ليس لان الديمقراطية تسمح لعدد من الافراد / او الكيانات ان تدرك حسب ، بل ان تحس و تشعر انها تدرك انها مسؤولة بالرد على اسئلة تمتد الى قرون ، و في مقدمتها : هل تستطيع الضربات بمعنى الزلازل الجديدة ، ان تحقق ما لم تحققه سابقاتها التي مرت على بلاد ما بين الرافدين من اثار شبيهة بعمل القضاء و القدر ، في الوقت الذي اصبح الانسان المعاصر اكثر حكمة و قدرة على تحليل الاسباب ، العلل و اكثر معرفة في ما ستؤول اليه النتائج .. ؟
فأسفار التاريخ تذكر ان شعب السواد استطاع تجاوز محن الطوفانات ومنها الطوفان الاكبر الذي يرى بعض الجيولوجيين انه حدث قبل سبعة الاف وخمسمائة عام فضلا عن محن او نكبات التدخلات التقليدية كالغزو ، و الاستيلاء على ممتلكات و مصادر اهل العراق و التحكم فيها لعقود او قرون !
فالتاريخ يروي بأدق مهارات الكتابة كيف كانت مدن العراق من اعالي الفرات الى ضفاف البحر تجدد حياتها و تباشر بأضافة حقبة حضارية لها قوانينها ، و انظمتها و نتائجها على صعيد المنجز التنموي ، و المعرفي و الجمالي و الانساني قبل شي مما سمح للمؤرخين ان كانو عراقيين ، او اجانبآ يستدلون بدراسة تعدد الحضارات الواحدة بعد الاخرى من سومر الى نينوى و من اكد الى اربيل و من بابل الى الحضر و من سبار الى الحضارة العربية الاسلامية ...
و لقد رسخ هذا النهج في الموروثات الجينية لدى السكان بأن الارض بمياهها ومدافنها و كنوزها و اثارها المعرفية والفنية لأصحاب الارض و ليس لأي اخر غريب لان الاخير مهما ابدى تعنتا و قسوة فأن الفعل الوحيد يرجع لأهل العراق من اعلى الفرات الى البحر سيعيدون محو مراحل الظلمات و الرداءة و الفتن و بناء زمنهم بالمنطق و الارادة والحكمة . فأذا كان بعض ( الديمقراطيين ) الجدد يرون ان تقسيم العراق الى شظايا و اجزاء دون النظر الى كل من لم يحقق واجباته تجاه الشعب فأنه لن يجد الحل عندما يتحول العراق الى دويلات مدن او الى قرى متناثرة لا يخسر فيها الجميع فحسب ، بل لا تجد الاجزاء المتناثرة بما كانت عليه قبل البعثرة و التشتييت، الا الى مزيد من التقسيم و الضياع . فلماذا ترعب الديمقراطية الحقيقية بصفتها منهجا في ادارة البلاد - اي بلاد - كما في البلدان الزاخرة بوحدة طوائفها ، و دياناتها و قومياتها و مذاهبها و ايديولوجيتها من الهند الى الولايات المتحدة الامريكية ، و من الصين الى المملكة المتحدة .. الخ . هؤلاء الذين لم يغفلو عن محاسبة المقصرين في ادارة شؤون بلدانهم في الخدمات ، و في الصحة و في التعليم و في التنمية البشرية والاقتصادية ، الى الفساد .. الخ .
فلماذا تبدو مشروعات تفكيك الارض و التاريخ و تقطيع الارحام وبتر الصلات و فصل الاعضاء .. الخ . خطوات للزهو و الفرح و الاحتفال ... ؟ ! و كأن تدمير العراق وحده سيغدو الانتصار الاكبر ! بدل ان نتذكر كيف نهضت الامم بوحدتها و بديمقراطيتها و بأحترامها لحقوق الانسان و هي تعمل تحت الشمس وليس في الظلمات !
العراق - بغداد