• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : قصة قصيرة ( القضية والجبل ) .
                          • الكاتب : هادي عباس حسين .

قصة قصيرة ( القضية والجبل )

علمني ابي ومنذ صغري ان تكون للإنسان قضية وهدف وان يفديها بالروح ان تطلب الأمر وان يقاوم لرمقه الأخير ان أصابها سوء وكلما وقفت ممدا نظري ال الافق البعيد صوب الجبل ابتسم لي قائلا
-هناك القضية...انه هدفنا المنشود..
كنت وقتها فقط اعبر عن دهشتي بابتسامة عريضة قائلا ونظرات عيني اصوبها تجاه مقبرة القرية
كل هؤلاء الأموات ماتوا من اجل الجبل..
حقا أحببته بشكل جنوني وفاق عشقي له أكثر من حب ابي بدرجات فائقة كنت انزوي لوحدي منتظرا شروق الشمس من خلفه أراقبها عن كثب وتنعشني خطوط أشعتها البهية وتطربني أصوات الطيور القريبة مني والبعيدة حتى معزتي ألحيوانه التي تعلقت بها منذ ولادتها ولحد ألان أجدها تطيل النظر معي عندما ابقي لوقت طويل أغازله بلغة الحب العذري البريء الخالص من كل الشوائب فاختلس النظرات إليها وأنا استمع الى مناداتها المستمرة
-ماع....ماع...ماع..
لعلها أحبت الجبل أكثر مني ومن ابي لكن ليس أكثر من أموات مقبرتنا لأنهم ضحوا بحياتهم من اجله يا للهول فقد رأيت بعيني بان معزتي فقدت صوابها واتجهت صوبه راكضة بسرعتها كأنها تود سباقي بالوصول ليه كلما أسرعت بخطاي نحوها وجدتها أسرع مني تريد زان تلتهم الطريق النيسمي الذي يوصل الجميع اليه توقفت عند بعد شاسع عني ونظرت متمتمة بصوتها كأنها شعرت بتعبي أو أرادت ان تقلل المسافة ما بيننا فابتسمت مرددا
-طوبى لك أيها الجبل الكل احبك بعمق..ما أسعدك..
حب معزتي لي دفعها ان تتراجع بخطاها تجاهي كي تساعدني بتحمل العناء للحاق بها لدقائق معدودة لم أحصيها التقينا عند الربوة الخضراء التي كثيرا ما تكرر اللقاء عندها واعتبرتها نقطة استراحتي المعتادة ومكان انتهاء انطلاقة كلبي الذي هو الآخر تبعنا صوب المكان الذي نبتغيه والذي أكد كلام والدي رحمه الله بأنه هو القضية المنشودة حركات ذيل الكلب مسرعة وكأنه يعبر عن فرحه الدائم والباقي للموجودين كان حبه المتكرر يوميا علمه ان يدور حولنا بشكل غريب وعجيب ليجعلني أوقفه بيدي متكلما معه
-اهدءا ما بك ..استرح قليلا...
كأنه فهم من نظراتي الحازمة اليه توقف بجوارنا لحظات وصوب عيناه الى امتداد النظر صوب القطعة الصخرية الممتدة هناك عند الأفاق  وبدون شعور صارت أنظارنا تلتقي نحو المدى البعيد عند الجبل الصخري الشامخ وجدت أعداد من ناس القرى المحيطة بنا صارت خطاهم علي أعتاب الطرق النيسمية التي انشات بعفوية كاملة فسالت نفسي السؤال
-كيف أقيمت هذه الطرقات بشكلها العفوي..
الشمس علت في السماء وأصوات الناس تتزايد لنسج حكايات تتكرر يوميا لكنها قد تختلف بالمعني وبالمضمون آلا انها تصب في قالب واحد ليجيب عن كل أسئلتي التي تور في مخيلتي كل هذا الذي جري والذي سيجري من اجل هذا العلم الذي يرفرف عند قمة الجبل الذي أصبحت اليوم في احدي نقاط حراسته لأقول مع نفسي
-سيبقي الجبل هو الجبل وتبقي القضية نفس القضية...



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=79679
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2016 / 06 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15