خطوط الأمن القومي لأي بلد من البلدان يصنف حسب خطورة الأمر الأخطر والأخطر .. وهكذا ، ويبدوا لنا أمام الشواهد التي نراها أن الأمور تسري بهدوء من ثورات وتفجيرات هنا وهناك ، ولكن لا يبدوا بأكثر من ذلك على السطح ، بينما الحديث عن السلام طالت لأكثر من خمسون سنوات !
العالم مقبل على تحولات خطيرة جدا ، وهي ما يعتبرها الأمريكان تصحيح الوضع في بعض الدول لتغيير أنظمة الحكم فيها للأفضل ، لما يخدم مصالحها .
عصر الحروب قد إنتهى مع ظهور القنبلة النووية ، وبعد توازنات الدول العظمى من حيث القوة النووية ، أصبح التهديد بالحرب أمر في غاية الصعوبة ، وظهر لنا الحروب الجديدة بإسم السلام ، وهي الحروب التي تتحرك فيها دول العالم الثالث لضرب دول أخرى بالأسلحة التقليدية دون الحاجة بتدخل السلاح النووي ، كما حصل في ليبيا والعراق وسوريا .. ومصر !
مواقع القوة لم تعد حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية ، والإقتصاد العالمي والنقد الدولي إختلف على ما كان عليه فاليورو أصبح أقوى من الدولار ، والإسترليني أيضاً !
ويستدعي من هذا أن تغير أمريكا في تفكيرها في الطرق التقليدية التي تستخدمها لإحتلال مصادر الطاقة في العالم وخصوصاً في دول العالم الثالث !
وجود القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة التي شابت من عدة سنوات لم تعد تنفع أمام التغييرات التي حصلت في العالم أمام النهج والتفكير الجديد للقارة الأوروبية العجوز أيضاُ ، وهناك مركز آخر ينشأ بشكل أو بآخر وقد تم لضرب الهيمنة الأمريكية على العالم ، ونراه ويراه الجميع في الإتحاد الأوروبي ، ونظام الروسي الجديد الذي أيضاً ظهر في الساحة الدولية وهي القوة الجديدة أمام تلك الهيمنة الأمريكية ، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك ، وفرضت نفسها بقوة وهي ظاهرة من ضمن ظواهر للتصحيح في العالم الجديد .
الصين .. بدأت الآن في تغيير المقولة الصينية الشهير التي تقول - لا تظهر قوتك حتى تكتمل قوتك – فأوروبا وروسيا والصين مظهر من مظاهر التوازن لتصحيح الوضع العالمي من حيث القوة العسكرية والإقتصادية ، وهذا التصحيح فرض نفسه لأن الدول تغيرت إمكانياتها وتغيرت قوتها وغيرت تفكيرها ورأت حاجتها في هذا الوقت إلى فرض قوتها لفرض هيمنتها على مصادر الطاقة بسبب الظروف المقبلة على العالم !
مردخاي جور .. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية في عام 1975 قال في مذكراته ، أننا لسنا في عجلة من أمرنا للسلام مع العرب ، وأن نعطي العرب السلام لمدة 25 عاماً لنختبر قدرتهم على السلام وعلينا من خلال هذه الفترة أن نعيد ترتيب قواتنا ونسلحها بأفضل السلام ، وأن نكون على إستعداد دائم لأية مفاجآت قادمة ! ولكي نطمئن .. يجب أن نرى العرب منهمكين في حروب داخلية وغير قادرة على مواجهتنا !
الدول أصبحت تدير أمورها بطرق السلام وليس بالقتال ، وأن العرب على وشك إنشقاق بسبب عدم قدرتها على العيش بسلام مع بعضها .
ومن هنا .. عندما لا تستطيع تحريك أي عسكري داخل أرضك من الجنوب للشمال إلا بعد الإذن من الدول العظمى ، إذن فنحن بحاجة لمعرفة معنى الأمن القومي وما هي الخطوط الحمراء لهذا الأمن ، وإلا لا يوجد أمن قومي عربي ولدينا إحتلال معلن وواضح على كل المقومات العربية ، وأن دول العالم الثالث محتلة وبقرار رسمي من الدول العظمى وبتأييد مطلق من الإسرائيليين !
والله المستعان ...