قد يبدو من الوهلة الاولى أن ليس هناك مايجمع بين الكوكايين والمواد الاباحية,غير أن الدراسات تبين أن مشاهدات المواد الاباحية تقود الدماغ إلى انتاج نفس مواد البهجة الكيميائية التي تنتجها المخدرات.
لقد أثبتت الدراسات أن الإدمان على المخدرات يسبب تلفاً في المنطقة الأمامية للدماغ، وقد لوحظ أن مدمني الخمر والمخدرات يعانون من انكماش المنطقة الأمامية من أدمغتهم مما يفقدهم السيطرة على تصرفاتهم. ولذلك فإن إدمان النظر للإباحية سوف يكون له نفس الأثر على الدماغ وربما أكثر.
فالإباحية مثلها مثل المواد المخدرة الأخرى المسببة للإدمان,حيث تحدث فيضانا من المواد الكيميائية في الدماغ,وهذا التدفق للمواد الكيميائية يمكنه أن يشكل مسارات في الدماغ لزيادة الشهية للإباحية,ثم الإعتماد والإعتياد عليها في نهاية المطاف,وهذا من شأنه أن يسبب الضرر في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحفيز وصنع القرار.
فالإباحية هي مثير كبير ، فأدمغتنا لم تر مثل ذلك من قبل !
فمنذ آلاف السنين لم تكن الأدمغة تتعرض لتأثيرات مثيرة كما في الإباحية إلا خلال 15 عاما الماضية, فالدماغ قد يتعرض لمشاهد مثيرة في أسبوع في السنوات الأخيرة بما يعادل ما قد رآه الناس في الزمن الماضي طوال حياتهم.
فقد أسهم كل من الحجم المهول لصناعة الاباحية,وإستفادتها من وسائل الإعلام والتقدم التقني,بالإضافة إلى امكانية الوصول لها والتخفي وكونها متاحة ماديا في تزايد تأثيرها.
ففي العام 2007، قُدّرَت عائدات المواد الإباحية عالمياً بنحو 20 مليار دولار، منها 10 مليارات دولار في الولايات المتحدة,وبين عامي 2001 ــ 2007,تقدمت المواد الإباحيّة عبر الإنترنت من صناعة تدرّ 1 مليار دولار سنوياً إلى صناعة تدرّ 3 مليارات دولار سنوياً.
كما قُدّر أن عائدات المواد الإباحية عالمياً وفي الولايات المتحدة قد انخفض بنحو 50% بين عامي 2007 ــ 2011 بسبب المقدار الكبير لتوافر الإباحية مجاناً على الشبكة.
أسباب إدمان المواد الاباحية كثيرة, منها:أن الاباحية قد تكون مهرباً من المشاكل والأزمات التي يمر بها الفرد، فحين يحس بحزن وغضب يتوجه إلى المواقع الإباحية كوسيلة لتخفيف الضغوطات عليه ولا يدري أنه يزيد بهذا الأمر سوءاً. وهذه الحالة هي نفسها في كثير من حالات الإدمان، فمدمن المخدرات والقمار أو حتى الطعام ما أن يحزنه أمر حتى يتوجه إلى المادة التي يدمنها ليخفف عن نفسه.
هناك من يدمن مشاهدة المواد الإباحية عندما يجد نفسه فارغاً ولا يجد شيئاً يملؤ به وقت فراغه، فيبدأ بمشاهدة المواد الإباحية التي يجد بها إرضاءً لغرائزه وشهواته، ويوماً بعد يوم تتحول تلك الهواية إلى إدمان ومرض نفسي يحتاج إلى علاج,فالفراغ داء قاتل للفكر والعقل والطاقات الجسمية , ولايختلف الاطباء في أن الفراغ سبب أساسي في الكثير من أمراض العصر النفسية كالإكتئاب والقلق النفسي والهم.
حيث رمى الفراغ بعدد كبير من الشباب في مهاوي الرذيلة و الإباحية , كل ذلك لأنهم لم يحسنوا استغلال أوقات فراغهم, فضروري لكل من ابتلي برؤية المشاهد الإباحية أن ينتبه لأوقات فراغه و يملأها بما ينفعه فإن فعل فقد قام بخطوة عظيمة على طريق العلاج التام من هذه الآفات.
يضاف إلى ذلك توافر الانترنت في كل بيت تقريباً وسهولة الوصول إلى تلك المواد، حتى التي يتم نشرها في مواقع محظورة، وذلك بعد توفير الكثير من البرامج التي تلغي الحظر على تلك المواقع وتجعل محتواها متاحاً للجميع بشكل مجاني وفي أي وقت.
تسبب المواد الاباحية مشاكل صحية ونفسية كثيرة للمدمن منها: انخفاض مستوى التركيز مما يضعف الذاكرة، ويجعل عملية الاستيعاب بطيئة جداً، كما تجعل الشخص أثر عرضة لسرعة النسيان ولاشك أن ذلك يخفض القدرة الإنتاجية للفرد المدمن على مشاهدة مثل هذه المواد,كما تسبب المواد الإباحية الأرق وقلة النوم، والسرحان الدائم نتيجة للانشغال بها، إضافة إلى انشغال الفكر بأفكار بعيدة عن الواقع أو المنطق والعقل, والشعور بالإرهاق العام والخمول والكسل والميل للوحدة والابتعاد عن النشاطات الاجتماعية والأسرية, والإرهاق الذهني والذي يصاحبه عادة عصبية في المزاج وسرعة الغضب والاستثارة والشعور بصداع شديد ومتكرر,يضاف إلى ذلك ظواهر مرضية منها الإصابة بآلام في الظهر، وكثرة إدماع العينين وتحسسها,وأخيراً, الشعور بالاكتئاب وهو النهاية الحتمية للإدمان على مشاهدة المواد الاباحية.
قد يظن البعض أنهم يستطيعون التوقف عن مشاهدة المواد الاباحية بمجرد الزواج, و أن ما يمنعهم من التخلص من هذه الآفة هو فقط كونهم غير متزوجين, و هذا الاعتقاد خاطئ كل الخطأ فالدراسات أثبتت أن مدمن المواد الإباحية يستمر في تلك الممارسة حتى بعد الزواج.
ففي عام 2003 و في اجتماع للأكاديمية الأمريكية لمحاميي الزواج (American Academy of Matrimonial Lawyers) قال أكثر من ثلثي المحامين (و عددهم 350) أن الإنترنت و بالضبط المواد الإباحية كانت من أهم أسباب الطلاق.
إن أدمغة مدمني الإباحية تستجيب للمواد الإباحية مثل ما تستجيب أدمغة مدمني المواد المخدرة من الكحوليات والهيروين وهذا يعني أن المواد الإباحية يمكنها أن تسبب الإدمان مثل بقية المواد المخدرة,وأن التعرف على خطورة هذه الآفة و ما يمكن أن تسببه من أضرار على المدى القصير والطويل,تعتبر خطوة مهمة في رحلة التخلص من هذه العادة الادمانية المدمرة. |