• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : اختناق .
                          • الكاتب : نبيل جميل .

اختناق

 في ساعة قديمة منسلخة من ظهيرة عفنة برطوبة شط العرب . دلفت إلى مقهى مكتظ برّواد ما بعد الغداء ، اغلبهم حمّالو بضائع ، صباغو أحذية وشحّاذون . حين طلبت الشاي، دخل رجل خمسيني بزيٍّ ريفي مغبرّ، جلس إلى جانبي وراح في شبه إغفاءة وهو يمسك بسيجارة غير مشتعلة بين أصابعه . قلت له: "الله بالخير" . شعرت كأنه مهجور، أو تائه في فوضى الإهمال الجماعي. لملم  كوفيته  للخلف وقدم لي سيجارة . وأثناء التدخين وارتشاف الشاي ، عرفت انه يبحث عمّن يغفر له خطأه ! أو يدلّه على من ينظّف الروح من ندبة في الضمير: " كنت في العشرين من عمري عندما ارتكبت الجريمة. كان ذلك في ريف الناصرية أيام الاحتلال . في تلك الليلة من ليالي الشتاء القارس عبث الشيطان في ذهني. لم ادر لحظتها كيف أطلقت النار من بندقيتي "البَرنَو".. فاجَأتني الصرخات من كل صوب ماذا فعلت يا مجنون ؟ 
الجدران.. الأبواب.. النوافذ.. الشوارع.. كلها تصرخ وتهيل عليّ اللعنات والسباب . ولمسافات طويلة وأنا اركض.. كانت الأصوات تصلني متصاعدة . ومنذ عشرين عاماً ما يزال صداها يتردّد ، يلهب ذاكرتي بوجعٍ خشن وطنين تأنيب الضمير والندم".
     ودون مبالاة بتدفق نزيف دم ذاكرته. ورغم قتامة أساه قاطعتهُ ، بسؤالٍ مقتضب :
           - هل قتلت أحدا ؟
           - نعم.. قتلت نفسي !!  .
 

كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : نبيل جميل ، في 2016/07/11 .

تحياتي لكم استاذ وكل عام وانتم بخير
لقد تفاجأت وانا اقرأ هذه القصة / اختناق / فهي تعود لي انا كاتبها الاصلي وهي منشورة منذ عام 2010 في كتاب وكذلك اعيد طبع هذا الكتاب في عام 2015 . وهو من اعداد الكاتب العراقي الكبير هيثم بهنام بردی . وكذلك هي منشورة في عدة مواقع . فارجو ان تعالج هذا الخطأ . محبتي واحترامي لشخصكم الكريم



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=80743
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 07 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15