في شعر أمير الشعراء العرب أحمد شوقي
على مدى القرون والأجيال انبرى الأدباء والشعراء العرب على مختلف انتماءاتهم وعقائدهم ومذاهبهم لتمجيد الإمام الحسين (عليه السلام) ويومه الدامي في كربلاء الفداء, من خلال شعرهم المتدفق لوعة وحسرة على ذلك المصاب الجلل, وأيضاً إكباراً وإجلالاً لذلك الموقف الخالد.
وفي مقدمة شعراء القرن العشرين, كان أمير الشعراء العرب أحمد شوقي قد سجل بصمة الحضور في الانحياز إلى جبهة الحق والفضيلة والحرية والإصلاح المتمثلة بنهضة الإمام الحسين الخالدة.
في مسرحية (مجنون ليلى) أشار أحمد شوقي إلى الإمام الحسين 12 مرة , لقد كانت فرصة لأمير الشاعر أن يذكر الحسين من خلال مسرحيته وقد اعترف على لسان أحد شخصيات المسرحية أنه رغم حبه للحسين ورغبته في مديحه إلا أنه يخشى السيف الأموي المعاصر.
يقول أحمد شوقي في مسرحية (مجنون ليلى):
فتــــــــــــىً ذكــــــــــــــــرُهُ ــ على مشرق الشمس والمغربِ
رضيعُ الحسين عليه السـلام ــ وتِـربُ الحُسـين من المـكتبِ
*********
أتسمعُ بِشرُ, رضيعَ الحُسين ــ فديتُ الرضيعين والمرضعه
وأنت إذا مـا ذكـرنا الحُسينَ ــ تصاممتَ, لا جاهلا ً موضعه
ولكـن أخـافُ أمراً أن يرى ــ علـــيَّ التشيُّـــعَ أو يسمعــــه
أحــبُّ الحسيـــن ولكنَّـــمــا ــ لسـانـي عليـه , وقلبي معـــه
حبستُ لسانـيَ عـن مدحــهِ ــ حِـذار أميّـــــة أن تقطعـــــه
***********
وفي مقطع آخر يقول في مسرحيته (مجنون ليلى) على لسان الحادي:
يا نجـدُ خُـذ بالـزمـامْ ــ ورحِّبِ
سرْ في ركاب الغمامْ ــ ليثربِ
هـذا الحُسينُ الإمـامْ ــ ابنُ النبي
********
ويقول أيضاً على لسان نصيب:
قد بيّن الحـادي فقـلْ ــ أصـمٌ أنـت أم غــبــي
هــذا مــنارُ العــرب ــ هذا الحُسين ابن النبي
هذا الزكي ابن الزكـ ــ ـي الطيّب ابن الطيّبِ
عارضنا الحسين في ــ طــريقــه ليــثــــربِ
***********
ونبقى في مسرحية (مجنون ليلى) لنقرأ ما سطره قلم أمير الشعراء العرب:
حَنانيك قيسُ, إلامَ الذهول ــ أفِقْ ساعةً من غواشي الخَبَلْ
صليلُ البغــال ورجــع الحُـــداءِ ــ وضجّةُ ركبٍ وراء الجبلْ
وحــادٍ يسـوق رِكـــابَ الحُســين ــ يهزُّ الجبال إذا ما ارتحلْ
فلـــم يـبـقَ مــــاشٍ ولا راكــــبُ ــ على نجد إلا دعـا وابتهلْ
فقم قيسُ واضرع مع الضارعين ــ وأنزل بجدِّ الحُسين الأملْ
**********
وأيضا في المسرحية على لسان (نصيب) :
دعـه يا مهـديُّ يفعل ــ إنمـا يرمي لمعنى
كـالحسـين بن علــي ــ هو بالعُشاق يُعنى
الحُسينُ انتعل التربَ ــ إلـى والــد لُبنـى
*********
كما يقول في مسرحيته هذه على لسان (سعد) :
ترعرع في بيئة النائحات ــ وعلَّمنهُ النَّدبَ حتى نَدَبْ
ينوح بيثربَ آلَ الرسـولِ ــ ويُذكِي مآتمَ أهـلِ النسـبْ
***********
كما يقول أيضاً وهو يستذكر ذلك الموقف البطولي الخالد للإمام الحسين في كربلاء :
هـذا (الحسيـن) دمـه بكربــلا ــ روّى الثرى لمّا جرى على ظما
واستشهـد الأقمــارُ أهـلُ بيته ــ يهوون فـي التـرب فــرادى وثنا
ابـن زيــــاد ويزيــــد بغيـــــا ــ واللهُ والأيـــامُ حــربُ مــن بغــا
لولا يزيــد بادئاً مـــا شـربت ــ مروان بالكـأس التي بهـا سقــى
*************
وإذا تصفحنا ديوان الشوقيات فسنقرأ ما قاله أحمد شوقي في قصيدته (الحرية الحمراء) :
في مهرجـان الحـق أو يوم الـدمِ ــ مهــجٌ مـن الشهـــداءِ لـم تتكلــمِ
يبدو على هـاتـورُ نـورِ دمـائهـا ــ كدم (الحسين) على هلال محرمِ
لا بد للحرية الحمراء من سلوى ــ تُـرقـــد جَرحَهــــا كـالبلســـــــمِ ( ج1 ص181 )
************
كما قال في رثاء ملك الحجاز الحسين بن علي :
لك في الأرض والسماء مأتم قـام فيهـا أبو المـلائك هاشم
قعـد الآل للعــزاء وقـــامـت باكيات على الحسين الفواطمُ
***********
ويقول في قصيدة تحمل عنوان ( صقر قريش : عبدالرحمن الداخل ) وهو يُلمح فيها إلى دعوى ( بني أمية ) الثأر لعثمان وسياستهم القائمة على المكر والدهاء واللعب :
ثـــأرُ عثمــان لمــروانٍ مجــازْ ــ ودم (السِّبْطِ) أثــار الأقربون
حسنــوا للشـام ثـأراً والحجــازْ ــ فتغالـى الناسُ فيما يطلبــون
مكرُ سُواسٍ على الدهماء جازْ ــ ورعُــاة بالــرعايـا يلعبـــون (ج1 ص173)
***************
ويقول مقارنا ً نفسه وزمانه , بالحسين ويزيد ..!!
ظمئتُ ومثلـي بـريٍّ أحـقُ ــ كأنـي (حسينٌ) ودهـري يزيد
***************
كما يقول أحمد شوقي في ج1 ص291 من ديوانه وهو يخاطب جمعية (الصليب الأحمر والهلال الأحمر) :
لو خيَّما فـي (كربــلا ) ــ لم يُمنع (السِّبْطُ) السقاية
أو أدركا يــوم المسـيح ــ لعاونـاه علـى النكــايـة
**************
فيما يقول في رثاء الزعيم مصطفى كامل باشا:
يزجون نعشك في السنا وفي السنا ــ فكأنما في نعشك القمرانِ
وكـربـلا , نعش الحسين بكـربـلا ــ يختال بين بكا وبين حنانِ
**************
ويبقى الحُسين على مدى التاريخ والأجيال لحناً خالداً يترنم به عُشاق المبادئ والمُثل العُليا , حينما يسمو الخطاب ويتعالى على المذهبية والطائفية . |