٍ وزرعٍ
ويُرْويني مِنَ المُزنِ الهِطالِ
فحُوتُ الكونِ مَرهونٌ بحُوتي
وقد لقمَتْ أساطينَ احْتيالِ
مَراقدُ عترةٍ ِمنْ ذاتِ إلاّ
تُداهِمُها أباليسُ العَطالِ
وتمْحقها بما شَنِئتْ وخالتْ
بتأويلٍ وتفسيرِ اجْتهالِ
مَضينا في مَرابعها نَشاوى
بألحانٍ وأمْجادٍ سِجالِ
شبابُ في مَرابعها تبدّى
يُسابقُ حاضِرا نحوَ اقْتبالِ
ويُسقى مِن مَعالِمِها عُلوما
وأفكارا مِنَ القَطْرِ الزُلالِ
منارةُ أمةٍ مالتْ لترقى
بأجيالٍ إلى فيضِ الرسالِ
وتُعلمُهم بأنّ المَيْلَ جذْبٌ
وتحفيزٌ لطاقاتِ الفَعالِ
تُباغِتُها الخطوبُ على هَواها
فتزْبُرها بقاضيةِ الصَوال
وكمْ وَردتْ إليها عادياتٌ
وإنْ غابتْ ستبزغُ كالهلالِ
وفي زمنٍ بهِ الأحْقادُ فازتْ
أصابَ ربيعَها وجعُ اشْتعالِ
كأنّ الناسَ قد رُهِنَتْ بجُرمٍ
وتَعريفٍ وعُدْوانٍ وقالِ
فهل جار الزمان على زمانٍ
وهل أضحى الخشيلُ من الغوالي؟!
هي الدنيا بها عِبَرٌ ونهْجٌ
وإنّ سبيلها إبنُ اكْتمالِ
وكلّ ضعيفةٍ يوما ستقوى
وكلّ قويّةٍ نحوَ انْهزالِ
تناكأتِ الجِراحُ كما أرادتْ
مُعززةٌ بسلطانٍ ووالي
فلا تسألْ على وطنٍ مُعنّى
بأصفادٍ وأحْمالٍ ثِقالِ
ولا تسأل إذا مدنٌ تداعتْ
بِعُذر سُقوطِها يومَ انْخذالِ
فمَن رامَ الخَرابَ على جُموعٍ
تفنَّنَ باحْترابٍ وانْصيالِ
وإنْ دارتْ على قومٍ خطوبٌ
فقد جاءتْ من الرَهنِ المُدالِ
حَوادثها مُبَرمَجةٌ ٌبعزْمٍ
وطامعةٍ ومأجورِ مُوالِ
ومَنْ باع البلادَ وما اشْتراها
سيَرْهنُهُ المُتاجِرُ باعْتلال
فلا تعجبْ إذا وطنٌ تشظّى
فكلّ شظيةٍ بنتُ اختلالِ
وكل مصيبةٍ من ذاتِ أصلٍ
وأصلُ وجيعِها نهجُ احْتلالِ
وقد عبثوا كما شاؤا وظنوا
بَيادقُ لعْبِهم بَعْضُ الذَحال
هو الكرسي مِحْرابُ اعْتقادٍ
وجالِبَةٌ لسيّئةِ المآل
فكنْ أسَدا ولا تَخنعْ لذلٍ
وعِشْ أملا وإيمانا بتالِ
بها الأوطانُ خالدةٌ وتحيا
مُكللةً بتيجانِ البَسالِ
3\10\2016 |