• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : حقوق الطالب الحوزوي والاكاديمي .
                          • الكاتب : باقر جميل .

حقوق الطالب الحوزوي والاكاديمي

 لقد نشر أحد رجال  الدين الأعزاء في  حوزة النجف الاشرف  قبل فترة قليلة عن ماهية حقوق الطلبة الاكاديميين ؟
ولا  اخفيكم فقد كنت قبل  ثلاث سنوات تقريبا ابحث عن حقوق الطالب في  المدارس  الاكاديمية ، واسال  الاساتذة والطلبة على حد سواء واقول : هل  هناك حقوق للطلبة ؟ وما  هي مدى هذه الحقوق ؟ ، حتى عرفت الإجابة التي  ستأتيكم في نهاية المقال .
وقبل الإجابة على هذا السؤال لنأخذ لمحة بسيطة عن طريقة تعاطي  الحوزة العلمية مع الطلبة وكيفية التدريس وما  هي  الضوابط التي  تتخذها الحوزة في التعامل  العلمي  والاخلاقي بين الطلبة وأساتذتهم .
كما  تعلمون ان الشيخ الطوسي رحمه الله والذي هو اول  من وضع أسس واطر  التدريس  ضمن منهج من عدة كتب تدرس من قبل  بعض الأساتذة للطالب  الذي يدرس ، لم يجعل الشيخ رحمه الله أي  ضوابط لقبول الدرس  سوى الأخلاق الطيبة والأخلاق الحميدة ، والتعلم في سبيل  العلم لا  في سبيل  التهريج ، مع ان هذا الأمر هو باطني لكن لو ظهر فسوف يتخذ منه إجراء معين  ، و استمرت هذه الحالة الى يومنا هذا ولم يأتي أحد من الفقهاء على تغيير ذلك ،  وكيفية الدرس من بدايته الى نهايته هي  كالتالي :
يشرع أحد الأساتذة في  الحوزة الشريفة بتدريس كتاب ما ، كالفقه مثلا  أو العقائد  او غيرها ، فعند معرفة الطلبة هذا الخبر ، يحظر عند درسه من يرغب  بذلك ، بدون بطاقة دعوة ، ولا  بتحديد العمر لذلك إطلاقا ، فترى عدة أساتذة يدرسون مادة واحدة وعدد الحضور من الطلبة في  تفاوت مستمر ، وهذا يعتمد على قوة إفهام الأستاذ  درسه للطلاب ، وكذلك قوة طرحه للمعلومة ومدى استيعاب الطالب لهذه المعلومة ، فإن كانت المعلومة تصل  اليه بدون أي  عوائق فسيستمر في  الدرس  الى ان ينتهي ، وان وأحس ان هناك أستاذ  لديه مطالب أقوى وأفضل فيترك درس  الأول  ويلتحق  بالثاني ، هذا من دون ان يعترض  الاول ولا يسأل الثاني  عن التخلي عن الدرس  الاول ولا عن سبب للالتحاق في الدرس  الاخر .
في  الدرس يشرع الاستاذ بالتدريس بكل وضوح محاولا ايصال  المعلومة للطالب  بأفضل طريقة ممكنة ، من دون تعقيد او تكلف ، ومناقشة الطالب لأستاذه من أجمل  ما يتمناه الاستاذ من تلميذه ، خصوصا اذا كانت المناقشة علمية رصينة .
 نعم بعض  الأساتذة لا يقبل في السؤال  اثناء  الدرس  ولا  المناقشة إلا بعد الانتهاء من المحاضرة ، لكي  لا  تنقطع سلسلة المحاضرة وقد يختلط الامر  على طالب  ما ، لان المستويات الاستيعابية  للبشر بصورة عامة مختلفة ومتفاوتة فيما بينها ، وهذا ليس  عيبا بحد ذاته . 
عند الانتهاء من الدرس يفتح باب  المناقشة على مصراعيه للتباحث  والتداول في المحاضرة التي أعطيت ، ويبدأ البحث  بالتوسع والاختصار  حسب مطالب  السؤال  والاجابة .
عودة على بدأ ، ان كانت هذه الامور  موجودة في الدراسة الحوزوية فما هي  حقوق  الطلبة يا ترى ، الجواب  اتضح لكم من خلال ما قرأت أعلاه ، من ان الحوزة لا قوانين فيها ولا  اجبار  ولا  تفويض ، بل  ان الاخلاق  والاحترام والتدين هو ما  يحكم على الكل ، سواء كان أستاذا أو طالبا ، عالما او مبتدأ في  التعلم ، ولا فرق بين طالب علم وخادم مدرسة الا بالتقوى ، فترى في  الحوزة الشريفة نمط  لا يتواجد بنفس الشكل  في  الدراسة الأكاديمية ، ففي  الأكاديمية توجد قوانين وقواعد لابد من الطالب  الخضوع لها ، وهناك قوانين تحمي  الأساتذة من قبل  الدولة من أي  تعدي من قبل  الطالب ولو بكلمة واحدة ، والأستاذ  مفروض  على الطالب من قبل مدير المدرسة (أو العمادة بالنسبة للجامعة) ، كما ان للأستاذ كامل  الصلاحية في التعامل في  الدرجات وتغييرها وتبديلها بأي وقت وطريقة شاء (ليست صلاحية قانونية ، انما  لا يستطيع أحد ان يغير درجة أي طالب سواه) ، وتأخذ  مسألة الدرجة العلمية عند الأستاذ بشكل اكبر  وأهم من مسألة إفهام الطلاب ، وهذا  ما لا تجده عند المدرسة الحوزوية .
بعد بحثي عن أهم حقوق الطالب التي  يمكن ان يمارسها في الوسط الاكاديمي ، فإني تفاجئت في مدى الاستهانة بهذا الأمر بالنسبة للدستور  العراقي ، فلم يضع أي بند ولا  فقرة ولا مادة ولا  حتى سطرا واحدا ، بل  ولا  جملة تعطي للطالب معرفة في حدوده ومدى تعاطيه مع الإحداث  التي  تحصل في داخل الاكاديمية والحقوق  التي  يمكن أن يطالب  بها ، فنجد في  الدستور  العراقي  يعطي  الحق الكامل من دون نقصان للأستاذ  (الجامعي مثلا) ويخصص لهم عنوانا كاملا  يشرح فيه  قيمة الاستاذ وما  هي سلطته وصلاحيته عند التعدي علىه  وعلى طريقة تدريسه ، أو تعديه على بعض الحدود الغير قانونية .
 ولذي سأطرح عليكم نص ما  جاء في  الدستور العراقي لكي  يكون الامر  واضحا  عندكم ، من ان الطالب  لا حقوق له إطلاقا حسب  هذه القوانين ، وان كانت لديه فهي  غير  مكتوبة في  القانون !
(المادة 2 يعاقب الطالب بالتنبيه اذا ارتكب احدى المخالفات الاتية : اولا – عدم التقيد بالزي الموحد المقرر في الجامعة او الهيئة . ثانيا – الاساءة الى علاقات الزمالة بين الطلبة او تجاوزه بالقول على احد الطلبة . 
المادة 3 يعاقب الطالب بالتنبيه اذا ارتكب احدى المخالفات الاتية:
 اولا – فعلا يستوجب المعاقبة بالتنبيه مع سبق معاقبته بعقوبة التنبيه .
ثانيا – اخلاله بالنظام والطمانينة والسكينة في الجامعة او الهيئة او الكلية او المعهد . 
المادة 4 يعاقب الطالب بالفصل لمدة ( 30 ) ثلاثين يوما اذا ارتكب احدى المخالفات الاتية : 
اولا – فعلا يستوجب المعاقبة بالانذار مع سبق معاقبته بعقوبة الانذار . 
ثانيا – تجاوزه بالقول على احد منتسبي الجامعة من غير اعضاء الهيئة التدريسية . 
ثالثا – قيامه بالتشهير باحد اعضاء الهيئة التدريسية بما يسيء اليه داخل الكلية او المعهد او خارجهما . 
رابعا – قيامه بوضع الملصقات – داخل الحرم الجامعي – التي تخل بالنظام العام والاداب 
. المادة 5 يعاقب الطالب بالفصل المؤقت من الجامعة لمدة لا تزيد على سنة دراسية واحدة اذا ارتكب احدى المخالفات الاتية :
 اولا – اذا تكرر ارتكابه احد الافعال المنصوص عليها في المادة (4) من هذه التعليمات . 
ثانيا – مارس او حرض على التكتلات الطائفية او العرقية او التجمعات السياسية او الحزبية داخل الحرم الجامعي . 
ثالثا – اعتدائه بالفعل على احد منتسبي الجامعة من غير اعضاء الهيئة التدريسية . 
رابعا – استعماله العنف ضد زملائه من الطلبة .
خامسا – التهديد بالقيام باعمال عنف مسلحة . 
سادسا – حمله السلاح بانواعه باجازة او بدون اجازة داخل الحرم الجامعي . 
سابعا – احداثه عمدا او باهماله الجسيم اضرارا في ممتلكات الجامعة او الهيئة او الكلية او المعهد
 . ثامنا – اساءته الى الوحدة الوطنية او المعتقدات الدينية . تاسعا – تجاوزه بالقول على احد اعضاء الهيئة التدريسية في داخل الكلية او المعهد او خارجهما . 
عاشرا – الاساءة الى سمعة الجامعة او الهيئة بالقول او الفعل . حادي عشر – اخلاله المتعمد بحسن سير الدراسة . 
ثاني عشر – ثبوت ارتكابه النصب والاحتيال على زملاءه الطلبة ومنتسبي الكلية او المعهد
 . المادة 6 يعاقب الطالب بالفصل النهائي من الكلية او المعهد وبقرار من الجامعة او الهيئة ويرقن قيده اذا ارتكب احدى المخالفات الاتية : 
اولا – تكراره احدى المخالفات المنصوص عليها في المادة ( 5 ) من هذه التعليمات . ثانيا – اعتدائه بالفعل على احد اعضاء الهيئة التدريسية او المحاضرين في الجامعة او الهيئة او الكلية او المعهد
 . ثالثا – اتيانه فعل مشين ومناف للاخلاق والاداب العامة . 
رابعا – تقديمه اية مستندات او كتب او وثائق مزورة مع علمه بكونها مزورة او كونه من المحرضين على التزوير . 
خامسا – ثبوت ارتكابه عملا يخل بالامن والطمانينة داخل الحرم الجامعي او اشتراكه فيه او المساعدة عليه
 . سادسا – عند الحكم عليه بجناية او جنحة مخلة بالشرف تزيد مدة محكوميته فيها لاكثر من سنة . 
 
المادة ( 7) : 
اولا – لا يمنع فرض العقوبات المنصوص عليها في المواد ( 2 ) و( 3 ) و (4 ) و ( 5 ) و ( 6 ) من هذه التعليمات على الطالب المخالف ، من فرض العقوبات الاخرى اذا وقعت المخالفة تحت طائلة القوانين العقابية
 . ثانيا – اذا حركت دعوى جزائية ضد الطالب عن فعل نسب اليه خارج الجامعة او المعهد فيكون النظر فيه انضباطيا مستاخرا الى حين البت في الدعوى الجزائية .).. انتهى ..
كل  هذه القوانين والعقوبات هي  موضوعة للطالب وكأنه داخل  في ثكنة عسكرية ، وانا  لا  أقول انها  غير صحيحة ، بل  هي ضرورية لمن يسيء  الأدب ، لكن بالمقابل لماذا لا  نرى حقوقا مماثلة ولو قليلا  للطلبة يا سادة ؟!
كأن الكادر  التدريسي  له الحصانة المطلقة في التصرف والطالب  عليه السمع والطاعة !
كما  عرفتم في  الدراسة الحوزوية ، ان الاخلاق  والاحترام هو القانون عندهم من دون كتابته ولا وجود للجان لتفعيله ، بل التوازن الموجود بين الأستاذ  والطالب جعل  كل واحد منهم يعرف مقدار حده وكيفية تعامله وتعاطيه مع الأحداث ، ولذي نرى الحائط الوهمي  الذي يفصل  بين الطالب  والأستاذ والذي  يسبب الكثير  من المشاكل ، لان الاستاذ  الجامعي (بعضهم) يرى الطالب أسيرا بيده لا حيلة له ، ولابد ان لا يعترض  على أي  كلمة يقولها ، ويحس ان الطالب يترصد ويترقب  بالأستاذ السؤء والحيلة قدر  المستطاع ، وكذلك الطالب يتوقع ان الأستاذ  هو حاكم متجبر  ومتسلط يريد الانتقام من الطالب من خلال  الدرس وعدم فسح المجال للتحاور معه ، مع ان الحقيقة في  هذا الامر  لا  ينطبق  على الكل ، بل عند البعض  القليل منهم (سواء كان الطالب ، ام الاستاذ) ، ولكن لسؤء تعامل  البعض مع هكذا امور  حساسة   تحولت هذه المسألة الى ظاهرة يشار  لها  في  كل  فرصة يجدها  الطالب ويحاول  الهجوم على الأستاذ  من خلال  النقد اللاذع والكلام الجارح والذي قد يتخلله عدم المصداقية ايضا ، عندها  نجد الأستاذ  يستميت في  الدفاع وبقوة ، ويفند ويهدم كل  ما  ينادي به الطالب ، ويحاول  ان يبرز الطالب  صفر  اليدين وانه عالة على الجامعة ولا  يستحق  تضييع دقيقة من الاستاذ التي  قد يستفيد منها  في  بحث مسألة ما  !
 
سوء  الفهم هذا من الطالب  والأستاذ سبب فجوة بينهما بشكل كبير ، وجعل  قاعات الدراسة عند البعض  كساحات معركة هذا ان دخل  اليها ، وجعل  المحاضرة بنظر الطالب عبارة عن ممارسة التسلط عليه بلا رحمة ، وعندما  يرى الأستاذ  هذا  التفكير يتعامل  بردة مشابهة ان لم تكن أقوى !
كل هذه الأحداث  واقعية وليست من الخيال ، وحلها  بسيط ومعروف ، لكنه يحتاج الى وقت لكي  تتقبله جميع الأطراف ، وهو التفاهم بين الطرفين من ان الأستاذ هو كالوالد يريد مصلحة أبنائه وهو ليس بمتسلط عليهم ، وان فكرة التجبر  والهيمنة هي  مجرد وهم صنعه بعض الأشخاص الذين لا ذوق  عندهم .
كما  إن الطالب لا يريد من الأستاذ  أي شيء سوى إحساسه بأنه إنسان يستحق  الاحترام لأنه محترم ولأنه إنسان ، كما  يريد إيصال  المعلومة له بأي  طريقة كانت ، وان حصل تجاوز على بعض  الأساتذة من قبل  بعض  الطلبة فهذا لا  يعني  ان جميع الطلبة على رأي  واحد وفكر  واحد ومنهج واحد ، بل هو تصرف نابع أما  من حالة شخصية وفردية ، أو من عقدة نفسية .
من الظلم أن يعاقب أو تأخذ النظرة السلبية على الكل بجريرة شخص  واحد ، لان الأمر  سينطبق  عليكم أيضا ، ولكن بشدة أكثر ، لأنك قد وصلت الى مرتبة عالية من التفهم والثقافة وتقبل  رأي  الأخر  على عكس  الطالب ، ولان الآخرين يرون فيك قدوة يسيرون خلفك فكل  تصرفاتك وتحركاتك وسكناتك محسوبة عندهم و بشكل دقيق ، لا لأنهم يريدون إحصاء  عثراتك ، بل لأنك ذو طاقة علمية وخبرة قوية ، تأهلك لان تتصرف  بأعلى وأدق مما  هو عند الطالب .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=82914
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 08 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15