لشهر رمضان الكريم نكهته الخاصة وعاداته وتقاليده المتوارثة، فتبادل الزيارات والتواصل كانت سمة اساسية في هذا الشهر الفضيل، الا ان هذه العادات اختلفت كثيراً عما كانت عليه سابقاً فمتابعة الفضائيات وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت هي السمة الابرز هذه الأيام، هذا الامر دفع ببعض اصحاب المضايف في محافظة المثنى للحفاظ على الاجواء الرمضانية، ومنع ربط الهواتف الذكية بشبكة الانترنت داخل مضايفهم او ما يسمى شعبياً (التكنيك).
وعن ذلك، بدأنا جولتنا من مضيف السيد قاسم آل سيد جابر الواقع في اطراف مدينة الرميثة شمال المحافظة والذي قال للمربد إن شهر رمضان يختلف عن باقي الاشهر خصوصاً في المناطق العشائرية التي تحاول الحفاظ على تقاليدها الرمضانية في ظل الثورة الالكترونية، حيث يبدأ تبادل الزيارات من فترة ما بعد الافطار ويمتد الى ساعات متاخرة قد تصل احياناً الى فترة السحور كما يحرص اصحاب المضايف من الشيوخ والسادات على رد الزيارة الى اصحاب المضايف ممن زاره في مضيفه خلال هذا الشهر.
ودعنا مضيف السادة ال جابر واتجهنا نحو مضيف الشيخ ريسان ال مطشر شيخ عشيرة آل زياد في المثنى والذي يقول للمربد بان المضايف وعلى مدى التاريخ كانت محطة لتبادل الاراء وحل المشاكل بين افراد العشيرة او مابين عشيرة وأخرى ليأتي الان ما وصفه بالغزو الالكتروني ما اثر على إدامة هذا التواصل.
مضيفاً انه وللحفاظ على أصالة أجواء المضايف ومنعاً لذلك (الغزو) قررنا عدم نصب أجهزة بث اشارة الانترنت (الراوتر) داخل المضيف فضلاً عن فرض غرامة مالية تصل الى 500 الف دينار على كل شاب يتواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي اثناء تواجده في المضيف.
واستمراراً لجولتنا، التقينا في مضيف ال مطشر بالطالب في كلية القانون بجامعة المثنى غيث ريسان والذي اكد للمربد على حرصه على تبادل الزيارات والتجمع في المضايف خلال الشهر الكريم والتزامه بعدم استخدام هاتفه الذكي اثناء تواجده في مضيف شيخ العشيرة ايماناً منه بقيمة ما يطرح في المضايف من اراء وحكايات يستأنس بها ويأخذ منها العبر.
الى ذلك، توجهنا الى مدينة السماوة وتحديداً الى كورنيش السماوة الذي يعتبر من اكثر الاماكن ازدحاماً في شهر رمضان لوجود المقاهي والكازيونات، حيث التقينا باحد المواطنين والذي يعمل مدرساً في احدى المدارس الاهلية والذي يحرص على المجيئ الى المقهي في كل مساء من اماسي رمضان ولعب الشطرنج عبر هاتفه الذي اعتبره مفيداً جداً في عمله الذي يطلع من خلاله على احدث وسائل التدريس والمناهج العلمية المطبقة بالدول الاخرى اضافة لكونه وسيلة للاتصال مع اهله ومعارفه.
لكن الشاب حسين علي والذي يبلغ من العمر 24 عاماً وهو من مرتادي احد مقاهي كورنيش السماوة والذي كان مندمجاً مع هاتفه، رأى بان اوقات الفراغ وعدم ارتباطه بعمل معين والنوم نهاراً اجبره على قضاء فترة ما بعد الافطار بالجلوس بالمقهى مع اصدقائه ومعارفه و التواصل عبر الهواتف الذكية، لكن ليس مع الجالسين بقربه بل مع اخرين يبعد عنهم مسافات طويلة قد تصل الى آلاف الاميال. كما قال.
ويغلب على محافظة المثنى ومجتمعها الطابع العشائري وانتشار المضايف التي تعود لشيوخ في اطراف المدن والتي تعتبر محطة لحل المشاكل والتجمع والتسامر خاصة في ايام شهر رمضان الكريم.
ورغم تأصل العادات العشائرية واحترام المضايف وأجوائها في المثنى وبالاخص في شهر رمضان الى حد (الإجلال) لكن للتقنيات وعالم التطور سطوة كبيرة قد لا تصمد امامها أي عادة شعبية أو موروث اجتماعي في المستقبل القريب بسبب عالم الانترنت والتواصل الاجتماعي الذي جعل من العالم قرية صغيرة تلتقي فيها مختلف الحضارات والعادات ومختلف الطقوس، بحسب استطلاع اجراه مراسل المربد لشرائح مختلفة في المحافظة.
|